كريم وزيري يكتب: هنا شنبارة الميمونة هنا الدولة

مقالات الرأي

الكاتب كريم وزيري
الكاتب كريم وزيري


رأيت في إحدى جولاتي نموذجا لقرية أشبه بدولة مستقلة بذاتها ، أهلها يؤمنون بقريتهم إيمانا تجاوز كل حدود الممكن ، القرية تعاني من أزمات في البنية التحتية كغيرها من القري ، ولكن أهلها لا يعرفون كلمة المستحيل ، وأبنائها مصريين علي أن تكون جنتهم علي الأرض ، هنا شنبارة الميمونة هنا الدولة واللامركزية . 

ذهبت إلي محافظة الشرقية قاصدا خيرا من تلك القرية التي كرمت أحد مدرسيها ونصبت له تشريفا بشريا في اصطفاف مهيب لمثواه الأخير ، لأجد أن الخير متأصل في تلك الأرض الطيبة وأن هذا الفعل هين علي ما تربي أبنائها . 

القرية يكاد لا يوجد فيها جائع ولا محتاج فأهل القرية أسسوا جمعية خيرية أشبه بحكومة ذاتية تساعد القرية وتقوم علي خدمتها وتطويرها قوامها التبرعات والصدقات سواء العينية أو المادية أو حتي بالمجهود الشخصي فالكل يساعد مادام قادرا ، والأعظم أن تلك الحكومة الجادة لها أسهم عدة في كافة المجالات الحياتية في القرية ما بين الصحة والتعليم والإعانة وتطوير البنية التحتية حتي للقرية نفسها . 

دخلت بيوتا تكاد تشبه بعضها في ناسها وطيبتها يعرفون بعضهم بعضا بأسمائهم وكأنهم أقارب في قرية واحدة ، المزارع يتصدق بمحصوله علي الجائع و القادر يبني ويعمر بدون مقابل ، حتي أن أحدهم قابلته وقد بني مركزا لغسيل الكلي واستقدم كافة المعدات الطبية الأزمة وقال لي " مستعد اتبرع بيها لوزارة الصحة وامضلهم علي دة دلوقتي بس يدوني تصريح أن المركز يشتغل لمعالجة الناس مجانا " . 

أهل القرية تمكنوا من بناء شبه محطة لتحلية وتنقية المياة بجهود ذاتية ، وأقاموا مستشفي طبية بها كافة المعدات اللازمة في كافة التخصصات وأهدوها لوزارة الصحة ، ونظموا مركزا لتحفيظ القرأن وحصد أبناء المركز جوائز علي مستوي الدولة ، ناهيك عن رحلات الحج والعمرة لكبار السن . 

طالعت كشوفا يتم تحديثها دوريا لاعانة الفقراء والأرامل سواء بالمساعدات الغذائية أو المصروف الشهري ، وغير ذلك من إنجازات حققها هؤلاء البارين بقريتهم ، كل شخص فيهم يفكر كيف يخدم قريته من خلال عمله ، والجميع يتحدثون عن الغد وما سيحققونه لقريتهم في المستقبل بشغف غريب .

يا العجب من تلك القرية فكلما تعمقت فيها شعرت بضألة ما تفعله في حياتك ما تحققه حتي لذاتك لتتسأل هل في يوم من الأيام ذم هؤلاء قريتهم التي لم توفر لهم أبسط سبل الحياة الأدمية ، ولكنك ستكتشف أن ما تعرفه عن الحضارة والتمدن هو لا شئ إذا لم يكن الأنسان جزء منها وأحد بنائيها .