أحمد الشيخ يكتب: مرة عليك.. ومرة عليا

مقالات الرأي



 

بمناسبة رفع تعريفة ركوب الموصلات العشوائية الموجودة فى مصر حاليًا، والحكومة عاجزة عن  أنها تسيطر عليها، لا أعرف حقيقة لماذا ينص مبدأ التجار دائماً على أن الزبون يجب  أن يتحمل  أى زيادة في سعر السلعة، مع أن نظم التجارة المتوازنة تقوم على مبدأ "شوية على الزبون والاكثر على التاجر" لأنه هو من يحقق الأرباح، وبالتالى كان المفروض أن الحكومة تتدخل بشكل حازم فى مسألة تثبيت تعريفة الركوب خلال الزيادة الحالية، لأنها لن تكون الزيادة الأخيرة وبالتالي كان ممكن نمشي بنظام "مرة عليك ومرة عليا"، هذا أفضل للراكب وصاحب السيارة.

 

ما عجبت منه أكثر أن تقوم شركات عالمية مثل أوبر وكريم باستغلال الفرصة ورفع تعريفة الركوب، وكان الأولى بها أن تثبت التعريفة وتعوض الكباتن العاملين لديها من خلال البونص والحوافز وتقلل الشركة من هامش ربحها فى سبيل كسب ثقة العميل وتحقيق انتشار أكثر، ولعل هذا يرجع لعدم وجود رقابة حقيقية على تلك الشركات، حيث أن قانون النقل التشاركي ينص على وجود جهاز قومي لتنظيم هذا النوع من النقل والذي لن يوجد خلال الفترة الحالية ولا فى القريب العاجل بحسب معلوماتى.

 

على الجانب الأخر نجد الموقف أكثر توازناً لدى شركات المحمول فرغم ارتفاع تكاليف تشغيلها بنسبة 20% بعد ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات إلا أنها لا تستطيع رفع الأسعار دون الرجوع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بدراسة وافية يقوم الجهاز بدراستها ومقارنتها واتخاذ قراره فيها وهذا يعكس مدى أهمية وجود جهاز رقابي أو "منظم"  يدير المنظومة بالكامل بما يحقق صالح المواطن والشركات.

 

كان زمان التاجر الشاطر هو الذي يستطيع  بيع السلعة بسعر أقل فيقولك:  "بيع قليل تبيع كثير تكسب أكثر"، هذا  أيام التجار ما كان عندهم أخلاق وبيلتزموا بكلمتهم، أما الآن  فالجشع هو السائد حيث قام معظم التجار برفع الأسعار قبل زيادة المحروقات بفترة خصوصاً المستوردين على كافة السلع المستوردة وبدأ بيعها بزيادة 90% عن سعرها الأساسي، حيث أن مبدأ الجشعين اليوم هو أن السلعة ستباع اليوم بسعرها ولكن عندما يشتريها هذا الجشع مرة أخرى سيكون سعرها زاد، وبالتالي سيشتريها أغلى فقدرته الشرائية ستقل بمعنى أنه أما يشترى عدد أقل من السلعة أو يزيد رأس المال لكي يشترى نفس العدد المعتاد على شرائه، وبالتالى يرفع سعرها مسبقاً ويحمل الزيادة على الزبون، "طيب منتا يا جشع هتبيعها بالغالي يعنى هتشتريها بالغالى وتبيعها بالغالى أيه المشكلة ليه تغلى على الناس عشان مستخسر تحط من جيبك" - نظرية عفنة يعتنقها الكثير من التجار هذه الأيام بل ويعتبرونها أحد مبادئ التجارة- حتى الشرفاء منهم لم يفكر فى مدى حرمانية هذا الفعل وأدعوهم لمراجعة أنفسهم حيث أن كل الأديان السماوية تدين وتجرم هذا الفعل.

 

الخلاصة.. أن هذا الترهل من جانب الحكومة فى إعطاء الحرية لصاحب وسيلة النقل مهما كان صفته قطاعاً عامًا أو خاصًا فى رفع تعريفة الركوب أو التاجر في رفع سعر السلعة دون رقابة، عقب كل زيادة فى أسعار المحروقات ليس فى صالح المواطن أو الحكومة التى وظيفتها بالأساس هي خدمة المواطن ورعاية مصالحه، حيث أن صاحب الوسيلة أو التاجر لن يشبع ودائمًا ما يرفع بقيمة أعلى بكثير من المفترض له، حتى الحكومة أصبحت تتساهل معه فى ذلك خوفاً من الاضرابات والاعتصامات، حتى بلغت تكلفة الكيلو لسيارة "عشة" كما يطلق عليها في بعض المناطق الشعبية والتى تعمل بالسولار 15 جنيه في حين أنه لا يتكلف أكثر من 3 جنيه بالنسبة للتاكسي الذي يعمل بالبنزين.

 

وهذا السلوك غير الواعي من الحكومة سيكلفنا الكثير خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار البترول عالمياً وهو ما سيترتب عليه زيادات جديدة فى أسعار المحروقات خلال الموازنات المقبلة واستمرار الزيادات فى الأسعار بالتوازي، وهو ما سيزيد التضخم ويقلل القدرة الشرائية للمواطنون بما لا يحقق المستهدفات التى تسعى لها الدولة فى الفترة المقبلة.

 

لمراسلة الكاتب:

[email protected]