​"أعبد الله كأنك تراه".. حلقات صوفية في حب الذات الإلهية داخل المرسي أبو العباس (فيديو وصور)

محافظات



مع أيام شهر رمضان الكريم تعلو الروح نحو الإيمان الخالص، وشكر الله على فضائل تلك الشهر وأيامه المعظمة، فتلك الحالة الروحانية يعبر عنها مريدو الطرق الصوفية في حضراتهم داخل مساجد أولياء الله الصالحين، لكي تنسجم الروح مع روحانيات تلك الشهر في آناً واحد.
فعقب شعائر صلاة الجمعة في رحاب مسجد المرسي أبو العباس داخل ميدان المساجد في الإسكندرية، يحرص مريدو الطرق الصوفية على التجمع بداخله، لإقامة حلقات دائرية بين المدح النبوي، الإنشاد الديني، وذكر الذات الإلهية.

فعلى جنبات المسجد تتوزع الحلقات الصوفية بشكلاً منفصلاً، لتمارس طقوسها في انعزالاً تام عن العالم الأخر وما يدور بجوارهم، لتعايشوا بروحهم مع تلك الحالة الخاصة، مترددو المسجد بدورهم يحبون مجاورتهم، للمشاركة في تلك الشعائر الروحانية.

ذكر الذات الآلهية.. كأنك ترى الله

 "الله.. الله" حلقة صوفية تتوسط أرضية مسجد المرسي أبو العباس في تمايل واحد من الخلف إلى الأمام، دون الالتفات يميناً أو يساراً، فتلك الذكر يبدأ عقب الانتهاء من صلاة الظهر إلى قرب صلاة العصر، فتلك الحالة يعبر عنها الشيخ جابر قاسم وكيل مشيخة الطرق الصوفية"نسبح في ذكر الله بجميع حواسنا".

تلك الحالة تجعل الإنسان في حال أخر داخل السبحات، حتى يحقق حب الله لذاته وليس لطلب أي شئ، فهذا يعبر عن الجانب الروحي للصوفية، كما يوضح"قاسم"، مجاورة المريديون بعضهم لبعض في حلقات دائرية وفق معتقد الصوفية، بأن التواجد يخلق حالة الارتباط، حتى أنهم يمسكون بأيادي بعضهم، مع تريد اسم واحد"الله.. الله".

الحضرة تبدأ بقراءة تلاوات القرآن الكريم والأذكار، إما واقفاً أو قاعداً وفق كل طريقة، مثلما تعبر الآية القرآنية"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ".

أن تكون مريد في تلك الحلقة الصوفية يجب أن يتوب شيخ الطريقة الراغب في الانضمام وينقيه من ذنوبه، يتأكد من انتظامه في الصلاة، وأنهم يسيرون على شريعة الإسلام، لأن دون الألتزام بالشريعة لا يجوز الانضمام إلى الحلقات الصوفية، كما يشير وكيل المشيخة، مسترسلاً: "نحن في طريقتنا نعبد الله كأننا نراه، فلا يجوز أن نذكره ونحن نسرق أو نكذب أو نزني".

شيخ كل طريقة دوره ترويد النفوس"اللوامة"، "الأمارة بالسوء"، "الملهمة"، "المطمئنة"، وذلك بذكر أسماء الله الحسنى، حتى يحقق كل شيخ الجانب الروحاني في كل شخص، وحتى يستوجب أن يكون في حضرة الشيخ.

تلك الحلقات ليست متواجدة فقط في مسجد العارف بالله المرسي أبو العباس، إنما تنتشر في جميع مساجد الأولياء على رأسها سيدي بشر، سيدي أحمد المتيم، سيدي جابر الانصاري، سيدي القباري، وهي متواجدة طوال الأسبوع، بحيث لا يعدي يوم إلا هناك حلقات ذكر صوفية.

من أبيات التراث الصوفي.. حلقات تمدح الرسول"محمد"

"مرحبا جد الحسين.. مرحبا"، "صلي وسلم يا الله.. على النبي ومن ولاه" على الجانب الأيمن للمسجد يجلس مريدو الطريقة البيومية في حلقة مجاورة، يمدحون الرسول"محمد" صلى الله عليه وسلم، في أجواء روحانية تزيد التعلق بذكر الله وحب الرسول والرغبة في مدحه.
 تلك الحلقة  تعتمد على قصائد التراث الصوفي في الإنشاد الديني، كما يقول أحمد صقر من  أبناء الطريقة"السعدية الشيبانية"، فالمدح النبوي وفق قوله"بتخلينا نشوف الرسول الكريم". 

تلك الإنشاد الديني تعلمته الطريقة الصوفية من المشايخ مثل ابو حسن الشاذلي، المرسي أبو العباس، سيدنا علي، وأن تواجدهم في شهر رمضان يكون بشكل مكثف، وفي مساجد أخرى غير أبو العباس.

"أني أحبُ حسينا" صوتاً صوفي يلقي بصداه من الجانب الأخر من المسجد من أبناء الطريقة"السمانية"، التي التفت حول مدح النبي الكريم وآل بيته.

تلك الطريقة وجدت تعظيم مدح النبي غاية وضرورة، لأن عند ذكر الله ورسوله تحضر الملائكة والنور على تلك المجالس، وهذا يشعر الحاضرين بالراحة والنور والفرحة، ويشعر القلب بالطمأنينة.

 أول من مدح الرسول الكريم هو الله سبحانه وتعالى في مواضع من القرآن الكريم"أنِك لَعٌلَى خَلَقِآ عٌظّيِّمَ"، و"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"، وذلك وفق حديث"حسن جابر" أحد مريدي الطريقة.

ابتهالات الطريقة أخذتها من قصائد بردة المديح للإمام البوصيري، والتي تحدث عنها"جابر" أنها تلهم الحاضرين بكلماتها، البعض لا يفهم كلمات المديح، لكنها وفق رؤيته الروح تعرف النبي، وجميع الحاضرين داخل المسجد يتفاعلون ويحبون تلك الكلمات.