د. أحمد ابو رحيل يكتب: "الغلابة ياريس .. الغلابة ياحكومة"

مقالات الرأي



فى هذه الايام كان يود علينا أن نقوم بتهنئة رئيس الوزراء الجديد بتكليف سيادته  بتولى زمام الامور،وتشكيل الحكومة الجديدة خلافاً للمهندس شريف اسماعيل

ولكن كيف يحدث هذا وهم من قاموا بتهنئتنا على طريقتهم الخاصةبقراراتهم الجديدة التى دائما ًتصب فى  مصلحتنا كما يقولون، وكانما فى بلد اخر غير التى يعيشون فيها، وهذه القرارات هى الزيادة فى اسعار الكهرباء التى تمت بالفعل ،واسعار المياه،وانباء شبه مؤكده على زيادة اسعار الوقود .....الخ 

فنحن ارتوينا من صب الحكومة لنا بل وغرقنا منه، ونطلب من الحكومة الكف عن هذا الصب،وأن وتقوم بتطبيق هذا الصب  فى سياراتهم الفارهه ومكاتبهم المكيفة ومستشاريها الذى لايوجد اكثر منهم.

فالوضع اصبح خارج عن الحد،فقد فاض الكيل وطفح ،واخشى أن يفقد العقل صوابه بسبب جوع البطن وموت الشعور وعراء الذهر،فأصبح قطاع كبير من الشعب داخل دائرة الفقر بل والفقر المدقع.

الغريب أنالحكومة دائما تبحث اولاً عن حقوقها عند  المواطنين،ثم لاتهتم بواجباتها تجاه هؤلاء المواطنين،فجميع الوزراء فى أحاديثهم المتلفزة وتصريحاتهم الصحفية يقومون بالمقارنة بالدول الغربية فى إلغاء الدعم ،ولكن يتركون مقارنة حقوق المواطنين فى هذه البلدان وظروفهم المعيشية،وكأن هذا غير مختصين به او إنه أمر غير مصرح به فى بلادنا العظيمة المجيدة !!!

والحقيقة كانت عنوان مقالتى هى "الغلابة ياحكومة" ولكن أدركت من خلال التفكير لبرهة من الوقت، أن الحكومات المتتابعة ماهى إلا منفذ لسياسات فوقية ،فتختلف الاشخاص ولكن الاتجاه واحد ووحيد.

والقارئ فى المجال السياسى والاقتصادى يعلم أن مصر تتجه من الاتجاه الاشتراكى الذى يدعم حق المواطن فى ثروات الوطن ومكتسبات بلاده، إلى النظام الرأسمالى الفردى،الذى تسمى الدولة فيه بالدولة الحارسة فقط ،أى تحرس السلطات بمعنى أن مهمة الدولة هنا هى الفصل بين السلطات،ويصبح مبدأ العرض والطلب هوالمبدأ السائد فى هذا النظام،ولا تتدخل الدولة فى تحديد الاسعار،ولاتتدخل فى الرعاية للمواطنين، وإن تدخلت الدولة تتدخل بتقديم الخدمة او المنحة على اعتبار إنها وصمة وليس حق للمواطن،وتنتهى بمرور السبب، أى إنها وقتيه ومحدودة أوقل إنها مسكنة لبض الوقت.

وهذا ليس بجديد ومعلوم لكل المهتمين بالعمل العام والسياسيين، بداية من اتجاه مصر إلى صندوق النقد الدولى،فهو أكبر منظمة عالمية تدعم الظام الرأسمالى، وتنشر قواعده ومبادئه فى بلدان العالم، وهنا فات الآوان إلى التعقيب بالسلب أو الايجاب على ذهاب مصر إلى صندوق النقد.

ولكن دعونى اتسائل هل يجوز اصلاح فساد حدث على مدار حوالى 50 عام فى غضون 5 سنوات ،بدون ان يكون لدينا خطة حقيقية للحماية الاجتماعية تلتقط الساقطين الى الطبقات الفقيرة؟

هل لدينا تشريعات قانونية تتماشى مع الوضع السياسى الذى نسعى القيام بتطبيقه؟
وبطريقة اخرى هل قمنا بتهيئة الوضع المجتمعى  تشريعياً وتنفيذياً واجتماعياً واخلاقياً إلى النظام الذى نحن نقوم بتطبيقه؟ 

هلى واجهنا جشع التجار؟وارتفاع الأسعار؟ هل قمنا بتشديد الرقابة على الاسعار وتفعيل دولة القانون العدل؟ هل قمنا بتقديم الخدمة على اكمل وجه فى المؤسسات الحكومية؟ حتى يسيتطيع المواطن أن يدفع مقابل الخدمة التى يحصل عليها المال بنفس راضية، وأن لايقع تحت يد المستثمرين الذين لايعرفون إلا استنزاف المواطن.

هل من العدل ان يتحمل جيل بعينه  فساد اجيال سابقين؟ هل هذا من العدل؟!
ويجب على هنا أن أسأل  ماهى فائدة الوزارت والوزاراء والمستشارين والمراكز البحثية ؟إذا كان كل حل لديهم يتجه نحو قوت الغلابة والفقراء ومتوسطى الدخل برفع الدعم عنهم 
اين الحلول الجديدة؟ اين التفكير خارج الصندوقايها السادة المسئولين ؟ 
اين هى المشروعات الجديدة وماهى عوائدها ؟
اين ثمار قناة السويس الجديدة؟ اين ثمار التوسع العمرانى؟ اين ثمار افتتاح المزارع؟اين ثمار افتتتاح المصانع؟ اين كل هذا؟!!
ألم تجد الحكومة بديلاً لحل مشكلات مصر إلا بموت الفقراء برفع الدعم عنهم الذين لم يأخذوا من بلدهم إلاهذا الدعم ،فهم لم يحصلوا على اى شئ،  لاتعليم مناسب ولا رعاية صحية مناسبة ولا مكانة مناسبة .

فالكل اصبح يئن والكل اصبح يمل ،فقد طال الامد وبعد الحلم ،ولكن منا مالديه ماينفقه سواء مما كان يدخره ،او من مرتبه الشهرى او من عمله اليومى سواء هذا يكفى ام لا ولكن يعيشون الناس بستر الرحمن.

ولكن اتسائل من اين ينفق الغلابه 
الغلابة ياسادة هم من ينتظرون الانسولين من المستشفيات الحكومية،الغلابة ياسادة هم يعيشون كل يوم يوم حشر فى المواصلات العامة،الغلابة ياسادة هم يتحملون تعالى الطبيب عليهم فى أصعب اوقات المرض،الغلابة ياسادة هم من يتحملون تعالى موظف الشئون الاجتماعية عليهم فى أصعب اوقات الاحتياج،الغلابة ياسادة هم من يتعاملون بإهانة داخل اقسام الشرطة،الغلابة ياسادة هم من تضيع كرامتهم فى طوابير المحاكم،الغلابة ياسادة لايعرفون فلاناً بيه او علاناً باشا،الغلابة ياسادة هم من لايسعون الى اى  منصب سياسى او مركز ادبى او سلطوى.

الغلابة ياسادة هم حرموا من التعليم بسبب فقرهم ،الغلابة ياسادة هم من لم يقدروا على تحمل اعباء  تعليم اولادهم فى الجامعات،الغلابة ياسادة هم سكان العشش فى اطراف المدن العظيمة،الغلابة ياسادة هم سكان الصفيح وسكان بيوت الطوب اللبن 

الغلابة ياسادة هم يفترشون طرقات المستشفيات من اجل انتظار اجراء عملية جراحية وتلقى العلاج،الغلابة ياسادة هم من ينتظرون رغيف العيش من الحكومة الغلابة ياسادة هم من يقضون عشائهم نوم ،الغلابة ياسادة هم مكتوفى الايدى وعاجزين عن الصياح ،الغلابة ياسادة هم القطاع الاكبر من الشعب،الغلابة ياسادة هم القطاع الاكبر فى صناديق الانتخابات لأن الجميع يعتمد عليهم وقت الحاجة ،والحقيقة أن العوز والحاجة تجبرهم على فعل مايطلب منهم 

الغلابة ياسادة لايسعون الا الى قوت الحياة اليومى وفقط 
وفى النهاية إنى اعلم أن أى رئيس أحب إليه أن تعيش بلده فى سخاء ورخاء ،وأن أى رئيس أحب إليه أن يشكر شعبه فيه عن اقتناع ،وأعلم أن هذه الاجراءات الاقتصادية أخذت من أجل الاصلاح والبناء والتنمية،ولكن يجب علينا أن نضع الغلابة نصب أعيننا،وأن نرعى شئونهم ،ونعرف ظروفهم ،وأن نوفر لهم حماية اجتماعية حقيقية لهم ومتكافئة مع ارتفاع الأسعار الجنونى فى ظل غياب الرقابة 

يجب علينا أن نتجه الى الرعاية بجانب البناء والتنمية ،يجب علينا ان نشبع البطون حتى تستطيع العقول أن تفكر بطريقة صحيحة،يجب علينا أن نعلم أن التنمية تبدأ من بطون الفقراءوليس فقر بتمهيد الطرق لسيارات الاغنياء،فمشكلة الفقر هى أم المشكلات، فمع ارتفاع معدلات الفقر تزداد الجريمة،ويزداد العنف والارهاب،ويقل الانتماء والولاء للوطن.

واخيراً أيها المسئولين جميعا عليكم أن تتخيلوا "أب" عاجز عن اشباع جوع ابنه و"أم" عاجزة عن علاج طفلها،و"عجوز"عاجزعن الحصول على قوت يومه .

أيها المسئولون عليكم أن تأخذوا رضا الغلابة حتى تأخذوا رضا الرحمن،أيها المسئولون جميعا عليكم أن تعلموا أن المناصب تكليف وليست تشريف،وأن كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، أيها المسئولون اتقوا يومون ترجعون فيه الى الله ،وان تنظروا للمواطن نظرة عطف وحنان نظرة الاب،وليس نظرة المستثمر الذى يستثمر فى شعبه 
حفظ الله مصر ... اكرم الله الغلابة