سيد رجب.. عندما تثمر الموهبة في حقول الظلم

الفجر الفني

سيد رجب
سيد رجب



قد يخطئ البعض في التفريق بين الذهب الحقيقي والزائف إذا اشترك المعدنان في اللون نفسه، ولكن من الصعب أن يخطئ الجمهور في تقدير موهبة فنان أجاد الوقوف أمام الكاميرا، وتجسيد الأدوار الصعبة والمركبة، هو سيد رجب، أحد أهم الوجوه المألوفة على شاشتي السينما والتليفزيون حاليًا، بعدما أثبت قدرته على أداء أنماط مختلفة من الشخصيات، منذ سنوات.


نجومية متأخرة وحظ غائب تسببا في عدم حصوله على فرصة حقيقية ليخرج موهبته، ولكن "رب ضارة نافعة" فمروره بالكثير من الأحداث والخبرات الشخصية في حياته، جعله يصر على الوصول لحلمه، بعد عمله في المسرح في بداية مشواره الفني، ولكن كان الحب دافعا قويا لإكمال الطريق، بعد فشل زواجه الأول، ودخوله في مرحلة محاسبة النفس وتحديد المصير.


كشف سيد رجب، خلال تصريحات إعلامية، عن طريقة تعرفه على زوجته الثانية الأمريكية الجنسية، مؤكدا أنه وجد بها ما لم يجده في طليقته الأولى، مضيفا أنها كانت تهتم بتمويل الفرق المسرحية، قائلا: "كانت فنانة وبتلعب مزيكا وبتعرف عربي كويس"، مشيدا بدورها الهام في تشجيعه على مواصلة عمله الفني، مؤكدا أنها سبب فيما وصل إليه من نجومية.


اجتمع بداخله حب الفن والحماس السياسي، خاصة أثناء مرحلة دراسته الجامعية والتي شهدت رغبته في التغيير والإصلاح من مجتمعه، عن طريق الاشتراك في بعض الأنشطة السياسية بالجامعة، بهدف تشجيع الشباب على التعبير عن آرائهم، من خلال استعراض المواهب الفنية، وهو ما أدى إلى اتهامه بالتحريض على السلطة وسجنه مع مجموعة من زملائه.


"شعرت بالظلم والضئالة"، جملة اختارها "رجب" للتعبير عن فترة اعتقاله في عصر الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وتعرضه للتعذيب والضرب واتهامه بالخيانة، واصفا إياه بأقسى شعور عاشه، خاصة بعد القبض عليه بتهمة التحريض على العنف، مؤكدا أنه أمر غير منطقي قائلا: "بس كانت زي ما بيقولوا كده بيقبضوا على كل اليسار اللي موجود علشان حاجة تأديبية".


ومن خشبة المسرح إلى بدايته الحقيقية في السينما، خطى "رجب" خطوات ثابتة نحو الهدف، فشارك بأدوار صغيرة في بعض الأفلام، مثل "أحلام صغيرة" عام 1993، "أحلام مسروقة" عام 1999، "حب البنات" عام 2004، "الأولة في الغرام" عام 2007، و"قبلات مسروقة" عام 2008، وكانت انطلاقته الحقيقية عام 2009 بعد مشاركته في فيلم "إبراهيم الأبيض" الذي نال شهرة واسعة.


سيد رجب من مواليد 16 نوفمبر عام 1950، أي ينتمي لبرج "العقرب" الذي يتمتع بقوة الشخصية والإصرار على النجاح، وغيرها من الصفات التي اجتمعت بشخصيته وظهرت ملامحها على الشاشة، فجسد أدوار متنوعة، لكنه أجاد اللعب على الوجهين "الطيب والشرير" مستغلا قدرته على تطويع تعبيرات وجهه وأدائه الصوتي والتمثيلي في خدمة موهبته التي صنعت نجوميته في وقت وجيز.


اتجه للدراما وأثبت نفسه أكثر، وتميز بعدم السعي وراء الانتشار دون تقديم أدوار هامة للجمهور، فشارك في مسلسلات: الأدهم، حكايات بنعيشها، الحارة، المواطن إكس، طرف تالت، فيرتيجو، موجة حارة، السيدة الأولى، وعد تنازلي، وفي أفلام: أسماء، عبده موتة، قلب الأسد، الحرامي والعبيط، تتح، وشارك بأدوار مميزة في: "ولاد رزق"، "القرد بيتكلم"، وأجدد أفلامه "طلق صناعي".


لمس قلوب محبيه من مشاهدي مسلسل "رمضان كريم" بعد قيامه بتجسيد دور "المسحراتي" الذي يعتز بمهنته بعدما أصبح الناس يسخرون منها، وفي أداء تمثيلي بارع، استعاد "رجب" ذكريات رمضان في الأحياء الشعبية، ليصبح كالقمر الساطع بين نجوم المسلسل، وسط بطولة جماعية بقيادة المخرج سامح عبدالعزيز.


كرر "رجب" نجاحه في أولى بطولاته الدرامية في "أبو العروسة"، وأصاب الهدف بجذب انتباه شريحة كبيرة من الجمهور، وجدوا في أدائه ما يجعلهم يشعرون بأنه شخص قريب من عائلتهم، وذلك لتقربه من نموذج الأب المصري الذي يحمل هم أولاده ويسعى لتأمين مستقبلهم في ظل الظروف المادية الصعبة.