د.حماد عبدالله يكتب: صعوبات شديدة فى "مصر"

مقالات الرأي



كان قرار العودة، والتحدى الذى قررت مواجهته، هو أن أعود للقاهرة، وأبدأ فى معركة أخرى وهى إثبات الذات، وواثقاً فى وعود رئيس الدولة والذى دعانا جميعاً ( المبعوثين المصريين فى الخارج ) بضرورة عودتنا إلى "مصر" ، وأهمية هذا النداء من أكبر رأس فى الدولة ، وفى مواجهتنا ، لم أشك لحظة فى أن هذا الكلام ، وهذه الوعود جميعاً ، ستذهب هباءاً مع الهواء ، وكَذَبٌتَ كل رأى مساند لهذه الفكرة وجاء التحدى الأخير ، بأننى وشريكى وصديقى "سعيد الوتيرى" ، رفض هذا القرار ، وكان للحوار الدائر بيننا ، هو أننا نعمل فى "روما" فى الجامعة ولنا مستقبل مأمول نتيجة الجهود العلمية التى نبذلها وكذلك حياتنا العملية ، فنحن شركاء فى مطعم أصبح له وزن وسط المطاعم فى منطقة ضاحية روما ( فيوميشينو ) وقربنا من مطار "روما" ، كان مؤشراً على أننا نتقدم بسرعة ، وأن العائد من العمل مبالغ محترمة ، أستطعنا أن نستكمل إحتياجاتنا ، بل أصبحنا نعيش عيشة ( رغدة ) ، فلماذا العودة للمجهول ، والعودة إلى مصر فقط بناء على وعود لن تتحقق بسهولة ، وفعلاً كانت الصدمة الأولى فى ميناء الإسكندرية ، وتم حلها بواسطة خطاب ( عرفى ) من رئاسة الجمهورية ( كضمان ) لخروج أمتعتى وسيارتى من الجمارك ، وكان وعد الرئيس السادات أيضاً إحتياجنا فى الجامعات المصرية ، وها أنا أمام كلية الفنون التطبيقية ( كليتى ) رفضت تعيينى!! ، وكذلك كلية الفنون الجميلة أيضاً ( رفضت تعيينى ) شىء من الإكتئاب ) العام أصابنى ، ولكن لم أستسلم أبداً ، كانت رؤيتى للمستقبل فى "مصر" ، تختلف عن كل تلك الأراء المتشائمة !!

وكان عميد كلية  الفنون التطبيقية حينذاك الأستاذ ( الدكتور كامل مصطفى ) رجلاً فاضلاً ومن كبار فنانينا فى الحلى والصياغة والمعادن وكان من ثوار كلية الفنون التطبيقية فى شبابة ، فهو خريج عام 1947، وكان مناضلاً ، وحينما التقانى ، وتحدث معى بالساعات ، أبلغنى بأننى أذكره بشبابه ، وفخوراً جداً بى وإنتدبنى فوراً لتدريس مواد ( الرسم الهندسى والمنظور الهندسى والحر ، والطبيعة الصامتة والحية ، والمتاحف ) بعيداً عن القسم العلمى الذى أنتمى إليه ، والرافض تماماً تعيينى ضمن أعضاء هيئة تدريسه!! ، ولهم الحق فى ذلك لعدة أسباب ، منهم إختلاف التخصص الذى حصلت عليه عن تخصص القسم ( غزل ونسيج ) وأيضاً لأننى قادم من الخارج ( هابط بالبراشوت ) كما شبهوا لى الموقف ، كما أن الحساسية تعود إلى أننى أصغر كثير من أساتذتى الذين يكبروننى عمراً ، ولم يحصلوا بعد على درجة الدكتوراه,حيث أن خريجى 1964 والمعيدون فى الكلية (ودرسوا لى ) ما زالوا مدرسين مساعدون حيث توقفت الدراسات العليا فى الجامعات منذ 1967 حتى عام 1973 مما تأخر كثيراً المسيرة العلمية لهم .

وإذا بى أعود وعمرى ثلاثون عاماً بالضبط ، وحاصلاً على درجه دكتوراه معادله ) ومطلوب تعيينى فى نفس القسم ونفس الكلية متقدماً على الجميع شىء "مثير للحنق ,والغيظ" وهذا حقهم (الإنسانى ) وكان هذا الشعور لدى غالبية أساتذتى وكانت النصيحه أن أعود إلى روما ,مرة أخرى , وهنا تعقدت الأمور فتوجهت مرة أخرى  إلى رئاسة الجمهورية ، لكى أنال إعتذاراً لجامعة روما وأبحث عن وسيله لعودة حياتى كما كانت قبل قرارى الخاطىء والعودة إلى مصر,وإلى المجهول !! وللحديث بقيه !!