محمد كشك يكتب: ماذا لو رفض السيسي الترشح لانتخابات الرئاسة 2018

ركن القراء

محمد مصطفى كشك
محمد مصطفى كشك


ماذا لو رفض السيسي الترشح لانتخابات الرئاسة المزمع عقدها في 2018م،.. سؤال يطرح نفسه الأن بقوة خاصة مع قرب انتهاء مدة الرئيس الأولى المليئة بالأحداث المثيرة.. والغريب في الأمر أن هذا السؤال بالرغم من أهميته في هذا التوقيت الصعب إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الإجابة، لأنها تكشف عن مجموعة من الحقائق، أولها أنه ومع تزايد التحديات التي تواجه البلاد على كل الأصعدة الداخلية والخارجية، فهناك من يريد إعادة عقارب الساعة للوراء، حيث الفوضى والاضطرابات والوقفات الاحتجاجية، بعد أن نجح السيسي في قيادة سفينة الوطن إلى المياه الهادئة، وإفشال كل المخططات التي سعت إلى تقسيم وتقزيم بلاد النيل.

إن رفض الرئيس "السيسي" الترشح مجددا لانتخابات الرئاسة يعني عودة كل الوجوه الضالة من أول كبيرهم الذي علمهم السحر "البرادعي" إلى الإخواني الإرهابي "أبو الفتوح" إلى "حمدين صباحي" وغيرهم من السحرة.. للساحة من جديد للتبشير بدين الحرية للانقضاض على البلاد ونهش عقول المصريين الذين دفعوا ولا يزال يدفعون من دمائهم ودماء أبنائهم الكثير، وذلك لإنقاذ وطنهم من إعصار يناير الذي يضرب ويشل البلاد منذ 7 سنوات على كافة الأصعدة اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، ولولا تدخل "السيسي" في الوقت المناسب لقضى هذا الإعصار أي أمل في عودة البلد للحياة من جديد، ورفض "السيسي" يعني عودة "عاصري الليمون" ليحتلون المشهد- وأي احتلال- إنه احتلال المقهورين المعزبين.

هناك إذن من سيقول فليرفض السيسي ما الضرر!! والحقيقة.. إن رفض السيسي  يؤثر تأثيرًا مباشرًا على الوضع الاقتصادي في البلاد، فحكومة المهندس شريف إسماعيل، تشارك صندوق النقد، في خطتها لإنعاش الاقتصاد المصري، ثم إنها من تشكيل الرئيس وتستمد شرعية قراراتها الاقتصادية المؤلمة من شعبيته، وهذه الشراكة ستتلقى طعنة موجعة في صدرها، وسيكون من المستحيل أن تستمر الخطة الاقتصادية، وسنعود لنقطة الصفر، وسنعود لتسول الثقة الدولية في الاقتصاد المصري، علاوة على عودة حاملي توكيل الاشتراكية وحقوق العمال لعزف سيمفونية العيش وحقوق المواطن محدود الدخل، وهو بالتبعية سيرهب حكومة "إسماعيل" أو أي حكومة التي ستنحني للسيمفونية مجبرة ومقيدة اليدين.

ولكي توضح الفكرة أكثر دعونا نبحث في دفاترنا الاقتصادية القديمة، وأعتقد أن الأرقام وحدها كفيلة بإقناع من لا يريد الاقتناع وخرس كل الألسنة المشككة في إنجازات الرئيس والتي ستتأثر بشكل كبير، وربما يستحيل أن تستمر الخطة الاقتصادية والتي قطعت الشوط الأكبر بعد أن استطاعت هذه الخطة خفض عجز الموازنة إلى أقل من ١٠% وهو ما رفع أسهم مصر عند كل المؤسسات النقدية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، كما أنها حققت ارتفاعًا في معدلات النمو الاقتصادي استطاع تجاوز حاجز الـ ٥% بعد انخفاضًا غير مسبوق وصل إلى 2.1% في غضون ٢٥ يناير وما تبعها من أحداث، وفي صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصل إلى ما يقرب من ٩ مليار في العام المالي ٢٠١٧بزيادة ٢٦٪‏ عن ٢٠١٦ وزيادة ١١٠٪‏ عن عام ٢٠١٢م، وهو ما يفسر ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وتخطي حاجز الـ36% مليار مقارنة بـ١٢ مليار في سنة ٢٠١٢، وهو بدوره ما رفع تقييم كافة مؤسسات التقييم لتصنيف مصر إلى الاستقرار والأمان.

واعتقادي الشخصي رفض "السيسي" الترشح يعني حالة من الشلل لما تحقق والبدء في التراجع من جديد لارتباط كل ما تحقق في حالة من الاستقرار السياسي، ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بوجود الرئيس وشعبيته التي كانت سبب مباشرًا في تقبل الشعب لكافة القرارات الاقتصادية، برغم قسوتها في كثير من الأحيان لكن ثقة الشعب في النتائج كانت جزء من ثقتهم في الرئيس التي لم يحظى بها رئيس غيره.

ليس الوضع الاقتصادي الذي سيتأثر فحسب، بل سياسة القاهرة الخارجية التي تعامل الجميع بندية تحسب للوزير الماهر سامح شكري، والذي لا يستطيع أحد إنكار أنه أيضًا يستمد قوته من وجود رئيس بحجم وشعبية "السيسي" خلفه، هذه الندية ستتعدل وسترى من يعيد سيرتها الأولى من مناضلة الحناجر ودعوات رمي الأعداء في النيل ويحاول الإخلال بالتزامات مصر وتعهداتها الدولية، وبعد ما شاهدنا جميعًا مصر الكبيرة ووصولها لمكانتها الطبيعية بين الدول الكبيرة في كل المحافل الدولية، وسنرى كل ذلك يتلاشى شيئًا فشيئًا، وسترى مصر خنيعة راكعة أمام عزب وقرى العالم الغنية كما حدث في فترة حكم الإخوان الإرهابية، بل ويصبح قرار القاهرة رهينة في يد الصبيان والمراهقين أو المتأسلمين الأفاقين.

وأخيراً يقولون إنه لا حياة بدون أمن وأزعم أن الرئيس هو عمود الخيمة في المنظومة الأمنية ليس تقليلًا من قدرات أجهزتنا الأمنية التي تبذل جهود عظيمة في هذا الشأن، لكن يمثل الرئيس كما قلت "رأس الحربة" (الحريف) الذي ينهي كل أنصاف الفرص في شباك الخصم فالرئيس "السيسي" منذ أن اعتلى كرسي الحكم وهو حريص على تدعيم ودعم المؤسسات الأمنية، بل وارتضى أن يكون حائط الصد الذي يتلقى كل الطعنات التي توجه لتلك المؤسسات سواء من الداخل أو الخارج، وما حدث لجهاز الشرطة قبل يناير وبعد يناير خير دليل على حاجة هذا الجهاز للرئيس، فبينما تخلى الجميع عن الشرطة وقف "السيسي" بجانبها حتى عادت كما كانت قوية وماهرة، فضلًا عن ما يحدث في سيناء من عمليات إرهابية خسيسة تحتاج لرجل بوعي وحكمة "السيسي" الذي أعاد أمن مصر بكل اقتدار والأهم إرساء دعائم تثبيت الدولة المصرية ومؤسساتها.

سيقول البعض أنني أكره الديموقراطية، حقا أكره الديمقراطية التي تجعل صوت مانديلا يتساوي مع صوت المعزول محمد مرسي أو البرادعي .. أية ديمقراطية تلك التي تقول أن يحكم البلاد من سعوا إلى خرابها وعاثوا فيها الفساد طولا وعرضا، أية إنسانية تلك التي تجعل من الخائن والإرهابي الآثم الفاجر حكما وإماما وسيفا مسلطا على العباد، أية إنسانية هذه التي تجعل عصابة من المزايدين يطالبون رباناً أن يتخلى عن قيادة سفينة الوطن بعرض البحر وهم يعلمون ان حبه لهذا البلد ووطنيته هي ما يمنعه فهو يعلم يقيناًان هناك من قراصنة الأوطان من ينتهز الفرصة للإنقضاض عليها وخرقها ليغرقوها كما أغرقوا أوطاناً وشعوباً من حولنا.

محمد مصطفى كشك
نائب رئيس حزب مصر أكتوبر وعضو الهيئة العليا