عودة «بيزنس» الأتراك لمصر

العدد الأسبوعي

عودة «بيزنس» الأتراك
عودة «بيزنس» الأتراك لمصر


■ ممثلو الحكومة واتحاد الصناعات و90 شركة مصرية يلتقون 250 رجل أعمال تركيًا

■ استثمارات تركية جديدة بـ51 مليون دولار.. والمنطقة الاقتصادية بقناة السويس تستعد لضخ 5 مليارات دولار

■ تخصيص 25 فدانًا بالإسماعيلية.. وإنشاء 40 مصنعًا بأول مدينة هندسية تركية فى مصر


تأثرت العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا بحالة التوتر الكبير، على الصعيد السياسى بين البلدين، وانعكس ذلك على الاستثمارات التركية فى مصر، متمثلا فى إحجام المستثمرين ورجال الأعمال عن توسيع استثماراتهم.

وبدا هذا الأثر واضحا فى تجميد مجلس الأعمال المصرى - التركى، أحد أهم منظمات الأعمال التى تضم مستثمرى البلدين، والذى عاد للانعقاد مؤخرا مرة أخرى، ما يشير إلى أن الأيام المقبلة قد تشهد تحولا أكبر فى العلاقات الاستثمارية بين القاهرة وأنقرة.

1- بداية تركية

كانت فى مارس الماضى، عندما نظم الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية فى القاهرة منتدى الأعمال المصرى - التركى، بمشاركة جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك و11 شركة تركية، والذى دعت فيه الغرف التجارية التركية والمصرية إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وكشفت كلمة رفعت أوغلو، رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية خلال المنتدى، عن سر رغبة تركيا فى إعادة علاقاتها الاقتصادية كما كانت عليه مع مصر، حين قال إن أنقرة لا تريد بيع البضائع للقاهرة فقط، ولكن تريد التصدير من مصر إلى العالم وزيادة الاستثمارات فيها، و«البيزنس» يجب تقييمه بشكل مختلف.

وتتعامل تركيا ببراجماتية فى علاقتها الاقتصادية بمصر، إذ تفصل بين التوتر السياسى والاقتصادى، وذلك لتحقيق مصالحها فى النمو الاقتصادى، بحيث يستفيد رجال الأعمال الأتراك العاملين فى مجال المنسوجات والملابس الجاهزة من المميزات التى تمنحها اتفاقية الكويز للمصانع العاملة فى مصر والمصدرة للسوق الأمريكى، بنسبة 40% خفضا فى الضرائب والجمارك.

ومن ناحية أخرى، تركيا هى أكبر الدول المؤثرة على عمليات الاستيراد والتصدير فى مصر، ويكون ميزان المدفوعات فى صالحها بشكل كبير، حيث لا تستطيع المنتجات المصرية الصمود أمام التركية، ما يضر بعض القطاعات الصناعية داخل مصر، كما أن انخفاض قيمة العملة وتوافر الأيدى العاملة منحفضة الأجر يفيد المستثمرين الأتراك.

ووفقا لآخر إحصائية رسمية لوزارة التجارة والصناعة، بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وتركيا نحو 4.1 مليار دولار عام 2016، بواقع 2.7 صادرات تركية، و1.4 صادرات مصرية، وتتضمن الصادرات المصرية إلى تركيا البولى بروبلين والأقمشة وأسود الكربون وسماد اليوريا، بينما تستورد مصر من تركيا مواد البناء والكيماويات والأسمدة والسلع الهندسية والإلكترونية والملابس الجاهزة.

وعلى الجانب الآخر.. يرى الجانب المصرى أن تركيا هى بوابة مصر لشرق أوروبا وآسيا الوسطى، وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا تحولا آخر، حيث عقد مؤتمر اقتصادى تركى - مصرى مشترك فى تركيا، تحت اسم «هيا نصنع معا»، برعاية جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين «تومياد».

كان هذا المؤتمر برعاية مصرية رسمية، حيث ضم 10 ممثلين للحكومة واتحاد الصناعات و90 شركة مصرية، وتضمن انعقاد اجتماعات ثنائية مع 250 رجل أعمال تركى بالغرفة التجارية بقونيا واسطنبول؛ بهدف جذب استثمارات لمصر من خلال عمل شراكات مع رجال أعمال ومصنعين أتراك، وتخطط الجمعية لإقامة مؤتمر مقابل بمصر خلال النصف الأول من العام المقبل، ليكون ثالث مؤتمر يجمع بين الجانبين المصرى والتركى، بعد تأثر العلاقات الاقتصادية بالتوتر السياسى بين البلدين.

2- مرونة مصرية

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلن أحمد عفيفى، رئيس قطاع المناطق الحرة بوزارة الاستثمار، تخصيص 25 فدانًا لمستثمر تركى لإقامة مصنع للملابس الجاهزة فى المنطقة الحرة بالإسماعيلية، وبالإضافة إلى ذلك فإن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أكد ترحيب مصر بكل المستثمرين، ومن بينهم الأتراك.

ويقود البيزنس التركى فى مصر عدة جمعيات لرجال الأعمال، مع وجود رجال أعمال من الكبار لهم «بيزنس» مشترك مع تركيا، مثل الغرفة التجارية بالإسكندرية وجمعية رجال الأعمال المصريين، خاصة فى مجالات الملابس الجاهزة والأثاث والحديد والملاحة والشحن والتفريغ والصناعات الغذائية والدواء والزراعة والمشروعات الهندسية والإنشاءات.

وتصل الاستثمارات التركية فى مصر إلى 2 مليار دولار، من خلال 200 شركة، وأعلنت جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين عن نجاح المؤتمر الأخير فى جذب استثمارات تركية جديدة لمصر بقيمة 51 مليون دولار من خلال شراكات فى مجالات الصناعات الهندسية والغذائية والآلات الزراعية والإنشاءات الهندسية والأدوات المنزلية والحفاضات الصحية وقطع غيار السيارات وعدادات المياه.

3- أول مدينة هندسية تركية فى مصر

ومن ضمن الشراكات الاستثمارية التى عقدت توقيع بروتوكول تعاون لإنشاء مدينة صناعية هندسية فى مصر، بين شركة الاتحاد الأوروبى للتجارة والتوكيلات وشركة هايد رومو جروب للصناعات الهندسية التركية، لإنشاء 40 مصنعاً تركياً بقيمة 15 مليون دولار، ومن المتوقع أن تبدأ أعمال الإنشاءات العام المقبل. وتقام المصانع على مساحة 20 ألف متر مربع، بواقع 500 متر مربع لكل مصنع، ومن المرجح أن تكون فى منطقة العاشر من رمضان، من خلال إنشاء شركة مساهمة مصرية، فى قطاعات مستلزمات صناعة البلاستيك وخطوط إنتاج الصناعات الهندسية المغذية وتصنيع الاسطمبات ومعدات التعئبة والتغليف ومعدات الهيدروكوليك، ونجحت بعض شركات الاستشارات الهندسية فى عقد اتفاقات مبدئية مع شركات صناعية تركية، مثل شركة «ألوان» للإنشاءات الهندسية، لإنشاء مشروع صناعى لإحدى الشركات التركية بقيمة 3 ملايين دولار.

وكشف حمادة العجوانى، عضو شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، عن إبرام ثلاثة اتفاقات بين رجال الأعمال المصريين والأتراك؛ لإقامة 3 مصانع فى مجال الأدوات المنزلية والجرارات والمعدات الزراعية، وإنتاج ضواغط الهواء باستثمارات تقدر بـ10 ملايين دولار.

4- المشاريع الجديدة

وقال شريف البربرى، عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك، تم توقيع اتفاق آخر مع الجانب التركى؛ لإقامة 4 مصانع باستثمارات 6 ملايين دولار فى مجالات ماكينات صناعة الاسطمبات وتصنيع خلاطات الخرسانة وحفاضات الأطفال.

وتشمل الشراكات المصرية التركية الجديدة، إنشاء مصنع لغربلة وتنقية وتعبئة الحبوب الزراعية بمدينة الصالحية الجديدة، وذلك باستثمارات مبدئية 2 مليون دولار وطاقة انتاجية 300 طن يوميا، بعدد 250 عاملاً، وهناك اتفاق مبدئى لإقامة مصنع لإنتاج قطع غيار السيارات باستثمارات تصل لـ10 ملايين دولار، وأيضا الاتفاق على عقد صفقات تصدير للمنتجات العشبية والطبية لإحدى الشركات التركية، بحسب ما صرح به خالد الحمدى، رئيس إحدى الشركات المصرية العاملة فى مجال الصناعات الغذائية.

وأوضح متى بشاى، عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك، أنه تم توقيع شراكة لإقامة مصنع لإنتاج عدادات المياه الذكية ومواسير البولى إيثلين ومحابس البلى، باستثمارات تقدر بـ5 ملايين دولار كمرحلة أولى بالمدينة الصناعية الهندسية الجديدة تستوعب ألف عامل، على أن يتم إنشاء مرحلة ثانية من التوسعات خلال السنوات الثلاث المقبلة بقيمة 2.5 مليون دولار.

وأشار بشاى، إلى أن تلك المصانع يتم إنشاؤها للمرة الأولى فى مصر، حيث تعتمد السوق المصرية فى توفير عدادات المياه على الاستيراد من الخارج بنسبة 70% من الاحتياجات ويتم تجميع الباقى، وهو ما يحدث أيضا بالنسبة لمحابس البلى، حيث سيتم إنتاجها فى مصر بشكل كامل، متوقعا أن يتم ضخ استثمارات تركية جديدة بمصر خلال العام المقبل بقيمة 3 مليارات دولار. وكشف أتيللا أطاسيفين، رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين «تومياد»، عن وجود شركات تركية جاهزة لضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والفترة المقبلة ستشهد استثمارا تركيا فى مصر بقيمة مليار دولار والذى بدأ بضخ شركة «باشا بختشة» 100 مليون دولار لإقامة مصنع للزجاج.

ويسعى رجال الأعمال الأتراك إلى دعم السياحة الحلال فى مصر، كما يوجد فى تركيا، من خلال الشركات التركية التى تنظم رحلات إلى مصر، وقال اللواء سمير شما، عضو غرفة شركات السياحة، تم الاتفاق على تنظيم أول فوج سياحى تركى لمصر، يتكون من 50 فردا منذ نحو 4 سنوات من انقطاع الرحلات السياحية التركية لمصر.