"المزمار البلدي والربابة".. تراث صعيدي يواجه المهرجانات الشعبية (صور وفيديو)

محافظات

بوابة الفجر


أصوات نغمات تطرب الآذان، وتدخل البهجة والسرور، وقصص وحكايات قديمة، وقصائد مدح وغزل، تخرج من أوتار وفتحات تلك الآلآت الموسيقية، بينما يلتف الجميع حولها في حلقات دائرية، احتفاء بذلك التراث الأصيل، فما زالت الربابة والمزمار البلدي الصعيدي، تراثًا شعبيًا وفنًا أصيلًا يواجه الإندثار والمهرجانات الشعبية في الصعيد.
فنون صعيدية
في البداية يقول الريس حسين، قائد إحدى الفرق الموسيقية للربابة، إن الرَبَابَة تعتبر آلة موسيقية مصرية، موجودة منذ القدم، وهي آلة وترية ذات وتر واحد، يستعملها الشعراء المداحون، خاصة هنا بصعيد مصر، مصنوعة من مكونات البسيطة، مثل خشب الأشجار وجلد الماعز أو الغزال وشعر الخيل، وتناقلتها العديد من الدول العربية.
ويشير حسين، في تصريحات لـ"الفجر"، إلى أن فن الرباب هو فن صعيدي خاص بسيرة الراحلين، أو قصص الأبطال مثل: "الزناتي خليفة، وسيرة بني هلال" فهي من أقدم الفنون الفلكورية التي تمثل التراث القديم، وتمثل طابع تراثي وهوية أهل الصعيد.
تاريخ لا يمكن محوه
ويوضح أن الشباب مؤخرًا أصبح لا يُقدر هذا النوع من الفنون الأصيلة، دون أي اهتمام، بل اتجهوا إلى الأغاني الشعبية و"المودرن"، نظرًا لأنهم يحبون الأصوات العالية والكلمات التي لا تحمل أي معنى أو مغذى، مبتعدين عن فن "الموال"، مؤكدًا أن الربابة هي التي ستربح في النهاية فنحن نمثل تاريخ لا يمكن محوه أو تشويهه.
مصدر البهجة والسرور
الريس عاشور، قائد إحدى فرق المزمار البلدي، لم يختلف خاله كثيرًا عن الريس حسين، الذي أوضح أن المزمار البلدي أو الصعيدي، هو مصدر البهجة والسرور في جميع مراكز ومحافظات الصعيد، خاصة وأنه يكثر تواجده في المناسبات والمحافل الكبيرة، وموالد أولياء الله الصالحين.

ويتابع الريس عاشور في تصريحاته لـ"الفجر"، أن المزمار البلدي، يتناقله الأبد عن والده ويمرره لأبناءه ومن بعدهم كذلك، فهو تراث لا يمكن التفريط فيه، فهذا الفن الاصيل نقدمه منذ قديم الأزل، خاصة وأن محافظة قنا صدرت وأنجبت أقدم من قائدي ذلك الفن الشعبي الأصيل حتى توارثت الأجيال مهنة الأباء والأجداد بداية من الفنان الراحل سيد الضوي، والريس عبداللاه وغيرهم الكثير والكثير.

ويؤكد الريس عاشور، أن المزمار له خصوصية كبيرة عند أهالي الصعيد، التي حاولت الفرق الحديثة دمجه معها، لتكتسب رونقًا مختلفًا عبر دمج القديم والحديث، ليضفي عليها لمسة جمالية تراثية، ولكن ما زال المزمار يتفرد بأغاني ونغمات خاصة منها الضوء الشارد، وذئاب الجبل، التي يتجمع حولها المئات من الأهالي عند عزفها.

موسيقى سهلة
يقول الدكتور مصطفى رشدي، باحث في التراث، أن الموسيقى الصعيدية، تنمو وتتطور وتتميز ببساطة مكوناتها وسهولة أدائها، وهي رغم بساطة مكوناتها تحمل قيمًا جمالية وفنية عالية، وتعتمد بصفة أساسية على الغناء الذي يجري على إيقاعات موزونة وزنًا موسيقيًا، يساعد الناس على تمثلها وترديدها في سهولة ويسر ودون مشقة.

أنواع الآلات
ويشير رشدي، إلى أنه بالنسبة لآلة الربابة فهي تصدر صوتا يحاكى الآنين، وهي لها سبعة أشكال من الربابة وهي: المربع، المدور، القارب، الكمثري، النصف كروي، الطنبوري، الصندوق المكشوف، أما المزمار البلدي الصعيدي، فهو عبارة عن أنبوب أسطواني مجهز من خشب المشمش ويتدرج في الاتساع من أحد طرفيه لينتهي على شكل بوق أو جرس، ويشيع استخدامه في إطار فرق موسيقية تساهم بصورة أساسية في إحياء حفلات العرس وفي مصاحبة ألعاب "التحطيب".
محاولة النجاة
ويؤكد الباحث، أنه على الرغم من انتشار المهرجانات الشعبية في قرى الجمهورية، إلا أن قرى صعيد مصر خاصة تحاول أن تنجوا من هذا الاجتياح، من خلال الإكثار من انتشار الحفلات التي يحيها الفرق الموسيقية الصعيدية في الزفاف والخطوبة والحج والموالد، وغيرها من الأفراح والمناسبات.