وزير العدل الأسبق لـ"الفجر": طهرت الوزارة من الموالين للإخوان

المستشار عادل عبدالحميد،
المستشار عادل عبدالحميد، وزير العدل الأسبق


أرفض العمل السياسى لأنه قائم على المصالح وعدم المكاشفة.. وأقبل أى تكليف لخدمة مصر

رفضت الاشتراك فى لجنة وضع الدستور لأننى كنت أتوقع الحكم ببطلانها


تولى المستشار عادل عبدالحميد، وزير العدل الأسبق، منصبه فى فترة شديدة الصعوبة والتعقيد إذ شغل حقيبته مع ثورة 25 يناير وهو ما تكرر مرة أخرى مع ثورة 30 يونيو، لذا كان البعض يصفه بأنه «وزير الثورتين»، خصوصاً أنه كان وزيراً للعدل فى حكومة كمال الجنزورى، ثم حكومة الدكتور حازم الببلاوى، بعد ثورة يونيو، والأخيرة اتخذت قرارات صعبة وأصدرت عدداً كبيراً من التشريعات لتسيير الحياة فى البلاد. إلى نص الحوار:

■ عرفت بوزير الثورتين لتواجدك كوزير للعدل وقت ثورتى يناير ويونيو. فما تقييمك لهذه الفترات؟

- فى عام 2011 كنت عضواً فى حكومة الدكتور الجنزورى، وهى فترة شهدت مظاهرات فئوية وصلت إلى مقر مجلس الوزراء والبرلمان ووزارة العدل وكان الوضع غير مستقر، وكان الشباب يتظاهرون أمام وزارة العدل للمطالبة بالتعيين وكنت أحاول تخفيف مشاعر غضبهم وألتقى ممثلين عنهم، بجانب قضية التمويل الأجنبى التى كانت أبرز الأحداث، كما توليت الوزارة عام 2013 فى حكومة حازم الببلاوى، بعد رحيل جماعة الإخوان وكانت مرحلة صعبة.

■ ما أول قرارتك بعد توليك الوزارة عام 2013؟

- أنهيت ندب عدد من رؤساء القطاعات بالوزارة والذين لهم علاقة بالإخوان، واخترت طاقما جديدا.

■ ما الفرق بين حكومة الجنزورى وحكومة الببلاوى؟

- حكومة الجنزورى الأولى كانت حكومة إنقاذ لفترة محددة، وقامت بدورها وهو إجراء الانتخابات الرئاسية، بالتنسيق مع المجلس العسكرى، أما حكومة الببلاوى فجاءت بعد خروج الإخوان، وأصدرت تشريعات هامة أبرزها تعارض المصالح لمسئولى الدولة وقانون حماية المبلغين الشهود، وتعديلات قانون العقوبات والمساواة فى التقسيم بين أموال الشركات الأموال العامة وشركات القطاع الخاص فيما يتعلق بجريمة الاستيلاء على المال العام، وقانون عن التظاهر ومشروع قانون تداول المعلومات الذى لم يصدر بعد.

■ لماذا رفضت الاشتراك فى اللجنة التأسيسية لتعديل الدستور؟

- رفضت الاشتراك فى اللجنتين الأولى والثانية لوضع الدستور لأننى كنت أتوقع أن يحكم القضاء ببطلان تشكيلها وهو ما حدث، ولم أحضر جلسات اللجنة الثانية التى كانت وقت حكومة الجنزورى وفق منصبى كرئيس لمحكمة النقض.

■ ناقشت قانون تداول المعلومات منذ عام 2013 ولم يذهب للبرلمان حتى الآن فما السبب؟

- وضعنا مشروع القانون كوزارة عدل وحرية تداول المعلومات من حقوق الإنسان، وكان يجب مرعاة مقتضى سلامة الدولة للأمن قومى لتحديد الجهات المستثناة من تداول المعلومات، وهو من القوانين التى تساهم بشكل فعال فى مكافحة الفساد، ولكن البرلمان لم يناقشه، وهو أحد الملفات التى أعطتها أهمية.

■ اهتممت بقضايا مكافحة الفساد فما هو سر طول مدة بقاء هذه الملفات فى جهاز الكسب غير المشروع؟

- قضايا الكسب والاستيلاء تتأخر لأنها تمر بالعديد من الحلقات، بداية من الاطلاع على أوراق ومستندات وملفات ومراحل التحقيقات بها طويلة مع إثبات التهم بكافة طرق الإثبات التى ينص عليها القانون مع إجراءات سماع الشهود والإطلاع على المستندات وإرسالها لمكتب الخبراء.

■ كيف ترى خطوة الاختبار النفسى للمرشحين لعضوية الهيئات القضائية؟

- خطوة جيدة وتدخل فى مهمة مجلس القضاء الأعلى الذى يتولى اختيار أعضاء النيابة العامة، من خلال المقابلة الشخصية والتحقق من طريقة الكلام والهيئة والأسلوب، لأن هناك حالات نفسية قد تؤثر على القاضى، لا يستطيع أحد معرفتها من خلال مظهره ولكن من خلال متخصصين.

■ كيف ترى مطالبة سامح عاشور نقيب المحامين بتطبيق نص القانون بتعيين 25% من المحامين سنوياً فى القضاء؟

- تم تطبيق هذا النص القانونى بالفعل فى الماضى على بعض عناصر المحامين مثل المستشارة تهانى الجبالى، وآخرين ولكن حالياً مع كثرة خريجى كليات الحقوق،الأولوية لأوائل الكليات.

■ كان هناك اقتراح بنقل التفتيش القضائى من وزارة العدل لمجلس القضاء؟

- كل شىء فى التفتيش القضائى يخضع فى النهاية لرقابة مجلس القضاء الأعلى، والوزارة لا دخل لها بالمساءلة القضائية لأى قاض بمن فيهم مستشارى التفتيش القضائى لأنهم خاضعون لرقابة المجلس.

■ هل فكرت فى الترشح للبرلمان؟

- بالفعل تلقيت عرضاً للترشح ضمن قائمة حزبية فى وقت سابق، ورئاسة أحد الأحزاب، ولكن هناك فرق بين العمل القضائى والعمل السياسى، لأن نشأة القاضى تجعله غير متوائم مع العمل السياسى القائم على الخبايا والمصالح وعدم المكاشفة، والعمل وراء الكواليس، ولكن لو تم تكليفى بأى دور لخدمة البلد لن أتأخر.

■ كيف ترى المنظومة القضائية فى مصر وكيفية إصلاحها فى ظل ما تعانيه من مشاكل؟

- القضاء فى كل العصور كان مبعث فخر واعتزاز من شعب مصر، لأنه أرسى قيم وتقاليد وأخلاقيات العدالة، ولدينا مشاكل نعانى منها أبرزها تكدس القضايا التى تؤدى إلى بطء التقاضى فى ظل قلة عدد القضاة، وكنت من خلال منصبى أحاول تطوير منظومة العمل القضائى وتطوير الأجهزة الرقابية وميكنة البنية الأساسية للمحاكم، وتسهيل وصول المتقاضين لخدمات العدالة المتعددة عن طريق الإنترنت، وقطعنا شوطا طويلاً فيما يتعلق بهذا التحديث.

■ تحدثت عن مشكلة قلة عدد القضاة فما الحل؟

- فى وقت تعيينى كوكيل نيابة كان عدد القضاة لا يتجاوز 3 آلاف شخص، حالياً مع تضاعف العدد، ولكنه ليس كبيرا مع الكم الهائل من القضايا، ما يسبب ببطء إجراءات التقاضى نتيجة تراكم عدد القضايا، لذا نحتاج لزيادة عدد القضاة وتعيين دفعات جديدة فى كافة الجهات والهيئات القضائية، لأن 11 ألف قاض لا يناسب 100 مليون مواطن.

■ كيف يتم الإصلاح القانونى لحل أزمة بطء التقاضى؟

- التغلب على مشكلة تكدس القضايا يتطلب إجراءات تشريعية تتواءم مع التطبيق القانونى الحديث لنصوص الدستور، وأبرزها إجراء تعديلات قانون الإجراءات الجنائية.

■ هل نعانى من مشكلة فى استقلال القضاء؟

- القاضى لا سلطان عليه سوى ضميره والقانون، والقضاة لدينا مستقلون ولا سلطان عليهم.

■ كيف ترى علاقة السلطة القضائية بالتنفيذية وما علاقتك بالرؤساء من الرئيس حسنى مبارك حتى الرئيس عبدالفتاح السيسى؟

- علاقة احترام وتقدير ففى عهد مبارك احتفلت باليوبيل الفضى لمحكمة النقض بمناسبة مرور 25 سنة على عودة مجلس القضاء الأعلى، بعد توقيع مبارك على القانون الخاص به، وكان مبارك يقدر القضاة ويحترمها، حيث قابلته عند حلف اليمين الدستورية وقت تعيينى كرئيس محكمة النقض، ودعوته للاحتفال باليوبيل الفضى لمحكمة النقض، حضر بالفعل استجابة للقضاة بعد فترة انقطاع. وفى فترة محمد مرسى كانت العلاقة متوترة بالقضاة وكانت فترات مظلمة، حيث قابلته فى إحدى المناسبات بحضور الرئيس السيسى، حيث كان وقتها وزير الدفاع، قولت له إن القضاة غاضبون بسبب الإعلان الدستورى وحصار المحكمة الدستورية وإهانة أحد القضاة ويجب إزالة هذا الاحتقان، فأومأ برأسه موافقاً لكنه لم يتحدث. أما الرئيس السيسى فعلاقته بالقضاة قائمة على التقدير فهو يدعم استقلاله.

 كيف يتم الإصلاح القانونى والتشريعى لحل أزمة بطء التقاضى؟

- التغلب على مشكلة تكدس القضايا يتطلب إجراءات تشريعية تتوائم مع التطبيق القانونى الحديث لنصوص الدستور الجديد، فنحن مع استحداث أليات حديثة للإرتقاء بمنظومة القضاء وأبرزهم إجراء تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، الذى لم يتم إصداره حتى الآن، فهو يمثل قانون الحريات لما به من ضمانات، فسوف يساعد على حل مشكلة تراكم القضايا وبطء إجراءات التقاضى.

 مشكلة التناقض بين القوانين وما حلها؟
 
- مع كثرة التشريعات والقوانين يوجد تناقض فيما بينها، مما يجعلها تحتاج لتنقية ومراجعة لإزالة التناقض والتعارض بين نصوص القوانين خصوصاً القوانين المخصصة مثل قوانين المحلات التجارية، وقانون الأغذية وغيرها .

 تقيمك لأداء البرلمان المصرى وما يصدره من تشريعات؟

- البرلمان يقوم بدور تشريعى مهم ، خصوصا أننا فى مرحلة تطور فيجب استخدام أليات قانونية عن طريق الوساطة القضائية، هذا النظام ليس موجود فى النظام المصرى رغم أنه يحقق عدالة ناجزة وسريعة ويضمن الحفاظ على أطراف المنازعة فيما بينهم، فالبرلمان يقوم بدور جيد ويجب الدفع نحو تقوية البرلمان ليؤدى دوره فيما يتعلق بالرقابة على أداء الحكومة والجزء التشريعى وإصدار التشريعات الهامة خلال هذه الفترة من الإجراءات الجنائية والأحوال الشخصية، وقانون المحليات بإعتباره من القوانين المهمة التى تتعلق بالحياة المعيشية للمواطن ، لوجود مجالس محلية تراقب أداة الحكومة.

 ما زال اختيار دفعات الهيئات القضائية الجديدة يخضع للوسطة ويتم استبعاد البعض بسبب مؤهل الوالدين ؟

- فى الفترة التى توليت بها كان الاختيار يتم للأكفء وحسن السمعة، وليست معايير أخرى ، فعدم قبول البعض قد يرجع لأسباب أخرى، بعض خريجى الكليات كانوا يحصلوا على تقديرات عالية ولا يعينوا فى النيابة لكثرة أعداد الأوائل فى الكليات بما لا يتناسب مع المطلوب من الوظائف، فكل جامعة لها حصة معينة من التعين على حسب عدد الطلاب، حتى يتم توقيع الرئيس لإصدار القرار الجمهورى بشكل استشارى ومجلس القضاء هو من يتولى اختيار الأعضاء.