عبدالحفيظ سعد يكتب: المرتزقة.. والنذل

مقالات الرأي



قصتان حزينتان من أرض يفترسها الضباع

نقل مسلحى "فيلق الرحمن" التابع للإخوان من الغوطة لحماية نظام تميم ووالدته فى الدوحة

خالد مشعل يمجد الاحتلال التركى ويصف احتلاله لأراضى سوريا بـ"نصر من الله"


1- مرتزقة فيلق الرحمن فى الدوحة

تحولت سوريا الآن إلى مرتع، وصار من كنا ننعتهم بـ«الثوار»، لمرتزقة، يقاتلون لمن يدفع داخل الحدود أو خارجها، ولم تعد آمال الثورة بالتخلص من الطاغية بشار أو تحرير الشعب السورى، من الاحتلال المحمول من إيران وميليشياتها، قضيتهم التى تغنوا بها.. فمن كان يطلق عليه «الثوار» فى ضواحى دمشق بالغوطة الشرقية، يتحولون الآن لجنود مرتزقة، يتم إخراجهم، ليتحولوا للعمل كـ «أجراء» فى حماية نظام تميم ووالدته فى الدوحة القطرية. فى سوريا أيضا خرج أحد الشخصيات التى نعت أيضا بلقب «مجاهد»، وهو خالد مشعل.

فى أحد التسريبات لما يحدث فى سوريا من صفقات قذرة، تدور خلف الكواليس، كشفت «المعارضة القطرية» التى تتخذ من العاصمة لندن مقرا لها، تسريبا، عبر منصتها على موقع التواصل الاجتماعى، عن جزء من الاتفاق الذى خرج به المسلحون من الغوطة الشرقية، وتضمن خروج ما يعرف بـمقاتلى «فيلق الرحمن» وهو الجناح العسكرى لتنظيم الإخوان فى سوريا، من ريف دمشق، الغوطة الشرقية، ونقلهم إلى إدلب فى الشمال السورى، ومنها إلى تركيا، على أن يتم شحنهم إلى العاصمة القطرية الدوحة، عن أن يتولى هؤلاء عملية حراسة القصور الملكية القطرية، وحماية النظام القطرى.

وذكرت «المعارضة القطرية» أن إحدى أخطر المهام التى ستوكل إلى هذه العناصر هى استخدامهم كمرتزقة داخليين فى الشرطة وتوظيفهم فى شركات الأمن الخاص التابعة لتميم وعناصر نظامه، وبالتالى إضافتهم إلى منظومة القمع والتجسس والمراقبة.

وقالت المعارضة القطرية نصا: «فضيحة جديدة نكشف عنها من ضمن سلسلة فضائح النظام القطرى وأجهزته ومرتزقته: استقدام عشرات العناصر المنتمية إلى فصيل تميم فى سوريا «فيلق الرحمن» إلى أرضنا الحبيبة».

وذكرت «بعد أن أهدر هذا الفصيل دم الأشقاء السوريين تحت شعارات زائفة بهدف تسهيل مؤامرة السيطرة الفارسية -العثمانية على سوريا، قرر تميم وجهازه الأمنى إعطاءه مهام جديدة، مضيفة «أن إحدى أخطر هذه المهام هى استعمال هؤلاء العناصر كمرتزقة داخليين فى الشرطة وتوظيفهم فى شركات الأمن الخاص التابعة لتميم وأزلامه، وبالتالى إضافتهم إلى منظومة القمع والتجسس والمراقبة».

وأشارت التغريدات القطرية إلى أن «قسماً من العناصر سيخضعون لتدريبات جديدة من قبل الخبراء الأتراك فى الدوحة تمهيداً للانتقال إلى دول نزاع أخرى. وبحسب المعلومات التى حصلنا عليها، فإن الصومال هو إحداها، وسيستعمل هؤلاء لاستهداف الأقاليم والمجموعات المعارضة لنفوذ النظامين التركى والقطرى».

ويتماشى ما كشفت عنه «المعارضة القطرية»، من معلومات مع ما ساقته روسيا بشأن الاتفاق الذى خرج به مقاتلو «فيلق الرحمن» من الغوطة الشرقية، والذى جاء فيه على لسان متحدث عسكرى روسى بأن 1146 مسلحا من «فيلق الرحمن» وعائلاتهم نقلوا على متن 24 حافلة من دوما، عبر ممر مخيم الوافدين، إلى إدلب.

وتحدثت روسيا عن أن نقل المسلحين بإشراف الهلال الأحمر السورى باتجاه إدلب بعد أن أخرج المسلحون وعائلاتهم فى وقت سابق من داخل مدينة دوما.

ويتفق ذلك، مع عملية التقارب الذى تم بين إيران وحزب والله مع النظام القطرى، خاصة بعد الإجراءات ضد الدوحة من قبل الدول العربية الأربع تجاه قطر لدعمها الإرهاب، والتى وصلت لحد استعانة نظام الدوحة بقوات تركية وإيرانية لتأمينه من أى محاولات داخلية بالخروج عليه وسط المقاطعة المفروضة عليه من الدول الأربع. وتولى القوات الخاصة التركية، ومن ورائها قوات من الحرس الثورى الإيرانى عملية تأمين الأمير تميم ووالدته، بعيدا عن القطريين، الذى يبدو أن نظام تميم لا يثق فيهم، ما دعاه لاستقدام قوات خارجية لحمايته.


2- المجاهد «النذل»

عملية نقل مسلحى «فيلق الرحمن» التابع لجماعة الإخوان فى سوريا، وتحويلهم لمرتزقة لحراسة نظام تميم فى الدوحة، لا تقل عما قام به خالد مشعل رئيس المكتب السابق لحركة حماس، والذى خرج فى الوقت الذى كان أفراد الشعب الفلسطينى «المناضلون الحقيقيون»، يتعرضون لمذبحة فى ذكرى «يوم الأرض» من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى، والتى قتل فيها بدم بارد ما يزيد على 15 فلسطينيا، بالإضافة لإصابة ما يزيد على 1200، وهم عزل أثناء زحفهم للتأكيد على تمسكهم بأرضهم.

فى هذه الأثناء كان خالد مشعل فى تركيا وبعد أن جمعته مأدبة فاخرة، تمتع فيها بأشهى المأكولات وأفضل المشروبات فى مدينة إسطنبول، خرج فى خطاب له يثنى على احتلال آخر لأراضٍ عربية، ويعتبره «نصرا» للأمة..!

وقال فى كلمة له إن «النصر فى عفرين (السورية) كان نموذجاً للإرادة التركية، وإن شاء الله سنسجل ملاحم بطولية لنصرة أمتنا».

واعتبر مشعل أن الاحتلال التركى لأراضٍ عربية سورية بأنه «نصر لم يتخل فيه الله عن تركيا».

كلمات المناضل الفلسطينى بالثناء على الاحتلال التركى لأراضٍ عربية، فى ذات اللحظة التى كان يذبح أبناء شعبه على يد الاحتلال الإسرائيلى.. لا يعد مفاجأة من الزعماء المأجورين، والذين يوزعون ولاءهم لمن يدفع، أو يخدم تنظيمهم وليس قضيتهم.

لكن تعد كلمات مشعل بمثابة «صدمة» لكل السوريين، خاصة أن يمجد احتلال أراضيه، رغم أنه حتى وقت قريب، كان خالد مشعل يعيش فى سوريا وفى حماية نظام الأسد، ولكن عندما اشتعلت الأحداث فى سوريا ولم يعد بمأمن، خرج منها إلى الدوحة، حيث هناك وجد «ملاذا» آخر، تمتع فيه بالخيرات، ويدير فيه ثروة ضخمة عبارة عن عدة أبراج وعقارات فى العاصمة القطرية، ومن هنا بدل ولاءه لمن يدفع.. فالدوحة تحتاج إلى تركيا، والمجاهد «النذل»، يُأمر فيجيب.