طارق الشناوي يكتب: (عاش اللى قال)!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


تصحيح لابد منه، أحيانًا تسيطر علينا مشاعرنا، وإن شئت الدقة، غالبًا ما يصبح للمشاعر الكلمة النهائية، نضيف معلومة ونغفل أخرى، اعتقادًا منا أنها ستصبح أكثر حلاوة، اليوم بالمناسبة يبلغ بليغ حمدى عامه التسعين، وأمس احتفلنا بمرور 48 عامًا على انتصار أكتوبر، بليغ بطل الألحان فى ملحمة العبور.

سنلاحظ أن أغنية (عاش اللى قال) لم تذكر اسم الرئيس محمد أنور السادات، البعض يحلو له أن يردد- حبًا فى بليغ- أنه رفض أن يغنى باسم الرئيس، لأنه عزَّ عليه اختصار الانتصار فى شخص الرئيس، أسوة بما كان يحدث فى زمن ناصر، وتردد أن التسجيل الأول كان يتضمن اسم السادات، وتلك بالمناسبة حقيقة، إلا أن الذى حذف الاسم هو الرئيس، الأغنية كما كتبها محمد حمزة ذكرت اسم السادات، كما أنها لم تغفل أسماء عدد من الملوك والأمراء العرب، وأرسلها وزير الإعلام عبدالقادر حاتم للرئيس السادات، الذى طلب حذف الأسماء والاكتفاء فقط بالإشارة إليه (عاش اللى قال الكلمة بحكمة وفى الوقت المناسب) وأيضًا للزعماء العرب (عاش العرب اللى فى ليلة أصبحوا ملايين تحارب).

السادات كان أقل نهمًا بكثير من عبدالناصر فى الرغبة للاستماع إلى اسمه، بطولة بليغ حمدى، هى فى إبداع هذا اللحن البسيط المبهج الذى سكن كل القلوب، ملحمة بليغ بدأت فى اللحظة التى ذهب فيها إلى (ماسبيرو)، بدون تكليف من أحد، وتوجس الأمن- فى زمن الحرب لا يمكن لأحد الدخول إلى المبنى بدون موافقة السلطات العليا- لولا أن الإذاعى وجدى الحكيم تواصل مع محمد محمود شعبان (بابا شارو)، رئيس الإذاعة، وتم إصدار تصريح استثنائى لبليغ ووردة والشاعر عبدالرحيم منصور، وعدد من أفراد الفرقة الموسيقية، والكورال ليتم تسجيل (باسم الله الله أكبر باسم الله)، ويعقبها (ع الربابة بغنى) لوردة مع بليغ وكلمات منصور أيضًا.

ويأتى بعد ذلك (عاش اللى قال) لتبتهج أرواحنا المتعطشة للفرح، ولم تكن الوحيدة التى رددها عبدالحليم لأكتوبر، له أيضًا (لفى البلاد يا صبية) تأليف محسن الخياط وتلحين محمد الموجى، و(صباح الخير يا سينا) تأليف عبدالرحمن الأبنودى وتلحين كمال الطويل، وتبقى الأغنية الملتبسة بين النصر والهزيمة (خلى السلاح صاحى)، اللحن به الكثير من الشجن بكلمات أحمد شفيق كامل وموسيقى كمال الطويل، قلت للأستاذ كمال الأغنية تبدو وكأنها تحمل جراح 67، قال لى إنها وُلدت فى أعقاب ما أطلقنا عليه (الثغرة) فى منطقة (الدفرسوار) 17 أكتوبر (73)، والتى أرادت إسرائيل استغلالها دعائيًا، حيث نفذت من خلالها إلى مساحة محدودة، من الضفة الأخرى، تمت تصفيتها بعد ذلك، فكان ينبغى أن نردد (خلى السلاح صاحى) بصوت عبدالحليم مع المجموعة.

على الجانب الآخر، لدينا أغنية قفزت من هزيمة 67 إلى انتصار 73 لتصبح هى العنوان ولاتزال.

كان بليغ حمدى والشاعر محمد حمزة عام 71 فى منزل شادية، لوضع اللمسات الأخيرة لأغنية (عالى عالى)، وأثناء الحوار قالت شادية وهى تغالب دموعها: (يا حبيبتى يا مصر)، التقطها حمزة وتدفقت نغمات بليغ وتم تسجيلها فى اليوم التالى، وغنتها شادية فى حفل ثالث يوم. طبطبت الأغنية على المصريين فى الهزيمة وأبهجتهم فى الانتصار، ولاتزال (يا حبيبتى يا مصر) من أرق وأبهج وأشجى ما غنينا لمصر!!.

[email protected]