منال لاشين تكتب: انتخابات النقابة حياة أم موت؟

مقالات الرأي




حاول النقيب ومجلس النقابة أن يتم إجراء الانتخابات فى «عبد الخالق ثروت» وإغلاق الطريق حفاظا على صحة الـ10 آلاف صحفى وأسرهم

كان السياسى الشهير ورئيس الحكومة البريطانى تشرشل يكره الصحفيين جدا، وذات يوم مات سياسى معارض وفقير، وقرر زملاؤه أن يجمعوا أموالا لدفنه، فذهبوا لتشرشل وطلبوا منه جنيهًا إسترلينيًا، فأخرج عشرة جنيهات، وقال لهم : ادفنوا عشرة صحفيين.

تذكرت هذه القصة الحقيقية وأنا أتابع انتخابات نقابة الصحفيين، فالحكومة لا تريد إقامة سرادق بجانب النقابة بحجة الحفاظ على الصحة، فى حين أن حبس أكثر من 4 آلاف صحفى فى مكان ضيق سيئ التهوية هو المرض بذاته.

وقد حاول النقيب ومجلس النقابة، بدءا من القضاء ممثلا فى مجلس الدولة، ثم الحكومة، أن يتم إجراء الانتخابات فى شارع عبد الخالق ثروت وإغلاق الطريق جزئيا لمدة 12 ساعة فقط حفاظا على صحة الـ10 آلاف صحفى وأسرهم.

ولكن يبدو أن صحة الصحفى لا تهم الحكومة أو ربما بمنطق تشرشل فإن الانتخابات فرصة تاريخية للتخلص من عبء سياسى واقتصادى ووجع دماغ.

وترجع أهمية هذه الانتخابات على المستوى الشخصى إلى أننى بدأت انتبه إلى أن عدد مرات الانتخابات التى سأشارك فيها بصوتى بدأ يهبط ويقل نظرا لعامل السن، ولذلك جاءتنى نوبة شجاعة دفعتنى إلى التمسك بالمشاركة فى الانتخابات سواء فى النقابة أو فى الشارع أو فى المستشفى، فهذه الانتخابات انتخابات وجود، وخاصة بالنسبة لمقاعد المرشحين على العضوية.

فنحن أمام وضع صحفى شديد الخطر والبؤس فى كل الاتجاهات، فالحريات فى أسوأ أوضاعها نظرا لمعاناة المجتمع من الإرهاب، مما يجعل قضية حرية المعلومات أقل أهمية حتى لدى المواطنين، ومن ثم لم تعد قضية حرية الصحافة تجد مناصرين لها لدى فئات كثيرة فى المجتمع، والحرية بالنسبة للصحافة هى المكون الأساسى أو كما يقولون روح المهنة.

وهناك أيضا الأزمة الاقتصادية التى تلم بالصحفيين من كل الصحف والمواقع والتى زادت بعد جائحة كورونا.

كما أن المهنة باتت مهددة بالتراجع عالميا بسبب المخاوف المنتشرة من انتقال العدوى من ورق الصحف، وهى مخاوف مستمرة لعدة سنوات مقبلة على الأقل..

وتعيش الصحافة الورقية فى مصر أزمة جمود نتيجة لعوامل كثيرة أثرت فى تراجع وتقادم البنية الصحفية مقارنة بما شهدته من طفرات فى الخارج أجنبيا وعربيا.

وتهاجم الصحف من مواقع التواصل الاجتماعى، فالخبر يبث فى ثانية واحدة، ولكن الأخطر أنه لا يمكن التأكد من الخبر على مواقع التواصل الاجتماعى، فالخبر يختلط بالشائعة والحكاية والرأى والمعتقد بالأمنيات.

ولهذا فإن مواقع التواصل الاجتماعى لم ولن تنهى الصحف الورقية لأن التحليل الجاد من كاتب موثوق به هو المطلب الأكثر شعبية بعد شحنة الأخبار السريعة المتراكمة.

كما أن المواقع والصحافة الإلكترونية لم تنه عادة قراءة الكتب الورقية سواء كانت كتبًا أو روايات.

ومن هنا فإن عادة القراءة لم تمت وستظل عالميا.

ولكن صحوة الصحافة المحلية تحتاج إلى صدق نوايا، وإرادة مجتمعية وحكومية شاملة لتستعيد الصحافة رونقها وتأثيرها المحلى والعربى والعالمى، لأن انهيار مستوى الصحافة وضرب مصداقيتها لن يدفع ثمنها الصحافة المصرية أو الصحفيون المصريون فقط، بل إنها تضعف من القوى الناعمة المصرية، والصحافة يمكن أن تكون أحد أسلحة القوى الناعمة لمصر فى الوطن العربى، أيام كانت الأهرام تقرأ فى كل العواصم العربية والعالمية.

وأقول للشامتين فى مستوى الصحافة الآن، والفرحين فى حال الصحافة، أنهم أول من سيدفعون ثمن هدم المعبد الصحفى فيما بعد، بأقرب مما يتصورون.

عاشت حرية الصحافة

عاشت حرية الصحافة

عاشت حرية الصحفيين