أشعل النيران في نفسه.. قصة الشاب التونسي الذي تسبب بالإطاحة بزين العابدين

تقارير وحوارات

محمد البوعزيزي
محمد البوعزيزي



"لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل".. كانت تلك الكلمات التي صاح بها محمد البوعزيزي في وجه الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ، احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، ليكون شرارة الثورة التونسية التي أطاحت بزين العابدين بن علي.

لم يواصل الشاب التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي، تعليمه، نظرًا لوفاة والده حينما كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات، واضطر لأن يعمل منذ العاشرة من عمره، بائعًا متجولًا في شوارع سيدي بوزيد.

وكعادته، يخرج "محمد"، مودعًا والدته، ساعيًا، لكسب رزقه من بضاعته المتواضعة التي يحملها على عربة ويبيع عليها الخضار والفواكة، إلا أن حدث ما لم يكن متوقع، باعتراض عناصر من الشرطة في فجر يوم 17 ديسمبر 2010 عربة الفاكهة التي كان يجرها في الأزقة محاولا شق طريقه إلى سوق الفاكهة وحاولوا مصادرة بضاعته.

عم البوعزيزي رأى الواقعة فهرع لنجدة ابن أخيه وحاول إقناع عناصر الشرطة بأن يدعوا الرجل يكمل طريقه إلى السوق طلبا للرزق، ذاهبًا إلى مأمور الشرطة وطلب مساعدته، واستجاب المأمور وطلب من الشرطية فادية حمدي التي استوقفت البوعزيزي برفقة شرطيين آخرين أن تدعه وشأنه، وبالفعل استجابت الشرطية ولكنها استشاطت غضبا لاتصال عم البوعزيزي بالمأمور.

ذهبت الشرطية فادية حمدي إلى السوق مرة أخرى في وقت لاحق، وبدأت مصادرة بضاعة "البوعزيزي" ووضعت أول سلة فاكهة في سيارتها وعندما شرعت في حمل السلة الثانية اعترضها البوعزيزي، فدفعته وضربته بهراوتها، هي ورفيقاها فأوقعوه أرضًا وأخذوا الميزان، ثم صفعته على وجهه، وما كان من "البوعزيزي"، إلا أن صاح غاضبًا، في وجه الشرطية بعد صفعه، قائلًا: "لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل.

وبعد محاولات لقاء أحد المسؤولين التي باءت بالفشل، قرر "البوعزيزي"، الانتحار، وبالفعل وقف أمام مبنى البلدية وسكب على نفسه "ثنر" وأضرم النار في جسده، وحاول المواطنين، مساعدته، ولكن طفايات الحريق كانت فارغة، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال "البوعزيزي" النار في نفسه، ليتم نقله إلى مركز الإصابات والحروق البليغة ببنعروس، حيث زاره زين العابدين بن علي في محاولة لتهدئة الأوضاع وامتصاص الغضب الشعبي.

كانت واقعة "البوعزيزي"، بداية شرارة الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين، ولكنه توفى في مثل هذا اليوم 4 يناير من عام 2011م، أي بعد 18 يومًا من إشعاله النار في جسده، لتشهد مدينة سيدي أبو زيد، على الاحتجاجات تضامنا مع الشاب محمد البوعزيزي، وتنتهي بهروب الرئيس التونسي زين العابدين بن على من الحكم في 14 يناير 2011 بعد استمراره في حكم البلاد قرابة 24 عاما.