أضخم مدينة لـ"الطاقة الذرية".. سعودية إماراتية تؤكد: "توثيق التعاون والعلاقات"

السعودية



تنوعت مسارات العلاقة بين الإمارات والسعودية، فقد شملت مختلف الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطبيعة الحال، وصولاً إلى المسار العسكري، وتشكيل التحالف العربي؛ لنصرة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، ومشاركة فاعلة من الإمارات؛ حيث أسس ذلك التحالف لعلاقة تاريخية أبدية معطرة بدماء شهداء البلدين، الذين قضوا دفاعاً عن اليمن وأهله؛ ونصرة للحق؛ وحرصاً على وحدة اليمن الشقيق، في وجه أحقاد الحاقدين، الذين سلكوا كل السبل للإيقاع به، وإجهاض حلم أبنائه بدولة حرة ومستقلة، فلبت الإمارات والسعودية نداء أهل اليمن فذادوا عنه، وبذلوا في سبيله أزكى الدماء. 

وتعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين الإمارات والمملكة العربية السعودية الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للسعودية في المنطقة العربية، بشكل عام، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.

وشهدت الأونة الأخيرة تطورات استراتيجية في علاقة البلدين، فلم يعد هم الدولتين محصوراً في حدودهما؛ بل تجاوز ذلك للتفكير في الواقع، الذي تمر به المنطقة العربية وسط مساع جادة بذلتها قيادتا البلدين؛ للنهوض من الانتكاسات العربية المتكررة، التي خلّفتها تنظيمات إرهابية ومؤامرات أرادت النيل من كل ما هو عربي إسلامي.

وهُناك الكثير من مجالات التعاون بين البلدين في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة؛ حيث يمتلكان الكثير من العوامل المشتركة، فكلاهما من كبار مزودي الطاقة للعالم، ويسعيان إلى تعزيز هذه المكانة، مع العمل في الوقت ذاته على مواكبة تنامي الطلب المحلي على الطاقة، الذي يأتي نتيجة النهضة الاقتصادية والاجتماعية والنمو السكاني الكبير، وضرورة توفير موارد إضافية من الطاقة لتحلية المياه، وتعد الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة السبيل الأمثل لمواكبة هذا النمو والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.

وتشمل مجالات التعاون المحتملة العمل المباشر بين الطرفين في التطوير المشترك لمشروعات الطاقة المتجددة وتوليد الكهرباء وتحلية المياه، وفرص التطوير المشترك في قطاع التقنيات ذات الصلة بقطاع الطاقة المتجددة، فضلاً عن التعاون في مجال الأبحاث والتطوير والتكنولوجيا المتقدمة.

وتعكس أرقام ومؤشرات التجارة والاستثمار عمق الروابط؛ حيث تعد المملكة رابع أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى العالم، والشريك الأول عربياً، كما تصنف السعودية ثالث أكبر مستورد من الإمارات في المنتجات غير النفطية، وثانية كبرى الدول المعاد التصدير إليها، وفي المرتبة الحادية عشرة من حيث الدول المصدرة للإمارات. والمتابع لسير العلاقات بين البلدين يلاحظ بسهولة كيف أنها تشهد تطوراً نوعياً في مختلف المجالات.

والفرص الموجودة في علاقات البلدين كبيرة وواعدة؛ نظراً لثقل الدولتين في الأسرة الخليجية، وتقارب وجهتي نظرهما إزاء الكثير من القضايا المصيرية للخليج والعرب بشكل عام، وتبين الاتفاقية الإطارية الاستراتيجية بين «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة» و«شركة أبوظبي لطاقة المستقبل»، أن التنسيق والتعاون بين البلدين، ربما يكون فاتحة تعاون بين الكثير من دول المنطقة، ولا سيما الخليجية منها.

- توثيق التعاون
وفي خطوة نحو توثيق مسارات التعاون، أسست «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية» في عام2010؛ لإسهام الطاقة الذرية والطاقة المتجددة في تنويع واستدامة مصادر الطاقة؛ لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في المملكة، بالاعتماد على العلوم والأبحاث والصناعات المتقدمة، وبما يسهم في الحفاظ على موارد النفط والغاز، وإطالة أمد استثمارها؛ لتستفيد منها أجيال المستقبل.

وتعد شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) مبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة؛ حيث أسّست عام 2006 عبر «شركة مبادلة للتنمية»، التي تركز على أن تحقق مشاريعها فوائد للمجتمع إلى جانب الجدوى الاقتصادية.

يشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة؛ وهي المنظمة الحكومية الدولية المعنية بتعزيز انتشار حلول ومشاريع الطاقة المتجددة، ستنتقل إلى مقرها الدائم في مدينة «مصدر» فور استكمال مبناها.ويشير مراقبون إلى أنه من المتوقع أن تقود السعودية والإمارات قطاع توليد الطاقة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

- الصادرات السعودية
تتصدّر دولة الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، كما تجيء في مقدمة الدول الخليجية، التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى، التي تستورد منها السعودية.

وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة بقيمة إجمالية تزيد على 30 مليار درهم (9 مليارات دولار)، وتستثمر فيها 32 شركة ومجموعة استثمارية إماراتية بارزة تنفذ مشاريع كبرى في السعودية، كما بلغ رصيد الاستثمارات السعودية في الإمارات نحو 16.5 مليار درهم.

وتلعب الاستثمارات المشتركة بين الإمارات والسعودية دوراً حيوياً في هذا الجانب؛ إذ تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم، وتعمل في الإمارات حالياً 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد، و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأسمال 15 مليار ريال.وتجاوزت قيمة الاستثمارات السعودية المباشرة في الإمارات 4.3 مليار دولار، وفقاً لتقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان»، ولا تشمل نشاطات الأفراد، خصوصاً في قطاعات العقار والتجارة والأسهم، فضلاً عن أن السعوديين يأتون في المرتبة الثانية بين المستثمرين الخليجيين في القطاع العقاري في دبي؛ إذ بلغت قيمة استثماراتهم 22.7 مليار درهم.

- القضايا والمستجدات
وشكلت العلاقات الثنائية نموذجاً للتعاون بين دولتين؛ إذ تعمل كل من السعودية والإمارات على التعاطي بشكل موحد في القضايا والمستجدات؛ عبر مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات، التي ظهرت بشكلها الواضح في قضايا اليمن وإيران، وغيرهما من الصعوبات التي تواجه المنطقة، ما شكل سداً منيعاً أمام تلك التحديات، وهو ما شكل منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، من توجهات حكيمة ومعتدلة، ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف، والتعصب والإرهاب.

- مصلحة البلدين
وتأتي العلاقات القوية والأخوية بين الدولتين؛ بفضل القيادة الحكيمة التي ينتهجها صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اللذان وضعا نصب أعينهما مصلحة بلديهما، والأمتين العربية والإسلامية، وتجربة العلاقات الإماراتية السعودية تعد ملمحاً ناجحاً بامتياز، وأسلوب عمل سياسياً واقتصادياً مهماً.

 - زايد مؤسس العلاقات
وفي قراءة متأنية في صفحات تاريخ علاقات البلدين، نجد أن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، أسس علاقات قوية واستراتيجية بين البلدين تستند إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، فضلاً عن أنها تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون.

- إرادة مشتركة
وأكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عمق ما يربط بين البلدين من علاقات أخوية وصلبة تستند إلى إرادة قوية ومشتركة؛ لتحقيق مصالح البلدين؛ وتعزيز دورهما في تحقيق أمن المنطقة واستقرارها.

 - رعد الشمال
"رعد الشمال" المناورة العسكرية الكبرى في التاريخ العربي منذ حرب الخليج الثانية تعد سيفاً مسلطاً على رقاب "داعش" وأخواتها، حيث تجلت الإرادة العربية بأبهى صورها بقيادة الإمارات والمملكة، في مشهد مهيب فتح آفاقاً جديدة لأوجه التعاون العربي، بما يخدم أمن المنطقة.

- قفزة كبيرة
وشهد التبادل التجاري غير النفطي بينهما قفزة كبيرة تقدر بنحو 30 % خلال السنوات الست الماضية، مرتفعاً من 55 مليار درهم عام 2011 إلى أكثر من 71.5 مليار العام الماضي.

 - انسجام الرؤى
وتتشاطر الإمارات والسعودية الكثير من المشتركات في سياساتهما التنموية، ونرى ذلك في محددات "رؤية الإمارات2021"، و"رؤية المملكة 2030"»، لاسيما خطط التحول نحو اقتصاد تنافسي متنوع يقوم على المعرفة والابتكار، وتؤدي فيه الكفاءات الوطنية المتمكنة والمبدعة دوراً محورياً؛ إذ إن الانسجام في الرؤى والسياسات يوفر أرضية صلبة، لتحقيق مزيد من التقدم في الشراكة التجارية والاستثمارية، وفتح أسواق جديدة للمنتجات والصادرات الوطنية.