أسماء حسنين تكتب: الحب قطار له درجات

ركن القراء

أسماء حسنين
أسماء حسنين


الحب له درجات مثل القطار، وكل درجة تختلف عن الاخرى في مدى جلب السعاده للمحبين، فبعض المحبين يعيشون في درجة الـvip، وهم القلة القليلون في مصرنا، ويحصلون على درجة مميزة من السعادة، ومن من يعيش الحب بالدرجة الثانية وهي اقل سعادة عن الدرجة السابقة، والدرجة الاخيرة هي حب الدرجة الثالثة او السبنسة وهذه الدرجة هي الاسوء في كل شيء ، فدعونا نتحدث عن كل درجة بالتفصيل.

حاول ان تتخيل بانك في قطار درجة اولى مميزة (vip) ودع خيالك يطلق عنانه ، الاكيد انك تشعر الان بالسعادة لمجرد تخيلك ، فانت الان مستريح على مقعد يصلح للاستخدام الادمي، امامك فراغ لكي تفرد قدميك وتشعر بالارتياح وعدم الاجهاد، وربما تشتم رائحة طيبة من احد الجالسين جوارك او حتى معطر جو يضعه العاملين بالقطار من اجلك، ناهيك عن عدم الازعاج ومرور بعض البائعين او حتى من يزعجك بشكل او اخر ، وربما الان تحتسي الشاي وتقرأ كتاب مفضل لديك او حتى تتامل المناظر الطبيعية من خلف زجاج شباك القطار.

نعم تنفس الصعداء فهذه الراحة التي شعرت بها هي قريبة جدا من الراحة التي يشعر بها محبي الدرجة الاولى، فحب الدرجة الاولى يحتوي علي كثير من الاهتمام من الطرف المحب، به الكثير من الكلام المعسول والروائح الطيبة، وكل ما تتمناه يمنحه لك حبيبك صاحب الدرجة ، فتشعر بالارتياح وعدم الاجهاد الذهني والبدني وعدم اجهاد القلب باي شكل، فكل ما تريده من حبيبك فهو يمنحك اياه بدون معاناه طلبه.

وفي هذه المرحلة يمكنك النوم دون مشقه ، نوم عميق به ثقه بالنفس وفي المحبوب وفي مصيركم في الاستمرار الى الابد والطمأنينة ، لا يوجد به قلق، القلب مرتاح ، العقل مرتاح ، النفس هادئة ، فابتسم فانت في حب الدرجة الاولى.

انتظر واستفيق فنحن الان لابد وان ننتقل الى الدرجة الثانية من القطار تاركين السعادة التي باتت تعشش في ذهنك، فمن الممكن ان تكون امكانياتك هي المتحكمة في اختيار الدرجة الثانية او لم تجد البديل ومكانا بالدرجة الاولى ، فاخذت تلهث وراء الدرجة الثانية حتى تصل الى احد ابوابه، دع خيالك يطلق معي عنانه هذه المرة ايضا، اخيرا استطاعت ان تصل الى احد ابواب قطار الدرجة الثانية وانت تلتقط انفاسك بصعوبة، واستقليت القطار فوجدت مقعد بجوار الباب الملاصق بدورة المياه ، ولكنه مقعد غير مريح ، لا توجد مساحة لفرد المقعد لكي تستريح بظهرك للخلف وتلتقط انفاسك التى كادت ان تقف اثناء الجري خلف القطار، بالاضافة لبعض الروائح الكريهه التى تبعث من دورة المياه مع كل مرة يفتح بها شخص باب المرور المؤدي له.

نعم احساس متعب ظهرك منصوب في وضع حرف ال L تشتم روائح كريهه ، في غاية الاشمئزاز ووجع القلب والانف والظهر ، هل وصلك الاحساس ؟ بالفعل فهو احساس مرهق للغاية .

ولكن ذلك الاحساس يشعر به ايضا محب الدرجة الثانية الذي يتلقى قليلا من الاهتمام من المحبوب، يكون لديه متطلبات كثيرة ربما تخص الامان وراحة البال والجسد ولا يستطيع ان يحصل عليها من محبوبه، رغم انه بالفعل يتأكد من مشاعر محبوبه نحوه وانه يحبه ، ولكنه لا يصل لدرجة العشق التي يحصل عليها محبوب الدرجة الاولى، ويأتي ذلك تحت بند الانشغال ، الظروف، الطباع، الامكانيات وغيرها من المبررات التي يختلقها حبيبك لكي يضمن بقاءك وصبرك على ما يقدمه لك.

ولكن هذا الحب من الدرجة الثانية هو الاكثر استهلاكا في مصر، فاغلب الناس يحبون بعضهم حب درجة ثانية يحكمه عدة اشياء تفسد سعادتهم ، مثل الظروف الاجتماعية وظروف العمل، والطباع الشخصية والخ.

وفي هذه المرحلة " حب الدرجة الثانية" تستطيع ان تخطف بعض ساعات النوم الهاديء ولكن سرعان ما يحدث امرا يجعلك تصحو فزعا، ولكنك من الممكن ان تعاود مرة امرة للخلود الى النوم، واحيانا تحاول تصفية ذهنك واختلاس بعض النظرات من شباك قطار حياتك للحصول على راحة البال ولكنها لفترات وجيزة ، مع قليل من هدوء النفس ، ولكن الان انت مضطر لتكملة الرحلة فلا يمكنك الوصول للدرجة الاولى كما اوضحنا سابقا.

واخيرا عليك ان تستفيق مرة اخرى لاننا مازالنا على رصيف محطة القطار في انتظار اي قطار يمر الان ، لانك بالمرة السابقة وبعد لهثك وراء القطار لم تستطع ان تلحقه ، والان تقف بمكانك.

ها هو القطار يقترب ولكننا لا نعلم هو من اي نوع اواي درجة ينتمي، ولكننا الان مضطرين لضيق الوقت ان نلتحق به، او ربما لعدم قدرتك المادية او الاجتماعية لحجز تذكرة باحد الدرجات السابقة، فعليك في كل الاحوال ان تلحق به.

لقد وصل للتو القطار ويكتظ بالركاب من كل انحاء الجمهورية ، هلم باستقلاله الان وسريعا، ما الذي تشاهده الان؟.

قطار شديد الزحام به اناس في كل مكان حتى طرقاته يفترشونها، وترى في الاعلى في اماكن وضع الشنط بعض الاشخاص مستلقين يحاولون ان يغتلسون بعض الدقائق من النوم، زحمة في كل مكان ، لايوجد مكان تضع به قدميك بجوار بعضهما، تشعر كأنك مجبر ان تقف على اطراف صوابعك حتى تحصل على مكان يناسبك الان، وعن الروائح حدث ولا حرج ، تشعر باختناق وكأن روحك ستصعد الان الى خالقها، اصوات كثيرة تحدث ضجة ، لديك رغبة ان تضع يديك على اذنك حتى تمنع ضربات قلبك من التعالي من كثرة الازعاج ولكنك لا تستطيع من شدة الزحام، ربما نسيت ان اخبرك ان هذا هو قطار الدرجة الثالثة، الذي يعتبره البعض القطار العشوائي ، ورغم انه يستطيع ان يهرب من كمسري القطار ولا يدفع ثمن تذكرته ، الا ان مستقليه لا يشعرون باي سعادة الا سعادة وقتيه تتمثل في لذه انتصارهم على كمسري القطار وعدم دفع المطلوب، اما خلاف ذلك فربما يكون هذا القطار سببا في موتك في بعض الأحيان بسبب كثرة الحوادث التي يتعرض لها او حتى ضيق التنفس من كثرة الزحمة او غيرها من الاسباب التي تؤدي الى الوفاة.

كل هذا الشعور من الممكن تشعر به اذا كنت من محبين الدرجة الثالثة ، الذي تحصل فيها على اقل من اقل نسبة للاهتمام من المحبوب، فمن الممكن ان يتذكرك كل ثلاث ايام او اسبوع وربما شهر، فانت دائما اخر اولوياته، لاتعلم اذا كان يحبك ام لا، في بعض الاحيان تشعر بحبه اثناء اختلاسكم لبعض لحظات السعادة التي تعد وقتية، ولكن سرعان ما ينتابك شعور التعاسة لان قدمك لا تستريح ، نعم فهذا النوع من الحب تشعر بها انك تقف على قدم وساق من اجل ان ترضي حبيبك ولكنه لا يبالي ، ولا تشعر بانك تقف وقفة مريحة ، لا تعلم راسك من قدميك ، مشوش، غير متزن، تبحث عن الراحة في حضن المحبوب الذي دائما ما يكون مشغولا باشياء اخرى لا تخصك ولا تهمك ، فهي من اهتمامته هو وحده.

هذا النوع من الحب هو الاسوء الذي لا تشعر به الا بالم في القلب، وصداع دائم من كثرة التفكير، والارق، وضيق التنفس، والاختناق، فهذا الحب لا يصلح للاستخدام الادمي ومدمر للصحة ويسبب الوفاة.

ابتعدوا عن حب الدرجة الثالثة ، فانت غير مضطر تماما لذلك ، عليك ان تنتظر ما يناسبك من درجات الحب، عليك ان نحاول ان توفر لنفسك احتياجاتك في المشاعر والحب ومحاولة الوصول اليها.

لا تقبل بارهاق القلب وتدمير الذهن، نعم الحب درجات ولكنك تستطيع ان تفوز بالدرجة الاولى اذا اردت ، حسن امكانياتك واستقل الدرجة التي تناسبك.