مي سمير تكتب: ماريا بوتينا.. جاسوسة روسية تبيع الحب والسلاح لتجنيد المسئولين الأمريكان

مقالات الرأي



آخر الجواسيس الروس فى قلب واشنطن

حكايات جواسيس موسكو فى واشنطن: إغراء.. مخدرات.. وتبادل زوجات


على مر التاريخ، قام عدد من العملاء الروس باختراق أشهر وأهم الأجهزة الأمنية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وواحد من آخر فصول مسلسل الجواسيس الروس فى أمريكا يحمل اسم ماريا بوتينا، الفاتنة الروسية، صاحبة الشعر الأصفر المائل إلى الحمرة، والتى استغلت جمالها من أجل الوصول إلى أهم الشخصيات السياسية فى أمريكا.

لم تكن ماريا بوتينا، التى ألقت السلطات الأمريكية القبض عليها مؤخراً بتهمة التجسس لصالح روسيا، أول جاسوسة روسية تنجح فى اختراق دوائر السلطة الأمريكية، كما أنها لن تكون الأخيرة.

فى حرب المخابرات، نجحت المخابرات الروسية فى زراعة كثير من الجواسيس فى قلب عملية صناعة القرار الأمريكى.

وكما نجحت ماريا فى التسلل إلى الحزب الجمهورى الأمريكى والاقتراب من الرئيس دونالد ترامب، نجح العديد من الجواسيس الروس فى اختراق الكثير من مؤسسات السلطة والأمن الأمريكية، من البيت الأبيض إلى المخابرات المركزية، وكان لجواسيس روسيا حكايات عديدة.


1- ماريا بوتينا.. العلاقات العاطفية مقابل النفوذ

بين استغلال دفاعها عن الحق فى امتلاك السلاح من أجل الاقتراب من الرئيس الأمريكى، واستخدام جمالها لإيقاع المسئولين الأمريكان فى شباكها، نجحت ماريا بوتينا فى اختراق الحياة السياسية الأمريكية قبل أن ينتهى بها الأمر فى قبضة السلطات.

ماريا ناشطة سياسية روسية تبلغ من العمر 29 عاما ألقى القبض عليها الأسبوع الماضى فى الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة التجسس لصالح روسيا.

أسست ماريا المنظمة الروسية «الحق فى السلاح» التى تدافع عن الحق فى امتلاك الأسلحة، واشتهرت بصورها على وسائل التواصل الاجتماعى وهى تطلق النار باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة.

وبدءاً من عام 2011، عملت ماريا مع ألكسندر تورشين نائب محافظ البنك المركزى الروسى، الصديق المقرب من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حيث كانت ماريا قريبة للغاية من تورشين وشاركته رحلاته إلى الولايات المتحدة حيث كانت تعمل معه كمترجمة.

وفى يوليو الجارى، وأثناء إقامتها فى واشنطن، ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالية القبض على ماريا بتهمة التآمر للعمل كعميل أجنبى غير مسجل.

وتزعم السلطات الأمريكية أن ماريا حاولت إنشاء قناة خلفية للاتصالات بين الجمهوريين الأمريكيين والمحافظين والمسئولين الروس، من خلال التسلل إلى الاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة فى الولايات المتحدة والمنظمات الدينية المحافظة، وفى شهادة تأييد لمذكرة الاعتقال، كتب مكتب التحقيقات الفيدرالية أن ماريا تسعى إلى استغلال الروابط الشخصية مع الأشخاص الأمريكيين الذين لديهم تأثير فى السياسة الأمريكية فى محاولة لدفع مصالح روسيا.

وبفضل منظمتها «الحق فى السلاح» نجحت ماريا فى توطيد علاقاتها مع الاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة، إحدى أهم المنظمات الداعمة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وعلى نحو خاص أسست ماريا علاقة قريبة مع الناشط السياسى الأمريكى المحافظ بول إريكسون عضو الاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة، وبفضل هذه العلاقة العاطفية نجحت ماريا فى لقاء العديد من الشخصيات المهمة فى الحزب الجمهورى.

وعلى سبيل المثال فى الاجتماع السنوى للاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة عام 2014، التقطت ماريا صورا مع بوبى جيندال، حاكم ولاية لويزيانا، وريك سانتوروم، السيناتور الأمريكى السابق والمرشح الرئاسى لعام 2016.

وفى الاجتماع السنوى للاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة لعام 2015، اجتمعت ماريا مع حاكم ويسكونسن سكوت ووكر، وفى عام 2015، حضر عدد من مسئولى الاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة مؤتمر الأسلحة السنوى للحق فى حمل السلاح فى روسيا وكان من بين هؤلاء صديق ماريا بول إريكسون وديفيد كلارك عمدة مقاطعة ميلووكى.

قبل اعتقالها، كانت ماريا، جنبا إلى جنب مع تورشين وإريكسون، قيد التحقيق لتورطها المحتمل فى التدخل الروسى فى انتخابات 2016 فى الولايات المتحدة.

وتزعم السلطات الأمريكية أن إريكسون تورط فى جهود مارى لإنشاء قناة خلفية للاتصالات بين الكرملين والحزب الجمهورى من خلال الاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة، حيث عثرت المباحث الفيدرالية أثناء تفتيش منزله ومكتبه، على مذكرة بخط يد إريكسون بعنوان: «ملاحظات حول منظمة ماريا»، وأشارت مذكرة ثانية إلى وكالة التجسس الروسية، حيث تضمنت تساؤلا حول كيفية التعامل مع طلب تجنيد من قبل المخابرات الروسية.

وفى مايو 2016، أرسل إريكسون بريداً إلكترونياً يحمل عنوان «اتصال الكرملين» إلى مستشار حملة ترامب ريك ديربورن، حيث طلب من ديربورن ثم السيناتور جيف سيشيس تقديم النصيحة حول عقد اجتماع بين ترامب وبوتين فى مؤتمر سنوى للاتحاد القومى الأمريكى للأسلحة.

حسب مكتب الادعاء الأمريكى، فإن الفتاة الروسية قد تلاعبت بالسياسى الأمريكى إريكسون من أجل تحقيق مصالحها الشخصية، واستخدمت جمالها وحقيقة أنها تصغره بأكثر من 25 عاماً لإقامة علاقة عاطفية جعلته تحت سيطرتها الكاملة، وحسب أوراق القضية، فإن ماريا فى الفترة الأخيرة سعت إلى الابتعاد عن إريكسون، حيث عرضت على أحد المسئولين، الذى لم يتم ذكر اسمه، إقامة علاقة عاطفية فى مقابل حصولها على منصب بإحدى المنظمات الأمريكية.

كما كشفت التحقيقات الأمريكية أن ماريا بوتينا أجرت اتصالات واسعة المستوى فى واشنطن حيث شاركت فى اجتماعات عام 2015 بين ألكسندر تورشين نائب محافظ البنك المركزى الروسى واثنين من كبار المسئولين الأمريكيين هما ستانلى فيشر نائب رئيس الاحتياطى الفيدرالى، وناثان شيتس وكيل وزارة المالية للشئون الدولية.

فى مقال تم نشره فى يونيو 2015 بالمجلة الصادرة عن مركز «المصلحة الوطنية» قبيل إعلان دونالد ترامب ترشيحه للرئاسة، حثت ماريا على تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وأضافت إن الأمر قد يحتاج انتخاب جمهورى ووصوله إلى البيت الأبيض فى عام 2016 لتحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة.


2- هارولد نيكلسون...ضابط السى آى إيه الجاسوس

يعد هارولد جيمس نيكلسون هو قصة النجاح الأكبر بين الجواسيس الروس فى الولايات المتحدة، حيث ولد نيكلسون فى ولاية أوريجون عام 1950، وانضم إلى الجيش، وفى النهاية أصبح كابتن وحدة استخبارات حيث كلف بمراقبة أجهزة الاستخبارات السوفيتية.

وفى عام 1980، انتقل إلى وكالة المخابرات المركزية وكان يعمل فى تايلاند والفلبين واليابان، أثناء إجراء اتصالات مع المسئولين السوفيت، ووبحلول عام 1990، كان نيكلسون رئيس محطة السى آى إيه فى بوخارست فى مواجهة الستار الحديدى، الذى لم يكن فى الواقع مجرد ستارة بقدر ما كان سجادة فى ذلك الوقت.

وفى عام 1992، أصبح نيكلسون، نائب رئيس العمليات فى ماليزيا، حيث التقى مسئولين روس. وفى عام 1995، فشل نيكلسون فى اجتياز ثلاثة اختبارات قياسية للكشف عن الكذب، حيث كانت إجاباته على عدد من الأسئلة غير مرضية مثل «هل تعمل مع خدمة استخبارات أجنبية؟» و«هل كان لديك اتصال غير مصرح به بخدمة استخبارات أجنبية؟» هذا بالإضافة إلى إيداع مصرفى بقيمة 12 ألف دولار لم يكن من الممكن الحصول عليها كإيرادات شرعية، الأمر الذى استدعى فتح تحقيق داخلى أسفر عن وضع نيكلسون تحت المراقبة.

وبفضل المراقبة تم رصد نيكلسون فى لقاءات مع ضباط الاستخبارات الروسية فى نيودلهى وجاكرتا وزيوريخ وسنغافورة وتايلاند وماليزيا، ولكن وكالة المخابرات المركزية لم تلق القبض عليه، وبدلاً من ذلك، أعيد إلى الولايات المتحدة وتم منحه مركزا مهما فى مكافحة الإرهاب، بينما راقب مكتب التحقيقات الفيدرالية صندوق بريده وعثر على رسائل مرسلة إلى سويسرا.

عندما طلب نيكلسون إجازة للسفر إلى سويسرا، فى عام 1996، تم اعتقاله وبحوزته وثائق سرية، وأثناء عمله مع روسيا، يعتقد أن نيكلسون نقل معلومات حول هويات الضباط الأمريكيين فى روسيا ومعلومات سرية أخرى، ونتيجة للتعاون بعد القبض عليه، حكم عليه بالسجن لمدة 23 سنة بدلاً من السجن مدى الحياة.


3- كريستوفر بويس.. المعلومات مقابل المخدرات

نشأ كريستوفر بويس، فى بالوس فيرديس كاليفورنيا، وهو ابن عميل فى المباحث الفيدرالية الأمريكية، وبدأ العمل فى شركة TRW فى مجال الطيران، عام 1974، ورغم خبرته المحدودة وصغر سنه حيث كان لايزال فى بداية العشرينات من عمره، تم السماح لبويس بالوصول إلى معلومات دفاعية أمريكية سرية.

وجمعت صداقة قوية بين بويس، العاشق للسهرات وحياة ليل، وتاجر الكوكايين أندرو دولتون لى، وكان صديقه منذ مرحلة الطفولة، ووضع الاثنان خطة لبيع المعلومات التى يحصل عليها بويس بحكم عمله إلى الروس.

واشتهر الرجلان بويس ودولتون لى، باسم الصقر والرجل الثلجى، ومعا قاما ببيع معلومات تكنولوجيا الأقمار الصناعية الأمريكية للمسئولين الروس. نجحا فى جمع أموال طائلة واستخدماها فى المقام الأول فى مجال تجارة المخدرات، انتهت قصتهما عندما تم القبض على دالتون لى فى مكسيكو سيتى فى عام 1976.

ومن السخرية أنه تم اعتقال بويس عن طريق الخطأ، وفى البداية، اعتقدت الشرطة أنه قاتل شرطى هارب، ولكن الشرطة المكسيكية أدركت بسرعة أنها اعتقلت جاسوسا عن طريق الخطأ، حيث عثرت بحوزته على أفلام خاصة بالمخابرات المركزية وتم القبض عليه خارج السفارة السوفيتية، وأقر دالتون لى بأنه جاسوس وتم تسليمه للمسئولين الأمريكيين، واعترف على بويس باعتباره شريكه فى التآمر. اعتقل بويس فى عام 1977 وحكم عليه بالسجن لمدة 40 عاماً بتهمة التجسس.


4- إيرل بيتس.. جاسوس فى قلب المباحث الفيدرالية

ولد إيرل بيتس، فى أوربانا فى عام 1953، وحصل على دكتوراه فى القانون من جامعة ميسورى وكان فى الخدمة الفعلية فى الجيش من عام 1975 إلى عام 1980، وفى عام 1983، حصل على وظيفة فى مكتب التحقيقات الفيدرالية الميدانى فى فيرجينيا، وفى عام 1987، انتقل إلى مكتب مدينة نيويورك، حيث كان مكلفاً بالتحقيق مع ضباط المخابرات السوفيتية الذين يتظاهرون بدور الدبلوماسيين فى الأمم المتحدة.

وفى هذا المنصب، تم إعطاؤه قائمة بجميع الضباط السوفيت المعروفين فى مثل هذه المواقف، والتى باعها على وجه السرعة إلى إلكسندر فاسيليفيتش كاربوف، أهم جاسوس فى السفارة الروسية.

و تم القبض على بيتس فى نهاية المطاف، وفى عام 1995، عندما نجح مكتب التحقيقات الفيدرالية فى تجنيد دبلوماسى روسى بالسفارة الروسية فى واشنطن للعمل كمخبر لصالحهم، والمثير أن هذا الدبلوماسى كان هو نفس الشخص الذى أرسل إليه بيتس خطابا لكى يقدم خدماته.


5- كارل كويشر.. الجاسوس العاشق للنوادى الليلية

ولد كارل كويشر فى تشيكوسلوفاكيا وهاجر إلى الولايات المتحدة لغرض وحيد هو التجسس على الحكومة الأمريكية، وفى عام 1973، حصل كويشر على وظيفة كمحلل ومترجم لدى وكالة المخابرات المركزية. خلال الفترة التى قضاها فى وكالة المخابرات المركزية، سلم جهاز الاستخبارات التشيكوسلوفاكية والـ«كى جى بى» العديد من الوثائق، والقوائم السرية، وصور عملاء وكالة المخابرات المركزية، كما زود روسيا بقائمة من المسئولين الحكوميين فى الولايات المتحدة الذى يعتقد بإمكانية تعاونهم مع السوفيت.

كان كويشر عاشقا للسهر والنوادى الليلية والعلاقات العاطفية غير المشروعة بما فى ذلك تبادل الزوجات مع أصدقائه، وتورط عدد من ضباط المخابرات الأمريكية فى هذا العالم السرى مع كويشر الذى أبلغ عنهم باعتبارهم مجندين محتملين للمخابرات الروسية.

وأخيراً، فى عام 1984، تم القبض على كويشر من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية.


6- آنا تشابمان… الجاسوسة الحسناء

ولا يمكن أن نتحدث عن أشهر الجواسيس الروس فى أمريكا دون الإشارة إلى الحسناء آنا تشابمان، والتى ولدت فى فولجوجراد، روسيا فى عام 1982، ودرست الاقتصاد فى جامعة موسكو.

وفى عام 2009 انتقلت آنا إلى مدينة نيويورك حيث أدارت شركة عقارية ناجحة ومن خلال اتصالاتها حاولت الوصول إلى معلومات مهمة وخلق علاقات مع صناع السياسة.

وحسب مكتب التحقيقات الفيدرالية كانت آنا تدير حلقة مع تسعة جواسيس آخرين، ولذا تم اعتقالها واحتجازها لفترة وجيزة قبل إعادتها عام 2010 إلى روسيا فى أكبر عملية تبادل جواسيس منذ عام 1986، ومنذ عودتها إلى روسيا، استغلت جمالها للعمل فى مجال عروض الأزياء وتقديم البرامج التليفزيونية.

وتزعم بعض التقارير أن المخابرات الروسية كلفت آنا، بإغراء إدوارد سنودن لإقناعه بالبقاء فى روسيا حتى يمكن أن يستجوبه عميل الكى جى بى بوريس كاربيتشكوف حول ما يملكه من معلومات حول أمن الولايات المتحدة. كما طلبت آنا من سنودن الزواج على تويتر، وفى عام 2015، أنجبت طفلا، ولم يتم تحديد هوية الأب، وتفرض روسيا سياجا من السرية حول هوية الأب.