بالصور| حسام علي مخرج "الرحلة": سلطت الضوء على المرضى النفسيين.. واكتشفت قصة حب وليد فواز ومي سليم صدفة (حوار)

الفجر الفني




*باسل خياط محترف ومثقف فوق العادي.. وحنان مطاوع تُمثل بعينيها
*ريهام عبدالغفور أكثر الفنانين خوفًا على العمل.. والطفلة هنا هدية من الله
*وليد فواز ومي سليم عرفوا يمثلوا علينا واكتشفت قصة حبهما صدفة
*حديث النقاد عن شكل الممثلين المختلف في أعمالي أكثر ما يسعدني 
*اخترت اللونين الأصفر والبرتقالي ليعيش المشاهدين الحالة العامة للأبطال
*الكادر المائل رمز لحال أبطال المسلسل

اختار المخرج الشاب حسام علي من خلال مشاركته في موسم رمضان الماضي أن يسبح ضد التيار، فقدم مسلسل "الرحلة"، فحلّق بعيدًا عن باقي الأعمال الدرامية، ورغم مشاركة نجوم بحجم الزعيم عادل إمام ويحيى الفخراني، ونيللي كريم، في الموسم، إلا أن "الرحلة" استطاع أن يفرض نفسه، ويعتلي القمة مع الكبار.

وبخلطة مميزة، تمكن ابن السادسة والثلاثين عامًا من فرض اسمه على الساحة الفنية في الموسم الماضي، فعلى مستوى النقد حاز العمل على إعجاب كبار النقاد الذين اعتبروا المسلسل حالة فنية متكاملة، وكذلك الجمهور الذي تعلق بالمسلسل وأبطاله منذ اليوم الأول، فكونوا معًا مجموعات افتراضية تناقش العمل، وتحلل تفاصيله وتفترض سيناريوهات للنهاية، وهو الأمر الذي أكد على براعة حسام، للعام الثاني على التوالي بعد نجاح مسلسل "٣٠ يوم"، ٢٠١٧.

"الفجر الفني" التقت المخرج الشاب للحديث عن نجاح "الرحلة" ورؤيته الفنية ومشروعاته المقبلة، وإلى نص الحوار؛؛

*في البداية، حدثنا عن تحضيرات مشروع مسلسل "الرحلة"؟ 
اتفقت مع شركة الانتاج بعد انتهاء مسلسل "٣٠ يوم" العام الماضي، على تقديم مسلسل للعام الثاني على التوالي، لتبدأ رحلة البحث عن ورق، وبالفعل بدأت العمل على مشروع آخر لكنه لم يسفر عن جديد عما قدمته "٣٠ يوم"، ثم عرضت الكاتبة السورية نور الشيشيكلي سيناريو "الرحلة"، لكن نظرًا لاختلاف طبيعة السيناريو عن الواقع المصري وظروف سفر الكاتبة، فضلنا شراء القصة من الكاتبة وتطويرها على أيدي الكاتبين الشابين عمرو الدالي وأحمد وائل، وقدما العديد من المعالجات، وتم بعدها معاينة أماكن التصوير، وبدأنا التصوير في الثالث عشر من يناير الماضي.

*اعتمد المسلسل على ورشة كتابة، فهل تخوفت من ظهور اختلافات في المعالجة؟
لا، على العكس تمامًا، لم يلحظ أي من المشاهدين أي اختلاف في الكتابة، وهو يحدث في أمريكا طوال الوقت، حيث يعتمدون على كتابة الورش ولكن الفارق في وجود مشرف على الكتابة، وفي حالة عمرو ووائل فكانا يكتبان معًا ثم يتبادلان الحلقات ليضيف كل منهما تعديله، وكنت أتابع معهم أولًا بأول نتاج الكتابة بما أنني ملم بكل تفاصيل الحكاية.

*جمع المسلسل نخبة من كبار النجوم وعدد من الشباب، كيف وقع اختيارات الممثلين؟
اختيار الممثلين يتم بناء على الدور، "الدور بينادي صاحبه" ومنذ قراءة السيناريو وأن أرى ريهام عبدالغفور في دور "رانيا"، فأنا أبحث عن ممثلين موهوبين ومرحبين بفكرة التطور، وفي حال كان الدور مناسب لممثل عملت معه من قبل أطالبه بالعمل، وهو ما حدث مع باسل خياط ووليد فواز بعد مسلسل "٣٠ يوم".

وتابع: أؤمن أن المخرج الجيد هو من يستطيع أن يحكي الحكاية بشكل جيد، والممثلين هم من يقدمون الحكاية، لذلك أخصص جزء كبير من وقتي مع الممثلين، لبحث وتطوير أساليب التمثيل، وتقديمهم بشكل مختلف، وأكثر ما يسعدني هو حديث النقاد عن ظهور الممثلين في أعمالي بشكل مختلف.

وأضاف: كنت محظوظ بالعمل مع فريق عمل روحه حلوة، بداية من باسل خياط وهو فنان محترف وقوي ولديه إمكانيات رهيبة ومثقف فوق العادي وأشفق عليه في اختياراته المقبلة، ووليد فواز ممثل شاطر جدًا وفي حال شعر بأنه في بيئة أمينة يخرج أفضل ما لديه، وحنان مطاوع فنانة موهوبة بتمثل بعينها، وريهام عبدالغفور من أكثر الممثلين خوفًا على العمل وتحضر له كثيرًا، ومي سليم لديها قدرات كبيرة لكنها كانت محصورة في أداور الفتاة الجميلة.

*وماذا عن كواليس المسلسل؟
عملنا مرهق ذهنيًا وجسديًا بدرجة كبير، فساعات العمل تتجاوز ١٤ ساعة، فإذا لم نخلق جو مرح داخل الكواليس سيتحول إلى سجن ولعنة، وأغلب طاقم العمل ثابت سواء مصممة الملابس ومدير التصوير، وهو جو أقرب للعائلة، وجميع أفراد العمل يشعرون أن المشروع مشروعهم لذلك فهم يقدمون أفضل ما لديهم.

*قصة المسلسل مختلفة عما كان سائدًا في مسلسلات رمضان، هل تخوفت من عدم نجاحه وسط الأعمال الأخرى؟
قبل دخول سباق رمضان، يوجد طريقان إما أن تدخل الماراثون بنفس المعطيات لكن مع ضمان أن تسبق الآخرين، أو أن تقرر عمل شئ مختلف حتى لا تدخل في مقارنة، الفترة الحالية تتغير فيها الأجيال، ولكن لابد أيضًا من التفكير في تغيير المحتوى وتقديم دراما مختلفة، وتغيير إدارة المشروع وتطويره، وهو ما حدث في مسلسل الرحلة الذي أدخل production designer لأول مرة وكانت وظيفته الربط بين أقسام الديكور والملابس والتصوير للحفاظ على شخصية بصرية واحدة وجو عام للمسلسل، وهو ما لم يتواجد في مسلسلات رمضان الأخرى، كما حدث في الجزء الأول من مسلسل "الجماعة" ٢٠١٠ وكنت فيه مخرجًا منفذًا، والذي أدخل لأول مرة casting director، وهو ما اعتمدته باقي المسلسلات بعد ذلك، وأثر على شكل المسلسلات بدرجة كبيرة، حيث أفرز نجوم شباب موهوبين في الفترة الماضية.

*ما السر وراء اختيار اللونين الأصفر والبرتقالي في المسلسل؟ 
لكل لون مدلول ورمز يختلف باختلاف طبيعة المجمتع، فاللونين الأصفر والبرتقالي في المجتمعات العربية لهما دلالات لها علاقة بالكآبة والحزن، وهو ما أردنا إظهاره في المسلسل ليعيش المشاهد حالة واحدة مرتبطة بما يعايشه أبطال العمل.

*اعتمد المسلسل على مشهد "فلاش باك" قبل انطلاق الحلقة واستخدام الكادرات المائلة، ما السبب؟
الحكاية لها أكثر من طريقة، فيمكن أن تقدم من البدايات ثم تتصاعد الأحداث في الرحلة، ولكني اخترت بداية المسلسل من أكثر نقطة ساخنة، وهو ما لم يتح تقديم الشخصيات مسبقًا، كما لم أحبذ فكرة الفلاش باك الكثيرة داخل الحلقة حتى لا تشتت ذهن المشاهد، فكان الحل في فكرة مشهد فلاش باك مرتبط بمضمون الحلقة قبل التتر، أما عن الكادر المائل فكان رمزًا لحال الأبطال المائل، والمرة الوحيدة الذي كان الكادر يميل في كلا الجانبين كانت مشهد "انتحار جميلة" وهو رمزًا لانصلاح الحال لشخصية آدم ودمارها لجميلة وأسرتها في المقابل.

*أثارت الطفلة هنا زهران إعجاب النقاد والمشاهدين، كيف وقع الاختيار عليها؟
وقع اختيارنا عليها بعد تجربة أداء، وهي من ساعدتني على زيادة مشاهدها، لأنها طفلة موهوبة وذكية أكثر مما يكمن تخيله ما جعلنا نستثمرها في أن تكون محورًا تثبت لأسامة أن العالم جميل وهو من قرر حبسهم، ولرانيا أن والدها لديه بعض المشاكل لكنه شخص جيد، إلى جانب أن لديها موهبة الرسم فالرسومات الموجودة بالمسلسل كانت لها، وأعتبرها "هدية من عند ربنا"، لموهوبتها وأسلوبها في التمثيل والذي لا يتوافر عند ممثلين كبار.

*احتار الجمهور بين التعاطف مع شخصية "أسامة" أو كرهها، هل تعمدت ذلك؟
بالطبع، جميع شخصيات المسلسل ماعدا "حسن ومالك" كانت رمادية، بها الخير والشر معًا، فالجميع لديه جانب سئ حتى ولو لم يكن هو السائد، لذلك أردت تقديم شخصيات إنسانية تُفهم أفعالها بطرق مختلفة، وبالتالي يكون المشاهد تائهًا بين التعاطف معها أو كرهها.

*يقدم المسلسل رسالة عن التربية أو التنشئة الخاطئة، هل أنت مع فكرة الفن الهادف صاحب الرسالة أم تعتبر الفن للفن؟
لست مع هذا ولا ذاك، أنا مع فكرة تقديم ترفيه للمشاهد، مع محتوى يحترم عقله، ولست مع فكرة أن تكون الأفكار بالغة العمق وموجهة لطبقة المثقفين والنخبة، وإنما أوجه العمل لمن هم أقل لرفعهم لمستوى هذا الطبقة لفهم الحياة من منظور آخر، وأنا ضد فكرة تقديم المعلومة للمشاهد بالمعلقة، فهدفي من العمل كان تسليط بقعة ضوء على شريحة عشوائية من المرضى النفسيين الموجودين في المجتمع، فالبعض يعتبر أن المرضى النفسيين هم فقط الموجودين في مستشفى الأمراض العقلية، لكن الواقع أنهم في كل مكان، وكل منا لديه هذه المشكلات لكن بنِسَب محتلفة.

*جاءت وفاة "كارما" في نهاية المسلسل صادمة للجمهور، لماذا اخترت نهاية غير متوقعة؟
وفاة كارما متفق عليها منذ اليوم الأول، كان الجمهور يتوقع موت "كريمة" لكننا اخترنا "كارما" لتأكيد على أن الموت غير متوقع وبلا حسابات، أعرف أن الجمهور صُدم من النهاية لكني لم أحبذ تغيير النهاية وتقديم نسخة أخرى أكثر سعادة حتى يرضى عنها الجمهور، فجرعة الكآبة متواجدة من الحلقة الأولى.

*نال المسلسل شهرة واسعة على مواقع السوشيال ميديا، كيف وجدت ردود أفعال الجمهور؟
لم أتوقع أن يحقق المسلسل هذا الصدى، خصوصًا وأنه يقدم محتوى مختلف عن السائد في رمضان، لكن كنت مؤمنًا بأن العمل المختلف سيظهر، وأن ربنا هيكرمنا بسبب المجهود المبذول في المسلسل، وما أسعدني أكثر هو وصول المسلسل لشريحة عمرية جديدة منها والداتي التي كانت تشاهد أعمالي لأن اسمي عليها، لكنها كانت متابعة جيدة للمسلسل، وكذلك جدة زوجتي ما يعني أن المسلسل لم يقتصر على شريحة الشباب فقط.

*تحدث البعض عن الشبه الكبير بين لوك "أسامة" الذي أدها باسل خياط مع شخصية الممثل كريستان بيل في فيلم "American Hustle"، هل كان الأمر مقصودًا؟
لم أشاهد الفيلم من قبل، لكن الشبه قد يكون نتيجة لتقديم ملابس في حقبة زمنية معينة هي فترة الثمانينات، وكان المقصود بها "أن الزمن وقف بأسامة عند هذه المرحلة"، فكان اختيارنا أن نقدم باسل خياط بعيدًا عن صورة الممثل الجذاب، فكانت الباروكة والطريقة الذي يمشي بها، ما يجعله أقرب للمسخ.

*انتقد البعض عدم إتقان باسل خياط للهجة المصرية، فما ردك؟
كان الأمر مبررًا، لأن شخصية "أسامة" قضت الفترة الأكبر من حياتها ما بين لبنان ودبي، فكان طبيعي أن تخرج اللهجة على هذه الشاكلة، والدليل على ذلك إتقان باسل للهجة المصرية في مسلسل "٣٠ يوم"، وأنا سعيد بتركيز الجمهور في هذه التفاصيل ويرجع لأن الجمهور مطلع ويقارن الأعمال التي يشاهدها بالمسلسلات العالمية.

*أثناء التصوير، قصة حب جمعت مي سليم ووليد فواز، كٌللت بالزواج الشهر الماضي، كيف استقبلتم الأمر؟
لم نعرف شيئًا عن قصة الحب أثناء التصوير، فقد تمكنا من التمثيل على الجميع والتظاهر بأنهما أصدقاء وزملاء في العمل، حتى تلقيت دعوة لفرح وليد ورفض الكشف عن هوية العروس، واكتشفت بالصدفة من الصحف قبل الفرح أنها مي سليم.

*استثمرت نجاح آسر ياسين وباسل خياط في "٣٠ يوم" في آخر مشهد في "الرحلة"، حدثنا عن كواليس المشهد؟
آسر ياسين صديقنا، وكان المشهد الأخير لطبيب نفسي يحاور أسامة، فأردت إعادة الثنائي الناجح في العام الماضي وقدمنا "طارق" و"توفيق"، وهو ما وافق عليه آسر على الفور.

*ما أهم المسلسلات التي حرصت على مشاهدتها في رمضان، وكيف وجدت المنافسة ودخول مخرجي السينما الشباب للسباق؟
للأسف لم أتمكن من مشاهدة أعمال كاملة، شهدت حلقتين من كل مسلسل، وكنت منتظرًا ثمار تجربة دخول محمد دياب وعمرو سلامة الدراما في مسلسل "طايع"، لأن عمرو صديقي من قبل دخولنا عالم الإخراج، لذلك فأن حريص على مشاهدة عدد من المسلسلات هذه الأيام ومنها "طايع"، و"ليالي أوجيني"، و"أيوب"، و"عوالم خفية"، و"الوصية".

*ماذا عن تقديم تجربة سينمائية قريبًا؟
خطوة السينما بحاجة إلى دراسة وتفكير، لأن جمهور السينما مختلف عن الدراما، في حال عدم نجاح العرض الأول في الدراما فهناك عروض ثانية للعمل، أما السينما ففي حال فشل الفيلم في الأسبوع الأول سيٌرفع من دور العرض، لذلك فالأمر بحاجة لدراسة لأنني لا أحب إحساس الفشل في العموم، وحاليًّا لدي العديد من الأفكار التي تصلح للسينما لكنها بحاجة للانتظار حتى تنضج.

*حدثنا عن مسلسلاتك السابقة "استيفا" و"بنات سوبر مان" و"٣٠ يوم"؟
كان "استيفا" هو العمل الأول لي كمخرج، فقدمت ٦ حلقات كان أبطالها "باسم سمرة وعمرو يوسف وكندة علوش"، وكانت تجربة مختلفة بنجوم مختلفين في كل حلقتين، أما "بنات سوبر مان" فكان أول مسلسل كامل أخرجه وحدي، وفكرت في تقديم عامل جذب من الخارج ممثل في شخصية "سوبر مان" وتقديمها بشكل كوميدي ساخر، كيف يكون شكل البطل الخارق في مصر، وفي "٣٠ يوم" كان الوضع مختلفًا حيث اعتمدت على تقديم عمل قائم على التشويق والإثارة وهو ما حدث منذ الحلقة الأول التي جعلت المشاهد يكمله للنهاية.

*كيف ترى فتح مواسم لعرض المسلسلات خارج رمضان؟
أمر جيد، ويمكن أن أخوض هذة التجربة، ولكن لأكون صريحًا فإن هذه المسلسلات تتطلب عدد معين من الحلقات على الأقل ٤٥ حلقة، ونحن نجد معاناة في مسلسلات رمضان للحفاظ على مستوى العمل خصوصًا من الحلقة ١٧ ل٢٣، و٩٠٪؜ من حكايات مسلسلات رمضان يمكن تقديمها في ١٥ أو ٢٠ حلقة على أقصى تقدير، لكن المطلوب هو ٣٠ حلقة لتناسب مع أيام الشهر، والجمهور العربي غير مستعد لمسلسلات من نوعية ١٣ و١٥ حلقة، والتي تقدم بشكل أسبوعي كما يحدث بالخارج.

*هل تفكر في إعادة تقديم عمل أجنبي في نسخة مصرية؟ أو أعمال مأخوذة عن روايات؟
لا أفضل تقديم أفكار أجنبية بقدر حبي لتقديم أفكار أصلية، ويمكن أن أقدم مسلسل أو فيلم مأخوذ عن رواية مصرية، فأنا أحب القراءة ليوسف إدريس، وبهاء طاهر، وعلاء الأسواني، وأتمنى تقديم عمل في حقبة تاريخية ولكن لابد من تقديمه بصوره مختلفة لأن هناك تحارب جديدة ناجحة منها "جراند أوتيل" و"ليالي أوجيني".

*ماذا عن مشروعك المقبل؟
أحضر حاليًا مسلسل لرمضان المقبل، لكن لم نستقر بعد على المشروع، لأنني أرغب في تقديم مسلسل جديد مختلف عما قدمته في "٣٠ يوم" و"الرحلة".