الجنازة حارة والميت هربان.. "الفجر" تحصل على روايتين لمحام نجح في تهريب موكليه

تقارير وحوارات



"إعمل نفسك ميت".. هذا ما ينصح به بعض المحامين اللذين فشلوا فى إثبات براءة موكليهم أمام منصات القضاء المصرى، وباستخدام جثة مجهولة وبعض الصراخ والبكاء، بالإضافة عليهم جنازة حارة وسرادق عزاء، تسقط العقوبة على مجرم يعكر السلم العام.

 

ورصدت "الفجر" روايتين لمحام بمركز البلينا بمحافظة سوهاج فشل فى إثبات براءة موكليه، والذى حكم على موكله الأول بالسجن المؤبد لمدة 25 عاماً، وحكم على موكله الثانى بالإعدام وكان ذلك بالدرجات الأولى فى التقاضى.

 

الرواية الأولى

بعد الحكم على موكل "م. ن" بالمؤبد ذهب إلى "تربى" بمركز مجاور له، واتفق معه على أنه يريد جثة شاب فى عامه الثلاثين، وأن يبلغه فور وصول الجثة.

 

وبعد مرور يومين اتصل به الـ"تربى" وأبلغه أن جثة الشاب فى طريقها إلى القبر، وبالفعل أبلغ المحامى أهل موكله بأن يأتوا إليه ليلاً ومعهم 3 آلاف جنيه، وذهبوا بهم إلى التربى ليلاً وأخذوا الجثة إلى المنزل سراً.

 

وفى الصباح الباكر لليوم التالى بدأت نساء المنزل فى الصراخ والبكاء، ليعلنوا عن وفاة المحكوم عليه، وذهب أخوه إلى مكتب الصحة التابع له القرية، وحصل على تصريح دفن وشهادة وفاة مؤقتة له دون أدنى مشكلة لأن خبر الوفاة قد انتشر بالقرية بأكملها.

 

وبعدها توجه شقيق المتهم إلى السجل المدنى وحصل له شهادة وفاة موثقة، والذى أخذها المحامى وقدمها إلى المحكمة، والتى حكمت بإنقضاء الدعوى لسبب الوفاة، وسقطت بها أيضاً كل الأحكام التى عليه، لأنها مقيدة بسجلات المطلوبين أمنياً، وبالتالى لم تتحرك الشرطة للقبض على ميت.

 

وأضاف المحامى أنه علم أن المحكوم عليه قام بإستخراج بطاقة رقم قومى مزورة، ويعيش ويعمل بشكل طبيعى بمحافظة القاهرة، منذ ثلاثة أشهر، ولم يعترضه أحد، لافتاً إلى أنه استطاع أن ينقذ مستقبل شاب، كاد سيفقده بمجرد خطأ غير مقصود بسبب ثأر قائم بين عائلته وعائلة آخرى بالقرية.

 

الرواية الثانية

ولفت المحامى إلى أن هناك حالة أخرى كرر معها نفس التجربة بمحافظة القاهرة، والذى حكم على موكله بالإعدام من أول جلسة فى قضية إتجار مواد مخدرة "هيروين"، مشيراً إلى أنه لو كان إستمر فى درجات التقاضى كان وصل الحكم بعد التخفيف إلى مؤبد، وذلك الذى جعله يقترح على موكله بأن يستخرج له شهادة وفاة لتقديمها بالجلسة القادمة، وبالفعل إستطاع بواسطة أحد الموظفين بمكتب الصحة التابع لمنطقة عين شمس بعدما دفع له مبلغ 7500 جنيه، فى إستخراج تصريح دفن له وشهادة وفاة موثقة من السجل المدنى ذاته، وتم تقديمها إلى المحكمة والتى حكمت بانقضاء الدعوى بسبب الوفاة أيضاً، ذاكراً أن موكله الآن فى دولة كندا وخرج من مصر بشكل رسمى بواسطة أوراق مزورة.

 

سماسرة الشهادات المزورة

فى هذا الصدد قال باسم أحمد المحامى إنه بجوار عدد من المحاكم والمستشفيات ومكاتب السجل المدنى يتواجد أشخاص يسموا بــ"سماسرة شهادات" دورهم هو تسهيل طلبات النصابين بشكل رسمى من داخل مكاتب السجل المدنى وبواسطة موظفين مرتشين بالداخل، ويكون لكل طلب سعر، فشهادة الوفاة تختلف عن شهادة الميلاد والزواج.

 

وأضاف باسم أن أسعار الشهادات تتوقف على نوعية القضايا التى تطلب من أجلها, على العلم أن السمسار يكون على يقين تام بسبب طلب تلك الشهادات، وعلى هذا الأساس يتم تحديد السعر، لافتاً إلى أن أبرز القضايا التى تتطلب شهادات مزورة هى "الميراث" حيث يستخرج لأجله  شهادة "ميلاد، زواج، وطلاق"، ويبدأ سعرهم من 3500 جنيه، وذلك لإثبات حق مزيف فى ميراث، أو إزاحة من له حق فى ميراث.

 

أما فى حالة الهروب من الأحكام القضائية يتجه البعض لإستخراج شهادة وفاة موثقة والتى يبدأ سعرها من 6000 جنيه ويرجع ارتفاع سعرها للسبب التى إستخرجت من أجله، مشيرًاً إلى أن سماسرة الشهادات بالمستشفيات دورهم هو عمل تقرير طبى لمريض أو متوفى،على حسب طلب الزبون، ويبدأ سعرها من 1500 جنية، وتزيد على حسب الطلبات المرجو تدوينها فى التقرير.

 

واستكمل باسم أنه بالرغم من أن هؤلاء السماسرة معروفين لدى معظم المحامين تقريباً، إلا أن التعامل معهم يكون فى سرية تامة وكتمان شديد وتكون عن طريق أحد المعارف له، موضحًا أن الاتفاق يكون على أنه ليس له علاقة بك حال اكتشاف الأمر أو القبض عليك، فمهمته تنتهى بانتهاء المهمة واستخراج الورقة المطلوبة.

 

وذكر باسم أن هناك حيلة جديدة يلجأ لها البعض وخاصة من لديهم أحكام بمخالفات المبانى والتهرب الضريبى وغيرها من القضايا المشابهة، حيث أنهم يذهبوا لسمسار الشهادات ويطلب من شهادة وفاة بإسم مطابق لإسمه، ذلك لأنه بهذه الطريقة يتفادى العقوبة، وفي نفس الوقت لا يسقط من سجلات الدولة كمتوفي.

 

وأضاف باسم أن العقوبه القانونيه فى قضايا التزوير تختلف حسب نوعيته فالتزوير في أوراق رسمية كشهادات الميلاد والوفاة وغيرها من المستخرجات الرسمية  تعتبر جناية أما التزوير في الأوراق العرفية كإيصالات الأمانة والشيكات تعتبر جنحه، مشيرًا إلى أن عقوبة التزوير تبدأ من يوم حتى ثلاث سنوات حبس، أما تزوير الأوراق الرسمية فتبدأ عقوبته من سنة إلى ١٥ سنة لانه يعامل كجناية فى القانون.