تزويج البنات قبل "السن القانونية" بالمخالفة لقانون الكنيسة

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


فى مشهد يبدو أن الأعين اعتادت عليه، تجد نفسك أمام طفلة صغيرة تحمل رضيعها، إنها أم.. قد لا تتجاوز الـ17 عامًا، وعلى الرغم من تحديد الدولة لسن زواج الفتيات بـ18عامًا على الأقل، إلا أن الأقاليم سقطت من حسابات حقوق الطفل والمرأة وغيرها.

ليس هذا المدهش فحسب.. بل حينما يكون الأمر متعلقا بفتيات قبطيات يكون المشهد أكثر غرابة، خاصة أن الكنيسة أول من وضع حدا أدنى لسن الزواج، كما تضع قوانين صارمة فى هذا الشأن، فمسألة الزواج للأقباط لها قوانينها الحاسمة خشية من المشاكل الأكثر تعقيداً، وأن ينضم المزيد من الأزواج إلى صفوف المطالبين بالطلاق.

وبمحافظة الفيوم تحديداً، يعد تزويج الأهل لبناتهم أهم طموح لديهم، حتى وإن جاء ذلك على حساب مستقبل الفتيات الصحى والأسرى، وبسبب انتشار الظاهرة لم يعد هناك فرق بين أب متعلم وآخر أمى، الجميع يبحث عن عريس، بغض النظر عن كونه مناسبًا من عدمه، ويساهم فى ذلك انتشار الفقر والأمية وقدم الظاهرة التى لم تستطع أى قوانين أن تتصدى لها.

هذا ما تعانيه القبطيات من هذا الجهل، حتى وإن كانت الكنيسة قد حددت سناً قانونية للزواج، فالأهالى لديهم طرقهم للتحايل على تلك المحددات، وسواقط القيد هى الحجة التى يذهب بها الأب والعريس المنتظر، وفى أغلب الأحيان بمعرفة الكاهن الذى سيعقد القران للإدارة الصحية، لاستخراج شهادة تسنين تفيد ببلوغ الطفلة سن 18 عاما.

ومن قرية الفهمية بمركز طامية كان لنا ثلاث قصص، الأولى لمريم.. التى تزوجت من ابن عمها وهى بعمر 17 عاما، بعد خطبة تجاوزت العام ونصف العام، أى أنها خطبت بعمر تجاوز 15 بشهور قليلة، ولولا الاستعدادات المادية للعريس لكانت تزوجت بعمر أقل من ذلك، مريم لم تلتحق بالمدرسة ولا زوجها، أى أن لدينا زوجين أميين، تسكن مع أهل زوجها فى نفس المنزل ولها غرفة نوم فقط، وبعد معاناتها فى الشهور الأولى من الحمل أخبرها طبيب الوحدة الصحية أنها لن تستطيع الولادة طبيعياً؛ لضعف الرحم، لذلك ستلد قيصرياً وغالباً فى شهرها السابع.

القصة الأخرى لابتسام، التى خطبت فى عمر 13 سنة؛ لجمالها الوافر، خطيبها يكبرها بأكثر من 10 أعوام، واتفق مع والدها على تسنينها فى عمر 16، وحينما ذهبا للإدارة الصحية اكتشفا أن الطفلة سيتم تدوينها قبل زواج والديها، فأشار عليهم الموظف بالانتظار عاما آخر، وأخيراً تمت الإجراءات وأخبر الكاهن بالحصول على شهادة التسنين واستخراج شهادة ميلاد وبطاقة شخصية وتم الزواج.

أما القصة الأخيرة فهى لسارة، التى تسربت من الصف الأول الإعدادى وتزوجت فى عمر 16 عاما، بعدما سعت أمها بكل جهدها لتزوجها، حتى لا تسبقها أى من أمهات العائلة، فتم استخراج شهادة التسنين لها بتوجيه من أحد القساوسة الذى أرسلهم للموظف المعتاد أن ينهى هذه الأوراق، وأرشدهم لبقية الإجراءات لتتم بسلاسة وتم الزواج.

وكان لأحد قساوسة المحافظة -رفض ذكر اسمه- رأى بهذا الشأن، وهو أن الكنيسة عادة ما تفضل الزواج بعد بلوغ سن 18 عاما، ولكن الأمر قد يكون مرتبطا بثقافة الأهالى أنفسهم، وهذا لا يمكن السيطرة عليه، والكاهن قد لا يعرف مسألة تسنين الفتيات لأنهن يحضرن بشهادة ميلاد عادية وبطاقة شخصية، وهو ليس مفتش شرطة، ولكن لصغر القرى ومعرفة الكاهن بظروف كل أسرة بالطبع يكون على دراية فى أغلب الأحيان بحقيقة عمر العروس.