لأول مرة.. العراقيون يطالبون العودة للنظام الرئاسي

عربي ودولي



لأول مرة منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، عبر المتظاهرون العراقيون عن غضبهم من تردي الأوضاع المعيشية، بالمطالبة بعودة النظام الرئاسي، لينقذهم من المعاناة اليومية، وعدم تلبية الحكومة بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات العامة ومحاربة الفساد.

واحتشد ألآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، رافعين شعارات تطالب بتعديل الدستور، من أجل إحلال النظام الرئاسي بدلًا من البرلماني.

ويؤكد مراقبون في بغداد، أن المتظاهرين حددوا مطالبهم الرافضة للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولأول مرة بالعودة إلى النظام الرئاسي في العراق، وفي خطوة اختصرت جميع المطالب الشعبية التي تكيل الاتهامات للسياسيين والبرلمانيين، بعد ان تخلى العراق عن النظام الرئاسي بالنظام البرلماني، بحسب رؤية الدوائر السياسية في بغداد.. مؤكدين أن «هذا المطلب الجديد» يحاكم النظام القائم، وقد أصبح أبرزالمطالب الشعبية، وأن العراقيين فقدوا «الأمل والثقة» في النظام السياسي القائم لإدارة البلاد، بعد تجربة مريرة مع النظام البرلماني امتدت 15 عاما، لم نحصل منها الشعب العراقي سوى على الأزمات وتدهور وضع البلاد.
وأوضح سياسيون وخبراء، أن مطالب العودة للنظام الرئاسي، طرحت لأول مرة في الاحتججات الغاضبة التي عمت محافظات العراق أمس الجمعة، وأجمع المتظاهرون على أن «العراق بحاجة إلى من ينقذه من وضعه الخطر ويحل مشاكله»، وأن مسؤولية الرئيس في النظام الرئاسي تكفل الالتفات إلى مطالب الشعب لتحقيقها، أما النظام البرلماني فهو يوزع المسؤولية بين البرلمان ورئيس الحكومة، بينما البرلمانيون لا يحققون سوى مصالحهم الخاصة، ومصلحة طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم، وهو ما عانت منه البلاد منذ نهاية نظام صدام حسين في العام 2003 وأصبح الأمل الوحيد أمام العراقيين تحديد شخصية الرجل الأول «الرئيس» المسؤول عن جميع العراقيين دون «محاصصة» في توزيع المسؤوليات والمنافع والمكاسب.

يرى الخبير والأكاديمي العراقي، د. عبد الجبار عبد الرشيد، أن انتفاضة العراقيين لن تتوقف، وطالما لم تتحقق مطالبهم التي طالبوا بها الشهر الماضي، بتوفير الخدمات العامة وفرص عمل وملاحقة المسؤولين الفاسدين، خاصة وأن ما أعلنته الحكومة مجرد وعود في محاولة لاحتواء الموقف.. وأضاف: لقد أدرك العراقيون أنهم يواجهون سلطات مشتتة المواقف والتوجهات، وأن الحل بالعودة لنظام رئاسي يكون «الرئيس» هو المسؤول الوحيد أمام الشعب، وله القدرة على توجيه الحكومة لتلبية المطالب الشعبية، و«يتحمل وحده معاناة شعبه، وتلبية مطالبه».

ويشير مراقبون في بغداد،إلى مناخ الانتخابات البرلمانية الماضية، والعزوف الشعبي اللافت للنظر عن المشاركة في الانتحابات التشريعية، مما كان يمثل أول احتجاج على النظام البرلماني العاجز عن تلبية احتياجات المواطنين ومكافحة وردع الفساد، وكانت «أصوات الصامتين من العراقيين» تقول أن «المفسدين لا يحاكمون انفسهم»، ومن هذه الرؤية يطالب العراقيون الآن بتعديل الدستور للعودة إلى النظام الرئاسي والذي سوف يحقق قدرا كبيرا من عدم المحاصصة المذهبية والطائفية وتحدد المسؤوليات أمام الشعب في صورة الرئيس.

تظاهرات الغاضبة والحشود الشعبية التي تقود حركة الاحتجاجات، منذ ما يقارب الشهر، دفعت نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي، إلى الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطنية، وفي المقابل أعتبر القيادي في «تيار الحكمة»، حبيب الطرفي، أن دعوة علاوي إلى تشكيل حكومة انقاذ وطنية، تعني العودة إلى ماقبل 2003، مؤكدًا أن التوجه يجب أن يكون لتصحيح مسار العراق وخدمة شعبه والالتزام بتوجيهات المرجعية، وضرورة «الإيمان بنتائج الانتخابات واحترام العملية السياسية وتشكل الحكومة بعيدًا عن المحاصصة»، لافتًا إلى أن «العملية السياسية لن تكون بعيدة عن المحاصصة بنسبة 100٪» !!

ومن جانبه قال عبدالله الزيدي القيادي في «تيار الحكمة» بقيادة رجل الدين عمار الحكيم، إن «مطالبة البعض بتشكيل حكومة طوارئ هو انقلاب على الدستور». وأضاف: «بدأنا نسمع بهذه المطالبات منذ العام 2003 وحتى الآن بعد كل انتخابات أو إخفاق سياسي».
وتؤكد الأوساط السياسية، أن المرجع الشيعي علي السيستاني طوّر خلال الأعوام الأخيرة استياءه من الوسط السياسي العراق، من المقاطعة الكاملة إلى المواجهة، وكان دعا خلال خطبة الجمعة قبل الماضية، إلى اختيار رئيس حكومة قوي وحازم وحكومة كفؤة، محذرًا من تطور الاحتجاجات الشعبية، ومنوهًا إلى أنه يدعم الاحتجاجات.

وعلى رغم إعلان معظم الأطراف السياسية العراقية التزام تعليمات السيستاني، إلا أن المصادر تؤكد أن هناك اتفاقًا سياسيًا على ألا يتعدى التأييد حدود البيانات الصحفية، وان يتم تشكيل الحكومة على قاعدة تقاسم الحصص والوزارات، ما يبرر خطبة الجمعة أمس،حيث شدد أحمد الصافي، ممثل المرجعية الدينية العليا، لدى الشيعة في العراق، علي السيستاني، في كربلاء، على أهمية الغضب المشروع في أخذ الحقوق.