"بصفيح وعمود على الكتف".. مياه بئر عين الدار بالخارجة تروي أجيال

محافظات

عين الدار
عين الدار


رصدت «بوابة الفجر»، صور نادرة لأقدم بئر أو عيون مياه الشرب بمدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، والذى يعد هو أول بئر نشأ قديمًا "عين الدار" وكان يقع داخل أسوار مدينة الخارجة القديمة.

وكان البئر مجاورة لدرب السندادية وحارة الادارسة بالمحيبس القبلي، وكان يشرب منها الناس على مدار 24 ساعة طوال اليوم حاملين على أكتافهم صفيحتين وعمود حتى يستطيعون حمل الصفيحة به، دون توقف حيث أنها من العيون (الجارة) للمياه طبيعية والتى كانت المصدر الوحيد للشراب بمدينة الخارجة.

فكان الأطفال والنساء يوميًا يقطعون مسافات كبيرة جدا وسط الغرود "التلال الرملية"، ليملئوا منها الأواني لتزويد منازلهم بها، وتتميز عين الدار بمياهها الباردة صيفا والدافئة شتاء بالإضافة إلى قربها من منازل البعض لذلك كان الجميع سعداء بها وكان العين في دارهم.

وكان السقا يملاء منها القربة يوميا ويطوف بها الأحياء البعيدة في ذلك الوقت مثل شرق البلد والحصة والشيخ ميمون وغيره وذلك مقابل مبلغ زهيد من المال لا يتعدى القروش، كانت هناك بعض عيون المياه الأخرى المتزامنة مع عين الدار مثل (بئر الجبانة) (بئر الصحة) (مشربية غيث) بمدينة الخارجة، واستمرت مياه عين الدار في التدفق حتى تأثرت بالعيون التى تم حفرها قبلي العين مثل عين الشيخ وتم تركيب عليها ماكينة رفع للمياه إلى أن نضبت تماما في نهاية الثمانينيات وصارت مطموسة حتى الآن ولكن لايزال مكانها باقيا.

وتعد عين الدار من العيون التاريخية بالواحات الخارجة، والتى سرد في جنباتها الكثير من الحكايات والقصص في الماضى ولاتزال في قلوب الكثيرين من أبنائها، وفي الواحات القديمة رغم الدروب الملتفة والحارات الضيقة، ورغم أنه كان يتم اختيار من يعملون في هذه مهنة السقا وممن هم كفيفي البصر، إلا أنهم كانوا يعرفون الطريق دون دليل، فالعبرة كانت بالبصيرة لا بالبصر.

في أوائل الثمانينيات لفظت مهنة السقا أنفاسها الأخيرة وبعدها نضبت العيون الجارية من الواحة ( عين الدار ) وبعد أن ظلت مئات السنين تروى ظمأ الناس بالماء البارد في الحر الشديد.

ويعد حاليًا حي "عين الدار" من أحياء الخارجة القديمة بالوادي الجديد، ومعظم المباني من الطوب اللبني والشوارع ضيقة ومتعرجة ومسقوفة بخشب الدوم أو النخيل، وكان لكل شارع بوابة تغلق عند حدوث أي عدوان من البدو، وبنيت في القرن العاشر الميلادي على طراز إسلامي، تتوسطها عيون الماء وسميت بعين الدار لوجود عين مياه بها يسمى "عين الدار".

ويوجد بالحي مسجد عين الدار الذي بني حديثا، فضلا عن وجود مسجد عتيق من العصر الأيوبى يسمى "مسجد المحيبس" ولم يتبق منه إلا المئذنة والتي مازالت متواجدة إلى عهدنا هذا، وتعتبر أحد معالم مدينة الخارجة والبالغ طولها أكثر من 20 مترا.

وقال، احد سكان الحي،الشيح احمد جاد، إن حي عين الدار توجد به حارة تسمى حارة الأدارسة، وهي إحدى الحارات المتفرعة من منطقة عين الدار القديمة وتربط بين مسجد المحيبس القبلي وبين عين الدار، وتمت تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى عائلة الأدارسة التى استوطنت مدينة الخارجة سنة 300 هجرية من جهة زهون غربي تونس.

وأضاف، الشيخ احمد، أن هناك عدة دروب وحارات أثرية أخرى لأهل الواحات قديما فى العصور الأيوبية، منها مسجد المحيبس، وعلى الرغم من عمليات الإحلال والتجديد التى تمت للمسجد فى عام 2001، إلا أن مئذنته العريقة مازالت كما هى، رغم أنها لا تتبع وزارة الآثار إلى الآن، إلا أن أهالى الحى حافظوا على قيمتها الدينية والتراثية والأثرية إلى وقتنا هذا. 

وأوضح، رمضان عبده احد سكان الحي، أن حي عين الدار يعتبر أقدم حي في الخارجة القديمة، وأهم ما يميز الحي مئذنة المحيبس المشيدة من الطوب اللبن على الطراز الأيوبي وتتكون من عدة طوابق يتم صعودها عن طريق سلم دائرى حلزونى من الخشب. 

وأشار عبدوه، إلى أن أهالي عين الدار مازالوا متمسكين بتلك المئذنة التى مازالت تؤدى دورها إلى الآن، إلا أن خوفهم من سقوطها بسبب عدم اهتمام المسئولين بها أو ترميمها هو ما يؤرقهم لأن المئذنة بالنسبة لهم تعد قيمة تمثل تاريخ حي عين الدار.