ننشر نص كلمة الرئيس الفلسطيني أمام مجلس الأمن‎

العدو الصهيوني



ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خطابا هاما أمام مجلس الأمن الدولي، وهذا نص الكلمة:
"سبعون عاماً مضت على نكبة فلسطين التي خلفت ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعانون من ويلات التشرد وفقدان الأمان، ولا زالوا هائمين على وجوههم في كل بقاع العالم، بعد أن كانوا يعيشون حياة هانئة مستقرة في مدنهم وقراهم، وهؤلاء هم جزء من ثلاثة عشر مليون فلسطيني لم يحصلوا بعد على اعتراف المجتمع الدولي بالعضوية الكاملة لدولتهم الفلسطينية من الأمم المتحدة، بالرغم من قرارات دولية عديدة تؤكد على حقهم في تقرير المصير والدولة على ترابهم الوطني.

نحن سلالة الكنعانيين الذين عاشوا على أرض فلسطين قبل أكثر من خمسة آلاف عام، وبقوا فيها إلى اليوم دون انقطاع، ولازال شعبنا العظيم متجذراً في أرضه. شعبنا الفلسطيني عمَّر مدنه وأرضه، وقدم إسهامات إنسانية وحضارية يشهد لها العالم، أنشأ المعاهد والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الثقافية، وأقام المسارح، والمكتبات، ودور النشر والصحف، ومؤسسات اقتصادية وشركات وبنوكاً ذات تأثير إقليمي ودولي واسع، كل ذلك، كان قبل وبعد صدور وعد بلفور من الحكومة البريطانية في العام 1917، هذا الوعد الذي أعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق، والذي على الحكومة البريطانية أن تتحمل مسؤولياتها عنه وعن نتائجه الكارثية على شعبنا الفلسطيني.

ومنذ ذلك الحين، وبالرغم من وجود شعبنا تحت الاحتلال، فقد واصل مسيرته في البناء والتنمية بعد إقامة سلطته الوطنية في العام 1994، وها هي مؤسساته الوطنية التي تشهد لها الهيئات الدولية بالجودة والعمل وفق سيادة القانون، ومعايير الشفافية والمحاسبة، وتمكين المرأة والشباب، في جو من التسامح والتعايش الحضاري دون تمييز.

ومن ناحية أخرى فإننا نعمل على وحدة شعبنا وأرضنا، وأن تكون لنا سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد، ونحن عازمون على الذهاب لانتخابات عامة برلمانية ورئاسية.

السيد الرئيس، إن قناعتنا راسخة، وموقفنا واضح من استخدام السلاح، أياً كان نوعه، فنحن ندعو ليس فقط لنزع السلاح النووي، بل إننا ضد السلاح التقليدي، لما له من أثر على تدمير العديد من الدول في منطقتنا والعالم، ولهذا فقد حرصنا على نشر ثقافة السلام ونبذ العنف وأبدينا الاهتمام بالتنمية المستدامة، وبناء المدارس والمستشفيات، وتعمير المناطق الصناعية والمزارع وإنتاج التكنولوجيا بدلاً من إنشاء مصانع السلاح وشراء الدبابات والطائرات لأننا نريد لشعبنا أن يعيش بحرية وكرامة بعيداً عن الحروب والدمار، وبعيداً عن الإرهاب والتطرف الذي نحاربه بلا هوادة في كل مكان في العالم، وقد عقدنا لهذا الغرض 83 اتفاقاً أمنياً مع العديد 83 دولة في العالم.

أيها السيدات والسادة، لماذا نحن هنا اليوم؟
بعد مشوار طويل من الجهود المبذولة لخلق مسار سياسي يرتكز على المفاوضات، ويقود إلى سلام شامل وعادل، شاركنا كما تعرفون في مؤتمر مدريد عام 1991، وعقدنا اتفاق أوسلو عام 1993، الذي أكد على وجوب التوصل إلى حل قضايا الوضع الدائم قبل العام 1999، إلا أن هذا مع شديد الأسف لم يحدث؛
ومع ذلك، واصلنا جهودنا من أجل التوصل إلى السلام؛ عقدنا محادثات في واي ريفر وكامب ديفيد، وشاركنا في مؤتمر أنابوليس، وأجرينا محادثات مع رئيس الوزراء السابق أولمرت، والتقينا رئيس الوزراء نتانياهو بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلنتون وجورج ميتشل، ووافقنا على دعوة الرئيس بوتين للقاء السيد نتانياهو في موسكو، ولكنه مع الأسف تهرب من الحضور، ثم عملنا بكل جدية مع وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، ولكن تعنت الحكومة الإسرائيلية أفشل هذه الجهود. (وبعد كل ذلك، كيف يقال إننا نرفض المفاوضات).

ومع ذلك، واصلنا جهودنا من أجل التوصل إلى السلام؛ عقدنا محادثات في واي ريفر وكامب ديفيد، وشاركنا في مؤتمر أنابوليس، وأجرينا محادثات مع رئيس الوزراء السابق أولمرت، والتقينا رئيس الوزراء نتانياهو بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلنتون وجورج ميتشل، ووافقنا على دعوة الرئيس بوتين للقاء السيد نتانياهو في موسكو، ولكنه مع الأسف تهرب من الحضور، ثم عملنا بكل جدية مع وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، ولكن تعنت الحكومة الإسرائيلية أفشل هذه الجهود. (وبعد كل ذلك، كيف يقال إننا نرفض المفاوضات).

وأمام هذا الانسداد، لم نيأس، ولم نفقد الأمل، فذهبنا للأمم المتحدة، منطلقين من قناعتنا بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو من ضمن عدة مسائل إلى عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، وأكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذه من جملة المسائل التي سيناقشها مجلسكم الموقر غدا، ولا زلنا نعمل مع هيئاتها كافة، لإيجاد مخرج لإنهاء هذا الاحتلال لأرضنا وشعبنا، وبالرغم من كل ذلك، فقد أخفقت الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها حتى يومنا هذا.

هل يعقل أيها السيدات والسادة أنه، وبالرغم من صدور 705 من القرارات عن الجمعية العامة، و86 قرار من مجلس الأمن الدولي لصالحنا، ألا تنفذ؟، وهل يعقل أن تتهرب إسرائيل من تنفيذ القرارين 181 و194 اللذين كانا شرطاً لقبول عضويتها الدائمة، وفق التعهد الخطي المقدم من موشيه شاريت (شارتوك) وزير خارجيتها في حينه.
إسرائيل، أيها السيدات والسادة، تتصرف كدولة فوق القانون الدولي، فقد حولت حالة الاحتلال المؤقتة وفق القانون الدولي إلى حالة استعمار استيطاني دائم، وفرضت واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد، وأغلقت جميع الأبواب، أمام حل الدولتين على حدود 1967؛

إننا نؤكد هنا كما أكدنا في الماضي، أن مشكلتنا ليست مع أتباع الديانة اليهودية، فاليهودية ديانة سماوية مثل المسيحية والإسلام، بل إن مشكلتنا هي فقط مع من يحتل أرضنا ويمنع استقلالنا وحريتنا. 

السيد الرئيس، التقينا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أربع مرات خلال العام 2017، وأبدينا له استعداداً كبيراً للتوصل إلى صفقة سلام تاريخية، وأكدنا على موقفنا المتوافق مع الشرعية الدولية، وحل الدولتين على حدود 1967، رغم أن هذه الإدارة لم تحدد موقفها، هل هي مع حل الدولتين، أم مع حل الدولة الواحدة، بل، وفي سابقة هي الأخطر من نوعها، وبقرار أحادي غير شرعي رفضه غالبية العالم، قررت الإدارة الأمريكية إزاحة ملف القدس عن الطاولة، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، متجاهلة أن القدس الشرقية، هي أرض فلسطينية محتلة منذ العام 1967، وهي عاصمتنا التي نريدها أن تكون مدينةً مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية.

والمستغرب أيضاً أن الولايات المتحدة لا زالت تدرج منظمة التحرير الفلسطينية على قائمة الإرهاب، وتضع القيود على عمل بعثتنا في واشنطن، متذرعةً بقرارات الكونغرس منذ العام 1987، كما أنها قررت مؤخراً معاقبة اللاجئين من خلال تخفيض مساعداتها لوكالة الأونروا، بالرغم من موافقتها على قرار إنشائها، وتبنيها للمبادرة العربية للسلام والتي تدعو لحل عادل ومتفق عليه لمسألة اللاجئين حسب القرار 194؛

إن الولايات المتحدة ناقضت نفسها ونقضت تعهداتها وخرقت الشرعية الدولية، بقرارها بشأن القدس، إذ إنه ليس بمقدور دولة بعينها أو بمفردها اليوم أن تحل صراعاً إقليمياً أو دولياً دون مشاركة أطراف دولية أخرى، ولذلك لا بد من آلية دولية متعددة الأطراف لحل القضية الفلسطينية، تنبثق عن مؤتمر دولي وتلتزم بالشرعية الدولية".