منال لاشين تكتب: أبوهشيمة.. الرجل الذى فقد ظله

مقالات الرأي



لو فقد رجل الأعمال والحديد أحمد أبوهشيمة ظله لوضعنا مكانه علامة استفهام، فهذا رجل تلاحقه علامات استفهام وألغاز كثيرة تملأ المساحة فى السنوات القليلة التى لمع بها، وقد دخل أبوهشيمة مجال الأضواء والشهرة من باب الزواج، فلا شك أن زواجه من الفنانة الكبيرة هيفاء وهبى أدخله عالم الشهرة من أوسع أبوابها.بل إنه فتح أمامه أبوابا كانت مغلقة.

فى فترة الزواج دخلت هيفاء مجال التمثيل بقوة، فهل كان الزوج المصرى يخطط لاعتزال زوجته الغناء والحفلات، أم أن هيفا هى التى اتخذت القرار؟ هذه إحدى علامات الاستفهام فى الزواج الذى فرض أبوهشيمة على الاضواء. أما علامة الاستفهام الكبرى فهى الانفصال والطلاق. لقد سافر أحمد أبوهشيمة إلى لبنان وهناك وقع الطلاق أثناء بداية حكم الإخوان فهل كان التوقيت مجرد مصادفة أم أن أحد قيادات الإخوان نصحه بالطلاق استعدادا للحكم الإسلامى؟! أى كان السبب فى الانفصال، فإن أبوهشيمة سافر من لبنان إلى السعودية فى طائرة خاصة لأداء فريضة الحج. وفى هذا الوقت كان أبوهشيمة يسعى لتكوين إمبراطوريته فى عالم الحديد.

وبعد عودته لمصر كان مقربا من الإخوان، وبدا أن الشاب يخطط للحصول على مكان إمبراطور الحديد أحمد عز فى فترة حكم مبارك، وساعده فى هذا الاقتراب أن شريكه رجل أعمال قطرى، والعلاقة بين قطر والإخوان علاقة زواج كاثوليكى لم تنته حتى بعد انتهاء حكم الإخوان، وفى هذه الفترة بدأت الأضواء تعرف طريقها إلى أبوهشيمة بوصفه رجل الأعمال الوطنى الذى يساهم فى أعمال وطنية واجتماعية وكأن الحديد الذى ستنتجه مصانعه سيكون حديد الإخوان، ومن الإنصاف القول بأن الرجل أقدم على مشروعات خيرية كثيرة استمرت حتى الآن.

ولكن كل أحلام السيطرة انهارت عندما ثار الشعب ضد الإخوان وحكمهم وانهت ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو حكم الإخوان أو السنة السوداء، وفجأة وجد أبوهشيمة نفسه فى موقف سيئ فقد انهارت كل خططه، حتى شراكته للقطريين صارت عبئا عليه بعدما صعدت قطر عداءها لمصر 30 يونيو، باختصار لم يستطع أن يحصد أبوهشيمة مزايا التقرب من الإخوان، وحصد فقط توجس النظام الجديد منه لعلاقاته الإخوانية، ولذلك سعى أبوهشيمة إلى كل الأيادى والطرق التى يمكن أن تمسح عنه وصمة الإخوان. لم يترك بابا إلا وطرقة، وله قصة طريفة وموحية فى أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية، فقد ذهب أبوهشيمة إلى المقر الانتخابى للمرشح عبدالفتاح السيسى فى ذلك الوقت بالتجمع الخامس، وطلب مقابلة أحد المسئولين بالحملة بحجة التبرع للحملة، وبعد عدة ساعات من الانتظار وصلته رسالة بأن حملة السيسى لا تقبل أى تبرعات من أحد، ولم تصل الرسالة شخصية، فحملة الرئيس السيسى لا تقبل بالفعل أى تبرعات من رجال الأعمال.

لم ييأس أبوهشيمة وظل يتحين الفرصة لإظهار وإثبات ولائه لنظام 30 يونيو، وجاءته الفرصة خلال سفر الرئيس السيسى إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأمريكا، عرض أبوهشيمة فكرة حملة «مصر الجديدة» أو NEW EGYPT والتى ملأت شوارع نيويورك خلال رحلة الرئيس، وتميز أبوهشيمة فى هذه المرحلة بالإكثار من المشروعات الخيرية وتطوير القرى الفقيرة.

وتبرع أبوهشيمة أيضا بحديد لبعض المشروعات القومية، لكن هذا التبرع أدخله فى منظومة المتعاملين مع المشروعات القومية، فقام بتوريد الحديد إلى بعض المشروعات، وكان أبوهشيمة يشترى الحديد من التجار لأن حجم الطلب كان اكبر من قدرات مصنعه، فأصبح من أكبر تجار الحديد فى مصر.. فمصر ليست مدينة لأبوهشيمة ولكنه مدين لها بالكثير.

ولكن القفزة الكبرى للرجل الذى فقد ظله كانت شراء أبوهشيمة لقناة أو تى فى من رجل الأعمال الملياردير نجيب ساويرس، والاتفاق مع عمرو أديب لتقديم برنامج التوك شو بالقناة، وبدأت امبرطورية أبوهشيمة التى تمتد لصحف وشاشات ومواقع وشركات دعاية وعلاقات عامة بل سينما. وخلال هذه المرحلة شهدت هذه المشروعات تطورًا كبيرًا، ويكفى جلبه لميسى ورونالدو إلى مصر. ولكن الرجل نسى أنه لا يملك إلا 7% فقط من هذه الامبراطورية، وأنه مجرد إدارى لهذه المملكة. فقد راح أبوهشيمة ينفق مئات الملايين من الجنيهات، وادخل شركة إعلام المصريين فى دوامة خسائر لا يمكن الصبر عليها.فكان لابد من إيقاف نزيف الخسائر، وسحب البساط من تحت أقدامه، ويبدو أن الرجل لم يتعلم لغة الإشارات السياسية جيدا. فثمة اشارات سابقة على قرار طرد أبوهشيمة من جنة الإعلام. ففى مؤتمر الكوميسا الأخير والذى حضره الرئيس السيسى كان واضحا لكل ذى عينين أن مكانة أبوهشيمة تحتضر. فالرجل لم يسمح له بحضور جلسة الرئيس دون كارنيه الحضور، ولم يكن له مقعد فى الصفوف الاولى، وبعد أن حاول الدخول عبر بابين نجح فى المرة الثانية وجلس وحيدا فى الصفوف الأخيرة، وقد التقط المشهد صحفيون أدركوا أن ثمة قفزة فى حياة أبوهشيمة، ولكن القفزة هذه المرة كانت لاسفل وليس لأعلى. فبعد أيام من إبعاده عن مملكة الإعلام انتشر تسريب خطير ولغز جديد فى حياة أبوهشيمة، تسريب يؤكد أن الرجل كان يمول الإخوان بمليارات الجنيهات، وعلى الرغم أننى لا أصدق المستند المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعى. إلا أن ثمة مفارقة فى هذه القصة أو بالأحرى اللغز الجديد، فبعد كل ما فعله أبوهشيمة عاد لنقطة الصفر، والمربع الأول والتهمة الأولى.. التحالف مع الإخوان.