عبد الحفيظ سعد‬ يكتب: «نكتة مصرية».. القوى المدنية تلهث وراء مرشح «ذى خلفية عسكرية» فى مواجهة السيسى

مقالات الرأي



مدعو التيار الديمقراطى يدعمون «عنان» أو «شفيق» ويتجاهلون أى مرشح محسوب على الشباب أو الثورة

ليس فى الأمر «نكتة».. رغم أن كافة الملابسات والوقائع، تشير إلى ما يدفع للسخرية! وذلك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة التى بدأت عجلتها تدور، وما يثار فيها أن السياسيين المحسوبين على القوى «المدنية والديمقراطية» يبحثون عن مرشح ذى خلفية عسكرية فى الانتخابات الرئاسية، والمرجح إجراؤها فى مارس أو إبريل المقبلين، ليواجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو ما يتناقض تماما مع أفكار هذه الشخصيات فى رفض ما يطلقون عليه وجود أحد العسكريين السابقين فى قمة السلطة.

وجاءت الأحداث خلال الأيام الأخيرة لتؤكد اعتماد هذه القوى على فكرة تقديم مرشح ذي خلفية عسكرية، والتى ظهرت فى أعقاب إعلان رئيس وزراء مصر الأسبق أحمد شفيق عن نيته خوضها أثناء وجوده فى الإمارات، ثم عودته لمصر، وتأكيده فى تعقيبه عن مسألة خوض الانتخابات، وتراجعه عن إعلانه خوض الانتخابات، وأن مسألة خوضه الانتخابات لم يحسمه بعد فى انتظار ما يسمعه ويعرفه على أرض الواقع..

وكشف طرح شفيق نفسه فى الانتخابات، عن «النكتة» القادمة من التناقض فى المواقف بين اليوم والأمس، والذى ظهرت من الترحيب والمباركة بترشيح الرجل ذى الخلفية العسكرية السابقة، ليس فقط من الشخصيات السياسية المدنية، بل أيضا من تنظيم الإخوان، وهو ما ظهر على القنوات التى يديرونها فى تركيا أو لندن، يتبنى فكرة دعم مرشح ذى خلفية عسكرية، لمواجهة السيسى، وذلك فى مشهد يتناقض تماما مع ما دار قبل ست سنوات وقت الانتخابات الرئاسية فى عام 2012، والتى كانت تقف هذه القوى، ضد شفيق فى مواجهة مرشح الإخوان وقتها محمد مرسى، باعتبار أنه ذو خلفية عسكرية ومن نظام مبارك.

ووصل الأمر بالإخوان طبقا للمعلومات المؤكدة، والتى كشف عنها فيما بعد بأنهم هددوا بإشعال حرب والقيام بتفجيرات فى حالة إعلان فوز شفيق على مرسى، رغم أن المعلومات كانت تشير فى حينها لتقدم شفيق، غير أن إعلان الإخوان والقوى المدنية فى المؤتمر الشهير فى فندق «فرمونت» بدعمها فوز مرسى، غيّر مسار نتيجة الانتخابات.

وربما كان المبرر الذى ساقته هذه القوى لدعم مرشح ذى خلفية عسكرية فى مواجهة السيسى، أن حظوظ المدنيين فى المنافسة معدومة، فى حين يحظى المرشح ذو التاريخ العسكرى بفرصة أفضل، باعتباره أنه سيكون مناسبًا لإرضاء المؤسسة، وأيضا يبعث برسالة تطمين للشعب بأن المرشح سيكون له قدرة على مواجهة المخاطر الأمنية والسياسية، فى ظل تعقيدات المنطقة العربية بأكملها، ووجود انهيار للدول والجيوش بالكامل كما حدث فى ليبيا وسوريا، وأخيرا اليمن.

ونجد أن عملية البحث عن مرشح رئاسى، ذى خلفية عسكرية، من القوى المدنية لم يكن قاصرا على أحمد شفيق فقط، فنجد أيضا أن اسم الفريق سامى عنان، رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، وتحديدًا فى فترة ثورة يناير، ووقتها كان يعد الرجل الثانى فى الدولة، وقت حكم المجلس العسكرى.

وتشير المعلومات إلى أن «عنان» سيكون البديل لهذه القوى فى حالة تراجع شفيق عن ترشيح نفسه، خاصة أن عنان سعى لترشيح نفسه فى انتخابات عام 2014. والغريب أن عنان فى ذلك الحين كان قد فتح اتصالات مع عناصر من تنظيم الإخوان ليحظى بدعمهم فى الانتخابات فى مواجهة السيسى، ولكن تراجع عنان عن خوض الانتخابات لشعوره بصعوبة الانتخابات فى مواجهة السيسى الذى كان يحظى بشعبية جارفة، لدوره فى التخلص من حكم الإخوان.

لكن طموح عنان فى الترشح للرئاسة، لم يتوقف وخرجت من الرجل عدة إشارات تؤكد عزمه خوض انتخابات 2018، ونجد أن عنان قام بالفعل فى الفترة الأخيرة بتحركات منها العمل على تنشيط حزبه «مصر العروبة»، كما عقد عدة لقاءات مع شخصيات سياسية، كما أكدت لنا «مصادر خاصة» أن عنان التقى عددا من الشخصيات المحسوبة على القوى المدنية وكان أبرزهم السفير السابق فؤاد معصوم، والذى يعد أحد الشخصيات الرئيسية فى التكتل الذى يسعى لإيجاد مرشح فى مواجهة السيسى، والذى يضم أيضا ممدوح حمزة، وحمدين صباحى، وحازم حسنى، وحسن نافعة، وحازم عبد العظيم، وعبد الجليل مصطفى، وشخصيات أخرى محسوبة على التيار المدنى. كما قام عنان بالتواصل مع شخصيات من شباب الجمعية الوطنية للتغيير، والتى أسسها قبل الثورة محمد البرادعى، للعمل على الحصول على دعمهم فى الانتخابات.

ونجد أن عملية البحث عن مرشح ذى خلفية عسكرية لمواجهة السيسى، لا يقتصر على التكتل المدنى فقط، بل إن الإخوان أنفسهم وعبر وكلائهم فى الخارج يريدون الدفع بمرشح فى مواجهة السيسى بما يمهد لعودة الإخوان مرة أخرى وإمكانية القيام بمصالحة معهم ولعل أبرزهم أيمن نور، الذى يقف وراء هذه الفكرة، وهو ما يفسر ترحيبه ودفاعه عن أحمد شفيق عقب الإعلان عن ترشيحه، والمزاعم أنه محتجز فى الإمارات، كما أن معلومات أشارت أيضا إلى أن سعد الدين إبراهيم يعمل دور الوسيط بين المرشح المحتمل والإخوان، وهو دور سبق أن لعبه «إبراهيم» مع الإخوان ولكن كان فى السابق للتقريب بينهم وبين الإدارة الأمريكية وقت حكم أوباما.

التناقض فى المواقف الأخيرة، للشخصيات المدنية فى البحث عن مرشح ذى خلفية عسكرية، رغم ما يرددونه طوال الفترات الماضية، بالعمل على ضرورة أن يتولى الحكم شخصية مدنية خالصة، يكشف عدم وجود رؤية واضحة لهذه المجموعة سوى الوقوف ضد السيسى.

ويكشف أيضا فشل هذه القوى على تقويتها سياسيا، وخلق ظهير شعبى أو سياسى لها، والذى كان يمكن أن يدعم فكرة وجود مرشح مدنى، مثل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى السابق، والذى كان ينظر إليه أن يتقدم لخوض الانتخابات خاصة بعد إبعاده من منصبه فى رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات، لكن «جنينة» تراجع عن موقفه بخوض الانتخابات لأنه أدرك عدم امتلاكه أدوات خوض الانتخابات وسعى القوى المدنية وراء دعم مرشح ذى خلفية عسكرية فى الانتخابات دفعه أن يتراجع عن الترشيح، وهذا ما صار أيضا مع السفير فؤاد معصوم، والذى كان ضمن قائمة المرشحين لخوص الانتخابات كمرشح مدنى، لكن نجد أنه تراجع أيضا وبدأ هو شخصيا يقود التنسيق لدفع شخصية ذات خلفية عسكرية لخوض الانتخابات.

ونجد أن عملية السعى لمرشح ذى خلفية عسكرية، من قبل قوى مدنية تتجاهل الدعم لصالح خالد على، وهو المرشح الوحيد الذى أعلن خوضه الانتخابات، مدعوما من الحركات شبابية، باعتباره مرشح محسوب على الثورة وخاض معركة قضائية كبرى بشأن جزيرتى تيران وصنافير، وهو ما دفع بوجود شعبية له بين الشباب، لكن يبدو أن ذلك لا يرضى «عواجير»، القوى المدنية والذين تأتى تصرفاته عكس ما يقولونه.