"عم أحمد".. أجبره مرض ابنته على مسح الأحذية: "بناكلها بالحلال ومبنشحتش" (صور)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


على بعد خطوات قليلة، من محطة السادات بجوار ميدان التحرير، تحت شجرة صغيرة، يجذبك صندوق صغير مليء بأدوات تلميع الأحذية، يضعه أمامه رجل ذو بشرة سمراء في الخميسنات من عمره، تجاوره ابنته شهد التي لا تتجاوز الـ 9 سنوات، ولكنها تعاني من اضطرابات في مخها، واللافت أيضًا أن الإقبال على تلميع الأحذية، يكاد يكون منعدم، في المساحة الصغيرة التي ربما لا تتجاوز متر في متر، حتى أنك تشفق عليه، وحال إقبالك على مساعدته، يردد: "احنا بناكلها بالحلال، مبنشحتش".

 

كل صباح ينهض العم أحمد ذو الـ 55 عام، باكرًا ليحمل صندوقه على ظهره_ ويصطحب ابنته التي لم تستطيع مواصلة مدرستها عقب وفاة والدتها وهي في سن الـ 4 سنوات_ ويتجه نحو مكانه المفضل حيث لقمة عيشه، ليجلس على الرصيف تحت إحدى الأشجار، عارضًا مهارته في مسح وتلميع الأحذية, وبيده فرشاة الأصباغ وعلب الألوان.



شهد ذو الـ 9 سنوات، لم يحالفها الحظ لتعيش زهور عمرها مثل الأطفال، بل تعاني من مرض الصرع والاضطرابات السلوكية، ما دفع والدها لاصطحابها يوميًا، عارضًا أمامها عدد من علب المناديل، ما جعله يرسم البسمة على وجهها، ظنًا منها في مساعدة والدها الذي لا يستطيع على توفير لقمة عيشهم.



ببضع جنيهات، يستقبل العم أحمد زبائنه المحدودة، في مكان لا يتجاوز المتر في متر، بمجرد أن تطأ قدماك على محطة مترو السادات، تسمعه ينادي بصوته "ورنيش يا مهندس.. ورنيش يا أستاذ"، منتظرًا نفحات رزقه من المارة، وما أن تغرب الشمس يحمل صندوقه الصغير، قاصدًا أحد المحلات لشراء طعامًا له ولابنته، ومنها إلى البيت، للاسترخاء قليلًا.



"بعد وفاة زوجتي تركت الشركة التي عملت بها سنوات طوال كميكانيكي فني بلاستيك، نظرًا للحالة الاقتصادية التي تمر بها بعض الشركات، وكذلك ابنتي التي لا يوجد أحد لمراعتها، وقمت بإعداد صندوق صغير، لأعمل ملمع للأحذية، عشان اقدر اراعي بنتي قدام عيني، على عكس الشركات لن أستطيع اصطحابها معي".. حسبما لخص العم أحمد حياته في حديثه لـ"الفجر".