د. بهاء حلمى يكتب: مشروع قانون البنوك الجديد.. والصالح العام

مقالات الرأي

د. بهاء حلمى
د. بهاء حلمى


تعالت الأصوات وتضاربت المصالح فى مشروع قانون البنوك الجديد فهبت وسائل الإعلام وبعض القنوات الفضائية لتهاجم مشروع القانون بغرض حماية مصالح بعض رؤساء البنوك الحاليين الذى سيطيح بهم القانون فى حالة إقرار تحديد مدة تعيينهم، دون التطرق لمناقشة باقى مواد مشروع القانون مثل رأس مال البنك، وضوابط ترشيح وتشكيل مجلس إدارة بنك القطاع العام، وتعزيز سلطات وصلاحيات البنك المركزى واستقلاليته، وأثر ذلك على القطاع المصرفى، الأمر الذى يؤدى إلى عدم وضوح الرؤية لدى الرأى العام عن دوافع تعديل القانون ومصلحة الوطن.

لذلك فمن المهم إلقاء الضوء على بعض النقاط المهمة فى مشروع قانون البنوك وأبرزها ما سبق وتناولناه فى مؤلفنا «الاستثمار الأجنبى فى القطاع المصرفى» عام 2015م من ضرورة إعادة تقييم وزيادة رأس مال البنوك وفروع البنوك الأجنبية المنصوص عليه فى القانون الحالى الصادر فى 2003، والتى لم تعد تتناسب مع المتغيرات التى طرأت على أسعار الصرف العالمية وآثارها على السوق المصرفية، حيث يتوافق مشروع القانون مع رؤيتنا فى زيادة رأس مال البنك ولكنه يختلف من حيث تحديد المقدار ليصبح 1.5 مليار جنيه مصرى بدلا من خمسمائة مليون جنيه مصرى، وهو لا يتناسب مطلقا مع سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار فى الوقت الراهن، كما أن تحديد رأس المال بالجنيه المصرى باعتباره العملة الوطنية دون الربط بالعملات الأجنبية فى ضوء تعويم أو تحرير سعر الصرف يعد من ضروب الجمود الذى يتنافى مع فلسفة التشريع وقدرته على التعاطى مع المتغيرات المستقبلية.

لذلك نقترح ألا يقل رأس مال البنك عما يعادل قيمة 500 مليون دولار بالجنيه المصرى على أن تكون نصف القيمة بالعملة الحرة، وألا يقل رأس فرع البنك الأجنبى فى مصر عن 750 مليون دولار أو ما يعادله بالعملات الحرة، وذلك لتحقيق الأهداف التالية:

- رفع قدرة البنوك على المنافسة، وخروج البنوك الضعيفة من السوق تماشيا مع استكمال خطوات الإصلاح ورفع كفاءة السوق المصرفية بما يتفق مع المعايير الدولية.

- مواكبة زيادة أسعار الصرف العالمية والوطنية.

- خلق بنوك جديدة قوية من خلال دمج أو ادماج البنوك التى لا تستطيع توفيق أوضاعها.

- زيادة رءوس أموال البنوك وفروع البنوك الأجنبية يؤدى إلى زيادة الاحتياطيات لمواجهة أى أزمات مستقبلية.

أما فيما يتعلق بتحديد مدة رؤساء البنوك، ووضع ضوابط وشروط جديدة لتعيين وتشكيل مجالس إدارات البنوك هو أمر يتفق مع قواعد الحوكمة، إضافة إلى أنه حق واختصاص أصيل للدولة ممثلة فى البنك المركزى المنوط به الإشراف والرقابة على الجهاز المصرفى ووحداته، وتنظيم السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية، والاحتفاظ بالاحتياطى النقدى ومواجهة الأزمات المالية إضافة إلى أنه الجهة الإدارية المختصة بالرقابة على تنفيذ القانون، ومنع الاستحواذ العائلى على رءوس أموال البنوك.

ويتعين على البنك المركزى المزيد من الدراسة بمشاركة القانونيين والمتخصصين لأهمية وحساسية وكثرة التعديلات التى ادخلت فى مشروع القانون، مع وضع خطة إعلانية وإعلامية لتوضيح دوافع ومبررات تعديل القانون والمصلحة العامة التى يهدف إليها المشرع والمتمثلة فى اعلاء مصلحة الوطن بعيدا عن اصحاب المصالح الخاصة، كما يتعين على الحكومة وضع السياسات المالية التى تتفق وتتكامل مع السياسات النقدية التى يضعها البنك المركزى بما يتفق مع التخطيط السليم والتنبؤ للمستقبل فى ضوء أهمية قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد للدولة وسيادتها وخطط التنمية الاقتصادية والأمن القومى للبلاد.