ربيع جودة يكتب: وفيق ورفيق.. رهن التحقيق

ركن القراء



لقد كان يشبهه كثيرا..  ليس فقط لأنهما خرجا من مخاض واحد.. في ساعة واحدة.. ولكن تجمعهما صفات واحدة.. ودراسة واحدة.. وحرص والداهما منذ الصغر على الحفاظ علي هذا الشبه.. في الملبس والمأكل حتي اكتملا طيباً وخُلقاً.. وقد لاحت لهما فرصة التوظف في احد الشركات بالمعادي.. فانطلقا يرتديان نفس الثياب.. إلى حيث محطة المترو.. لا يختلفان سوي في حرف واحد من إسميهما .. وفيق..  ورفيق..  وقفا ينتظران القطار..  ترقبهما أعين الناظرين ..  وعلي شفاه الناس ذات السؤال..  انتو توأم صح ؟؟.

ضجت المحطة بالركاب.. وتدافع الناس إلى الأسهم الدالة علي الأبواب.. حتى أتي المترو من بعيد.. يدك الارض دكا.. والتوأم يتجاوران.. حتى استقر القطار.. وهما بين عربتين.. فركب وفيق في عربة.. ورفيق في العربة التي تليها..  وتدافع الناس الي العربات كطوفان الماء . يموجون في بعض.. حتي استقر وفيق..  إلي جوار سيدة..  قصيرة القامة.. سمينة اللحم..  لا يبالي الناس بها..  وقد تلاحم الجميع في صمت وصبر.  

بينما عقولهم صاخبة..  بمعاناة الحياة..  ومشقة العيش.. لكن..  وسط كل هذا السلام .. ترنح شاب الي جوار السيدة..  تدور عيناه..  مترقباً نظرات الناس..  حتي اذا اطمأن لانشغال الجميع . امتدت يده برفق الي حقيبة السيده...  يحاول سرقتها، فانتبه اليه وفيق.. ونظر اليه بحدة فرفع يده عن الحقيبة.. ولم يشأ وفيق أن يفضح أمره.. وفي الوقت نفسه.. أوقعت الأقدار.. أخيه رفيق في العربة الاخرى.. الي الوقوف بجوار رجل يبدو عليه الإعياء الشديد..  لم يجد في قلوب الجالسين مروءه ليجلسوه.. وقد استأثر كلٌ بمقعده.. لاحظ رفيق إعياء الرجل..  فرفع يده علي كتفه..  واحاط بالأخري خاصرته..  ليستند إليه.. فانتبه أحد الجلوس اخيراً..  وأقعد الرجل.. وهو يتصبب عرقا..  اخرج رفيق..  منديل يمسح عنه تعبه..  وهو يقول حاول ان تتماسك .. المحطة القادمة  مستشفي الدمرداش ..  سأذهب بك إليها..  رفع الرجل عيناه الي رفيق..  يتفقد ملامحه جيدا..  ثم أمسك بيده ووضع بها حقيبة كان يحملها..  وأطبق يده عليها...  ظن رفيق أنه يخشي ان يفقدها لشدة تعبه...  فقال لا بأس سأحملها عنك لا تخف..  توقف القطار في محطة الدمرداش..  وفُتح الباب..  وخرج رفيق بصحبة الرجل..  أما أخيه وفيق فقد لمح الشاب الذي حاول سرقة السيدة. وقد انتظر فتح الباب ..وسرق هاتفها المحمول وجري .. فنزل وفيق يجري خلفه..  ويصيح حرامي حرامي..  والسارق يصعد من سلم وينزل من آخر.

 في الوقت ذاته..  يسقط الرجل المتعب..  من يد اخيه..  وهو يقول لرفيق..  اقترب مني..  فاقترب منه..  فقال..  هذه الحقيبه بها مليون جنيه..  ثمن قطعة ارض.  خشيت ان اركب سيارة خاصة بها..  وأريد ان أودعها لحساب ابنتي..  التي يطمع في ميراثها اخي وأبناءه  .. وعلي كل حال سأفقدها..  لاني الآن احتضر..  استحلفك بالله ان تتركني ..واذهب لتودع الأمانة . وهذه بيانات ابنتي ورقم الحساب.. ثم غشي عليه..  انصرف رفيق..  يعقبه رجل خبيث..  سمع ما دار بينهما .. فقال له .. الشنطة دي تلزمني .  فدفعه رفيق بقوة .. فقال.. ياعم هنقسمها سوا الراجل مات .. فدفعه رفيق مرة اخري.  لكن الرجل صاح في الناس حرامي حرامي..  جري رفيق خوفا علي مال الرجل..  وتبعه الناس حتي خرج من المحطة..  واصطدم ببائع الذرة المشويه .. الذي قال.. يافتاح يا عليم يا رزاق يا كريم..  ولم ينتهي من الجملة..  حتي وجد نفس الشخص بنفس الملبس يصيح..  حرامي حرامي وكان وفيق أخوه.. لا يزال يطارد سارق الموبايل فأمسك به بائع الذرة..  وانقض عليه ضربا..  واجتمع الناس كلٌ بقبضته..  أما أخوه فسقط من سلم المشاه فاختطف الرجل الخبيث الحقيبة وهرب.. هرول رفيق الي سيارة شرطة بالجوار..  لتلحق بخاطف الحقيبة..  لكن الحاضرين شهدوا انه الحرامي فاصطحبه الضابط الي قسم الشرطة..  وهو يقسم أنه بريء..  بينما حمل الأهالي اخوه الي نفس القسم بعد ان أشبعوه ضربا..  ليقف الي جوار أخيه وسط ذهول من الضابط .. الذي تأكد له باليقين أنهما تشكيل عصابي بالغ الخطورة .. ليتمتع السارقان بما لديهما..  بينما الأخوين..  وفيق ورفيق لا يزالان حتي يومهما.. يعيشان رهن التحقيق.