ردًا على الأزهري.. خبير يكشف بالأدلة عن العدد الحقيقي للصحابة بمصر

أخبار مصر

بوابة الفجر


تُعد مصر من أبرز دول العالم احتضانًا لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والتابعين، والعلماء ونوابغ الأمة الإسلامية على مر تاريخها الممتد، وهو ما نال عناية من المختصين والمحققين عبر التاريخ عن عدد الصحابة الذين تواجدوا في مصر.

وكثرت الروايات والأقاويل في هذا الشأن، حتى تداول العديدين أرقام متباينة عن عدد الصحابة رضي الله عنهم الذين تواجدوا على أرض مصر ودفنوا بترابها، ومنهم الدكتور أسامة الأزهري والذي قال أن عدد الصحابة في مصر يصل إلى عشرة آلاف صحابي، وكذلك الإعلامي محمود سعد ببرنامجه الشهير والذي قال أن مصر مدفون بها 5000 صحابيًا.

وكما اعتدنا على صفحات بوابة الفجر الإلكترونية اللجوء دومًا للمختصين في مجالي الآثار والتاريخ كي نستوثق من المعلومة، حيث قال الدكتور إبراهيم العسال أستاذ مساعد الآثار والحضارة الإسلامية والإرشاد السياحي، وعضو اللجنة العلمية للتراث الثقافي بالاتحاد الاندلسي بأسبانيا، إنه لطالما بالغ الناس في أعداد الصحابة اللذين قدموا إلى أرض مصر.

وتابع العسال في تصريحاته إلى الفجر قائلًا، تلك المبالغات المقبولة، تكررت في كل البلاد التي دخلها الإسلام، وعادة ما يكون منبعها تعصب الكثير من أهالى تلك البلاد إلى أوطانهم، وإظهار مفاخر بلدانهم بدخول الصحابة رضي الله عنهم إليها، أما أهل العلم فلابد لهم أن يتريثوا قليلًا قبل ذكر مثل هذه الحقائق والتأكيد عليها.

وأشار العسال إلى أن الرقم الذي ذكره الدكتور أسامة الازهري يستحيل أن يقترب حتى من الصحة، وهذا يظهر للمتتبع للتاريخ الإسلامي منذ وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحتى دخول عمرو بن العاص إلى مصر وما بعدها إلى نهاية القرن الأول.

وقارن العسال بين أعداد الصحابة الإجمالي والذي أكد الحافظ أبو زرعة الرازي بأنه مائة وأربعة عشر ألفًا، بينما الخطيب البغدادي والجلال السيوطي أكدا أنه لا يمكن أن يزيد عن مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي المدينة ومكة ثلاثون ألف صحابي وفي بقية الأمصار ثلاثون ألفًا أخرى، أي أن إجمالي من توفى عنهم النبي صلى الله عليه وسلم كان 60 ألف صحابيًا.

وأضاف العسال، أنه ببمقارنة العدد الأصلي بالعدد إبان وفاة النبي، وبمقارنة العدد من بعد الوفاة بالأحداث العظام التي شهدت مقتلهم في المعارك التي داريت أيام خلافة خلافة أبو بكر الصديق وعمر رضي الله عنه، ووفاتهم لظروف مختلفة، فسنتأكد أن العدد به مبالغة كبيرة.

وسرد العسال عدد من النقاط التي تدلل علميًا على العدد الحقيقي للصحابة رضوان الله عليهم في مصر كما يلي:

١- أول محاولتين جادتين لإحصاء ومعرفة عدد الصحابة اللذين نزلوا أرض مصر كانت لعلي بن المديني في ٢٣٤ه‍ في "معرفة من نزل من الصحابة سائر البلدان"، ثم كتاب "تاريخ الصحابة الذين نزلوا مصـر"، لمحمد بن الربيع الجيزي في ٣٢٤ه‍.

٢- تعددت بعد ذلك محاولات العلماء لإحصاء الصحابة اللذين نزلوا مصر على مستوى العدد والاسم ومنهم ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وتاريخ ابن يونس وطبقات ابن سعد إلى أن جاء الجلال السيوطي في القرن العاشر واعتمد على كل الدراسات السابقة (مما ذكر في مقدمته) ليقدم لنا كتاب جامع لهذا المبحث "در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة".

٣- عد السيوطي -المتمرس في الجمع والتصنيف- في إحصائه من سكن مصـر، ومن شهد فتح مصـر، ومن نزل مصـر، ومن كان عداده في المصـريين، ومن هو مصـري له صحبة، ومن قدم مصر، بل ومن كان من أهل مصر، ومن دخل مصر، بل من صحَّتْ صحبته، أو اخْتُلِفَ فيها، ممن وُلِد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو أدركه ولم يره، كل هذا وصل إلى ثلاثمائة وخمسين اسمًا فقط لاغير منهم ثلاثمائة وواحد وأربعون اسما مُصَرّحًا به، وسبع نساء، واسمان مبهمان.

٤- كتاب "در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة"، أدرجه الإمام السيوطي في كتابه: "حسن المحاضرة في أخبار مصـر والقاهرة" وجعله فصلا منه سماه: "ذكر من دخل مصـر من الصحابة" وبمراجعته تبين وجود ثلاثة صحابة غير واردة في كتابه الأول، فبلغ عدد من دخل مصر من الصحابة 353 اسمًا على أقصى تقدير.

٥- ذكر الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" أن الصحابي الجليل عبد الله بن الحارث كان أخر من توفى من الصحابة في مصر في قرية صفط تراب في الغربية سنة ست وثمانين وهو آخر الصحابة بمصر موتًا، وتلقبه مراجع التاريخ بشيخ المصريين، اي لم يعش في مصر بعد هذا التاريخ اي صحابة.

وختم العسال الأستاذ المساعد في الآثار والحضارة الإسلامية، كلماته قائلًا، لا يمكن الاعتماد على الروايات الغير محققة في سرد وقائع التاريخ، وخاصة ما قد يُحدث منه بلبلة لا طائل منها ولافائدة، ففخر مصر في تاريخ الإسلام لا يضاهيه فخر ولا يحتاج إلى أن نتباهى بما ليس فينا، وما فينا أصلا ليس عند سوانا.