هل بات العراق على أعتاب تغيير كامل؟.. "الفجر" تكشف في حوار خاص مع الكاتب والمحلل السياسي العراقي "هلال العبيدي"

عربي ودولي

هلال العبيدي
هلال العبيدي


مظاهرات عارمة، ورفض قاطع للطبقة السياسية الحاكمة في العراق، لم تنقطع تلك المظاهرات والاحتجاجات على الرغم من أنهار الدماء والأشلاء التي تزكم الأنوف، يتخلله إصرار صلد على تغيير المشهد في العراق، لا سيما بعد الانقلاب الواسع والكبير في العلاقات الإيرانية الأمريكية والتطورات التي بلغت ذروتها بمقتل قاسم سليماني، وهو ما انعكس بالتأكيد على المشهد العراقي، لتفرض الأسئلة نفسها بخصوص آفاق المشهد في العراق.

"الفجر" التقت الكاتب والمحلل السياسي العراقي "هلال العبيدي"، في حوار خاص من باريس حول الأوضاع في العراق، وماذا بشأن التوقعات المستقبلية بعد هذا الكم الهائل من التطورات.

وإلى نص الحوار:-

ما هي الدلالات والعلامات التي تراها فيما يخص تغيير المشهد في العراق؟
هناك دلالات وعلامات كثيرة منها دخول المتظاهرين وضغط الشارع العراقي على الطبقة السياسية وكذلك رفع الغطاء الأمريكي عن بعض الجهات السياسية التي كانت تمسك العصا من الوسط وهي المحسوبة على الطرف الإيراني الذي يدخل في إشكالات عديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي انتهت بسحب غطائها عن تلك المليشيات، كما أن هناك إشارات متعددة بخصوص القوى الدولية الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط والتي تريد الخروج بحلول  لا تصب في صالح إيران خاصة أنها على خلاف مع طهران بشأن الملف النووي، بما يؤكد أن هناك إشارات كبيرة بوجود قوى سياسية على الأرض خارج نطاق القوى السياسية التي كانت موجودة منذ 2003.

من هم الأشخاص الذين تتوقعون بشأنهم التغيير وما هي الأوجه التي يمكن أن تحل بدلا منهم؟
الأشخاص الذين سيطالهم التغيير هم كامل المحور الإيراني الفاعل في العراق، ومنهم هادي العامري، وحيدر العبادي، وقيس الخزعلي، ومقتدى الصدر، كل هذه الوجوه ستتغير ولكن لا يمكن التكهن بمن سيحل بدلاً منهم.

هل الشارع العراقي يوجد به قوى فاعلة تستطيع أن تغير حقيقة من واقع العراق؟
بالفعل هناك قوى سياسية تتبنى مشروع وطني عراقي، وهو مشروع عابر للطائفية والمحاصصة، هذه القوى لا تزال موجودة في الشارع العراقي وعلى الساحة ويعرفها العراقيون جيداً، خاصة أنها لم تشترك في عمليات الفساد الدائرة، مع الإشارة إلى أنها شاركت في الانتخابات الأخيرة، كواجهة شكلية بسبب الانتخابات التي تضمنت عمليات تزوير كبيرة، لكنها حافظت على جمهورها وموقعها بالساحة ولم تشترك بصفقات البيع والشراء.

في رأيك.. هل سيتخلل هذا التغيير نوع من الحرب بين الولايات المتحدة وبين مليشيات إيران؟
بالتأكيد لن يكون من السهل تنحية المحور السياسي الإيراني أو المليشيات، خاصة أنها تمتلك السلاح والمال، ولهذا تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إضعافها اقتصادياً في البداية لإضعافها ومن ثم القضاء عليها مع التأكيد أن هناك قوى في الداخل العراقي تؤيد خطوة التغيير هذه، وخصوصاً إذا استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية الوقوف إلى جانب بعض القوى التي تريد العودة بالعراق إلى حضن عربي أو إلى وضع إقليمي متوازن وليس تابع لإيران.

كيف تقرأ رد الفعل الإيراني على إجراء مثل هذه التغييرات في العراق وكيف تقرأ آلياتها في الحفاظ على عملاءها؟
إيران لا تملك سوى السلاح والاغتيالات لمن يعارضها، كما تحاول كسب عملاءها عبر الأموال والمناصب، وهذه الأدوات كلها باتت معروفة لدى الجميع، لا أظن أن إيران تستطيع أن تفعل شيئاً خاصة مع فقدان أبرز قيادتها في الخارج وهو قاسم سليماني، بما يشير إلى أن إيران لا تمتلك أدوات كثيرة للمناورة بقوة.

هل يمكن القول بأن هناك أي فرص للنظام الإيراني يمكن من خلالها إحياء وكلاءه مرة أخرة؟
ستحاول إيران تقوية المحور التابع لها في العراق بكل قوة، لكن حظوظهم ستكون قليلة في إنقاذهم خاصة مع الوضع في الاعتبار ما تفعله الجماهير الغاضبة والانتفاضة المستمرة والرفض التام لهذه الطبقة السياسية التي فشلت فشلاً ذريعاً في الكثير من الملفات، خاصة ملف الخدمات والتعليم والبنية التحتية والتأمين الصحي، وغيرها نتيجة فساد تلك الطبقة السياسية التابعة لإيران.

هل يمكن القول بأن هذه التغييرات هي إرادة أمريكية في التراجع عن ترك العراق بالكلية لإيران؟
الولايات المتحدة باتت مصرة إصراراً كبيرا وتريد أن تتحالف من جديد مع طبقة سنية وشيعية، وهذه الطبقة هي موجودة بالشارع العراقي ولكنها تحتاج إلى دعم أمريكي وأوروبي، وهذا الدعم بات يلوح في الأفق من خلال بعض التفاهمات ولدي بعض الإطلاع عليها مع التأكيد أن القيادات القديمة رفضها الشارع العراقي تماماً.

إذا كانت هذه التغييرات سببها تقليل نفوذ إيران في العراق، فكيف ترى آفاق المواجهة الأمريكية الإيرانية مستقبلا؟
لا أظن أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الدخول في حرب مع إيران، الإيرانيون كذلك لا يستطيعون ولا يريدون الدخول في حرب مع الولايات المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية تريد الإبقاء على تلك العقوبات الاقتصادية وتشدد في كل مرة تلك العقوبات، مع نظرتها إلى الداخل الإيراني وتكوين علاقات جيدة مع الشعب بهدف تحقيق انهيار النظام بأيدي الإيرانيين أنفسهم، من خلال تقديم الدعم الكافي.