د. حماد عبد الله يكتب: عيد الفطر المبارك والذكريات!

مقالات الرأي



كان عيد الفطر المبارك يأتي إلينا ونحن علي أتم الأستعداد في الأيام الأخيرة من رمضان بإعداد "الحذاء الجديد"، عند عم سعيد "الجزمجي" ، الذي يشُدْ (الفوندي) الذي نختاره تحت رعاية وعناية الوالد وكنت في بعض الأحيان أذهب بعد الإفطار وصلاة التراويح علي محل عم سعيد (الله يرحمه) لكي أري شد (الفوندي) علي القالب الصغير الخاص بي , حيث كل (زبون) له (قالب) برقم  ومقاس قدمه وكنت أمكث مراقباً للصانع وهو يشد "الفوندي" ويدق أطرافه بالمسامير وهو يرسم (النعل) من الجلد , وكانت ليلة الوقفه هي ليلة إستلام الحذاء من عند عم سعيد ، لامعاً ، رائعاً ، حتي رائحته , كان لها معني ولا أذيع سراً ، حيث أهلي وأصدقائي يعلموا ذلك عني  كنت أحتضن الحذاء بجانبي حتي صباح العيد (صلاة العيد) !!

وبجانب الحذاء , كان هناك عم (عبد الجليل) الترزي الله يرحمه أيضاً , حيث كان يقوم بتفصيل القميص والبنطلون , وفي أحياناً كثيرة جاء العيد في الشتاء فكانت (الجاكتة) هي حكاية (عبد الجليل) معي حيث أذهب إليه بعد المدرسة  لكي يأخذني (بروفه) بالدبابيس والطباشير ويخطط على أكتافي , حتي يضبط مقاسي ، وكانت أيضاً تلك المنحة الرمضانية الجميلة أنالها قبل العيد بساعات حيث لا أعلم , لماذا ؟  لماذا نتأخر؟ ، و يتأخر صناع هذه.

المنح حني صباح العيد وطبعاً هناك (حُمٌايِة ) العيد (وحِلاَقة) العيد، نعم (عم عبد المنعم) الله يرحمه هو "الحلاق" الخاص بوالدي , وليلة العيد , ننتظر بجوار المحل , وإما نقضي الوقت بعد الفطار في اللعب (عساكر وحرامية) أو لعبة (السبع طوبات) أو لعبة (الطره والوزير) وهي لعبة (مؤذية) أو لعبة (صلح) حتي يأتي الدور علي من يجلس بين يدي "عم عبد المنعم" رحمه الله، ولا أعلم أيضاً  لماذا الحلاقة في أخر ليلة من رمضان، ولعل من المقالب التي لا يحبها الأطفال حينما يعلن عن هلال شوال بأنه متأخر يوماً (يادي الحوسة) وحيث نتعجل بمجئ العيد، ولكن تأجيل ظهور هلال شوال له مزايا لدي أخرين وهم الصناع الذين لديهم واجبات إنهاء طلبات الزبائن من أحذيه وصنادل (عموله) أو الطرزية للملابس والفساتين وغيرهم من طلبات الأولاد ، ويأتي العيد مع التكبير ونتجمع في مسجد "قايتباي" بمنيل الروضة حيث تفترش الشوارع , وتُؤَّدَى الصلاة , ونعود للإفطار ونستقبل العدايا ويكون عائدها كله لعم (حُزَيٌن) العجلاتي , حيث طرز العجل (الدراجات) بأوراق (الكريشة) الملون وغيرها من ركائب (موتسيكلات) صغيرة للأشقياء منا أو دراجة بثلاثة عجلات لمن هم مثلى ممن يخافون الدراجة ذات العجلتين ، وهكذا يمر يوم عيد فطر فى ذاكرتى فى الخمسينيات وأنظر اليوم وأتعجب شديد العجب !!