والدة الشهيد "أبو العز" تفتح قلبها لـ"الفجر" في عيد الأم: تنبأ باستشهاده.. و"بشوفه في الجنة" (حوار)

حوادث

حوار مع أم الشهيد
حوار مع أم الشهيد "أبو العرب"


تنتظر الأم عيدها في كل عام في ٢١ مارس من ابنها فلذة كبدها، أجمل الهدايا ولو كانت بسيطة، ولكن لديها تكون الأغلى، وتحتضن بهيج الفرحة وكأنها شئ ملموس ويتزايد الشعور بالبهجة والسعادة عندما يدخل الابن متسللا بحركات طفولية بريئة إلى حجرة الأم  مقتطفا أجمل الورود وذكريات البراءة يترقب يميناً ويسارًا حتى يقف أمام دفء الحنان ومنبعه في الحياة مخبئًا بين يديه ووراء ظهره عباءة وبعض الحلوى وباقات الورود، وتنظر إليه الأم وتحدث ابنها ماذا تخبئ بين يديك يا محمود، لتنطلق ضحكات محمود كالطفل الذي لا يعرف من الدنيا إلا الحب والبراءة بين يديه: "يا أمي أخبئ بين يدي هديتك المقدسة، كل سنة وأنت طيبة يا ست الحبايب".


تنهض الأم من فوق الكرسي وتحتضنه بين كتفيها: "يا حبيبي يا ضنايا وتبركه بالدعاء إلى باب السماء وهو مشرق الوجه بابتسامته الرقيقة كالبدر في منتصف الشهر، ولكن هذا الحديث والهدايا كان قبل أن تفقد الأم  فلذة كبدها، واجتمعت الهدايا في هذا العام في حضن الأم، وأصبحت من قطوف "الذكريات " ولذلك قامت "الفجر" بزيارة الحاجة أحلام محمد والدة الشهيد محمود أبو العز، للاستماع لبطولات ابنها بمناسبة عيد الأم.


وإلى نص الحوار:


في البداية، حدثينا عن ترتيب الشهيد بين أخوته وتاريخه المهني؟


تحكي الأم عن ابنها الشهيد وتقول محمود أصغر أخوته، وعندما استشهد كان يبلغ من العمر ٢٢ عامًا، والأخ الأكبر أستاذ بكلية الشرطة، والثاني نقيب شرطة والأب كان يعمل أستاذًا بكلية التربية وتوفى وعمره  ٤٨ عاما.


والتحق "محمود"، بكلية الشرطة عام ٢٠٠٨ وتخرج منها في٢٠١١، وعمل لمدة سنتين قبل أن تأتي لحظة استشهاده في عام ٢٠١٣.


هل يمكن أن تحكي لنا لحظات استشهاده وتأثيرها عليكي؟


جاء بلاغ يفيد بأن البنك باركليز في المنيل يتعرض للسرقة، وكان ابنها ضابط شرطة بقسم شرطة مصر القديمة يتعرض للسرقة، ولكن للأسف كانت عملية شيطانية مخططة  بين حارس البنك والعصابة، وعندما اقترب منهم الشهيد وسألهم: "بتعملوا إيه هنا"،  الأول أخرج له البطاقة، والثاني قال له البطاقة في الشنطة وبعين الخيانة.


وفِي لحظة غدر وانشغاله بكلامه مع الأول انحنى نحو الأرض وحمل السلاح وأطلق رصاصة الغدر على الشهيد، ووقتها لفظ الشهيد  أنفاسه الأخيرة في الحال، وأن هدية ربنا لنا أنه من الشهداء ومنزلتهم تكون الجنة، وإن العمر إن طال أو قصر فلابد من اللتقاء في الدار.


ماذا عن عمله ومدى حبه له؟


البطل  كان يحب الشرطة ويحب العمل بها ويفرح جدًا عندما يمسك واحدًا من تجار المخدرات، وأن زملائه ذكروا لي بعد استشهاده أنه كان يتقدم منفردًا ويطارد المجرمين الذين كانوا يستقلون سيارات تحمل كمية من المخدرات، وأحد زملائه قالوا إنه في إحدى المرات قام تجار المخدرات بإطلاق نار عليه، ولكن القدر أنقذه والرصاصة مرت بين قدميه.


"حتى لما كان يجي ينام شوية ويلاقي تليفون من الشغل ميتأخرش أبدًا، ومرة قال لي يا ماما أهالي بلدة مجاورة هيموتوا بعض وذهب لينقذ الموقف، ولو في أي حد اتصل عليه في أي مشكلة بالنسبة لشغله مبيتأخرش"، مضيفة: "أتذكر أنه في أحد المواقف اتصل بي الشهيد في نصف الليل بيقول يا ماما متقلقيش لو جيتلك بهدومي مليانة دم، قولتلوا إيه، قال لي في سيارة صدمت بنت بالسيارة، وبسرعة أخذتها إلى المستشفي  ومنتظرش لحد ما تيجي سيارة الإسعاف، وقال متقلقيش أنا أخدت رقم السيارة".


وقالت: "محمود ابني استشهد بعد هذا الحادث بأيام"، متذكرة أن والد الفتاة انهار في البكاء وصرخ: "مين هيجيب حق بنتي".


هل تستطيعي أن تحكي لنا مواقفه الإنسانية مع المواطنين؟


الجيران يحكون تاريخ الشهيد وشجاعته، ويقولون: "نتقابل في الجنة يا شهيد"، وأنهم يتذكرون مواقفه ونبله وشجاعته لي بعد استشهاده، وحكى لي أحد الجيران  أنهم كانوا واقفين في أحد المرات في طوابير تسليم الأنابيب وغير قادرين أن يستحملوا نظرا لكبر سنهم فقام الشهيد وحمل الأنابيب بين يديه وسلمها لهم.


وفي مرة عندما قام أحد اللصوص بخطف شنطة يد من فتاة فقام بمطاردته حتى أخذها منه، وعرفت هذة القصة من صاحبة الشنطة المقيمة بإحدى المناطق المجاورة لهم، وفي موقف آخر عرفته بعد استشهاده لطلاب اتهموهم أقاربهم بالاعتداء عليهم بسلاح ناري، الابن الأكبر في كلية اقتصاد وعلوم سياسية وابنها الثاني في كلية الإعلام وعندما عرف أنهم أبرياء وقف بجوارهم حتى ثبتت برائتهم.


ما هدية الشهيد لكي التي اعتاد أن يفاجأك بها؟


اعتاد ابني فلذة كبدي أن يهديني المصحف والورود والعباءة والطرحة وبعض أكواب الشاي كعادة بيوت المصريين في كل عيد أم، لكن هذه السنة ومن وقت ما استشهد وأنا أراه في الجنة: "يا ضنايا".


وتكرمت مرتين من الرئيس عدلي منصور ومن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتقول للمصريين: "حافظوا على أولادنا، علشان تعيشوا في أمان".


وأكدت أنها تكرمت من رئاسة الجمهورية مرتين، ومن شيخ الأزهر، مطالبة المصريين بأن يحافظوا على وطنهم، داعية المولى أن يحافظ على مصرنا الحبيبة من كل مكروه وسوء.