فى حواره لـ"الفجر".. رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة: لنا دور كبير فى خارطة غسان سلامة

عربي ودولي

الشيخ محمد المبشر
الشيخ محمد المبشر - أرشيفية




قال رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة الشيخ محمد المبشر: "في إطار التحضير للمؤتمر الوطني الشامل ضمن الخارطة، التي أعلن عنها المبعوث الأممي في ليبيا، من المنتظر أن يجتمع مجلس أعيان ليبيا للمصالحة خلال نوفمبر الجاري، للنظر في كيفية دفع جميع الأطراف المتنازعة للجلوس حول طاولة الحوار بعيدًا عن الإملاءات الخارجية لحل الأزمة المتفاقمة بينهم بتغليب العقل وتقديم مصلحة البلاد".


وفي إشارة لدور الأعيان والمشايخ القبائل العربية الليبية، في لعب دورها في إنقاذ ليبيا، صرح رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي، أن السلام في ليبيا لا يمكن أنّ تحقّقه إلاّ القبائل الليبية دون سواها.


وأكد الشيخ محمد المبشر: "أن مجلس الأعيان سيكون الغطاء الأمثل لجميع الليبيين في التسوية الدولية، وأن هذا الملتقى، الذي سيجمع كل الفرقاء السياسيين سيمهد؛ لتنفيذ خطة البعثة الأممية، التي أعلن عنها غسان سلامة".


هذا وسيقام المؤتمر الوطني للمصالحة الشامل، الذي كشف عنه "سلامة"، تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس"، ويهدف لفتح الباب أمام من استبعدوا طوال الفترة الماضية من المشاركة في العملية السياسية، ولمزيد توضيح دور دول الجوار من الأزمة الليبية والحلول المقترحة كان لنا الحوار التالي مع الشيخ محمد المبشر:  



أعلن مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، في عديد المناسبات، أن الحل الأمثل للأزمة الليبية يجب أن يكون "ليبي ليبي"، هل المجلس شريك في الخطة الأممية التي أعلن عنها المبعوث الأممي غسان سلامة وقال إنها ليبية أيضا؟


- يعلم الجميع، أن مجلس أعيان ليبيا كان له موقف واضح من الحلول والوساطة الدولية، وكان أول من نادى بأن الحل الجذري لا يمكن أن يتم إلا بإرادة وعمل "ليبي ليبي"، لكن تطور الأحداث وتداخل المصالح الإقليمية والوساطة الأممية حتم علينا القبول بوساطة الأمم المتحدة لكون ليبيا عضوا في هذه المنظمه الدولية.
 

وكانت خارطة الطريق، التي وضعها المبعوث الأممي غسان سلامة الأقرب للواقع وكان لمجلس أعيان ليبيا للمصالحة دور في تكوين فكرتها، وهي الأقرب للتطبيق، إن توفرت الإرادة وكفت بعض الدول عن محاولة التأثير عليها.


ونشير هنا إلى أننا نبهنا مرارًا من أي عملية عرقلة أو تشويش قد تعطل مهمة "سلامة"، علما وأننا توقفنا عند بعض الملاحظات على الخطة الأممية، ولكن في العموم لا وجود لحل في مثل الحالة الليبية إلا ما تم طرحه.


ونحن نعتبر أن هذه الخطة هي الخطوة الأولى نحو الاستقرار الحقيقي وعلى الليبيين تحمل المسؤلية الكاملة في إتمام مشروع بناء دولة القانون والمؤسسات، التي تتناغم مع محيطها الإقليمي والدولي.



*علمنا أن مجلس أعيان ليبيا ينكب حاليا على تأسيس عقد اجتماعي خصوصي يراعي المجتمع القبلي في ليبيا ويهيء للمرحلة القادمة بدءًا بالاستفتاء على الدستور وصولا إلى الانتخابات، هل لنا معرفة أهم بنود هذا العقد؟ 


- يدرك مجلس الأعيان منذ البداية، أن الأزمة الليبية تتعلق بعدة قضايا أهمها عدم وجود عقد اجتماعي أو ما يصطلح عليه داخليًا (القانون العرفي) ينظم العلاقات بين المدن والقبائل. 


ولنا مثال على ذلك "اتفاق الحرابي" و"اتفاق القبلة"، بين مناطق القبلة والقانون العرفي معمول به ولكنه غير مطور وفق الحالة الليبية التي نعيشها، وللتوضيح فالقوانين العرفية لا تعوض الدستور بل هي مجموعة قواعد اجتماعية متفق عليها، وقد عادت للساحة خلال هذه السنوات بعد غياب سلطة الدولةً وتفعيل القانون.


ولدينا أيضا مشكلة في تحديد الهوية الليبية، من هو الليبي وما هي القضايا الخلافية في المجتمع، وهذا العقد الاجتماعي، هو الذي سيسهل اتفاق الناس للذهاب للدستور بعد الاتفاق على العديد من القضايا والمبادئ الحاكمة الجامعة الوطنية.


وتختصر المبادىء العامة للعقد الإجتماعي في وضع رؤية قائمة على الربط بين ما هو أكاديمي واجتماعي وعلمي للحصول على عقد حداثي يراعي الموروث الاجتماعي والخصوصية الليبية وتكويناتها.


وللإستفادة من التجارب السابقة ستتم العودة، إلى "ميثاق الحرابي" في برقة و"ميثاق القبلة" بين مناطق القبلة و"الميثاق الوطني جادو"، وسيشارك في ترسيخ مفهوم العقد الاجتماعي عدد من النخب الاجتماعية والأكادميين بين المناطق الليبية بعيدًا عن التأثيرات والمواقف السياسية والاعتبارات القبلية والجهوية.


أما آليات العقد الاجتماعي، فنحن بصدد العمل عليها ولا أظن أن المجال يتسع لذكرها الآن، وينص اتفاق "الحرابي"، الذي سعي مجلس أعيان ليبيا لكتابة عقد اجتماعي بين المدن والقبائل على منواله والموقع من عُمد ومشايخ قبائل الحرابى وأعيان مدينة درنة المجتمعين في المؤتمر الوطني، المنعقد بمركز جمعية عمر المختار بدرنة، يوم الخميس الموافق 18 أبريل 1946، على تعهد الجميع بإيقاف كل ّ خصومة وكل نزاع مهما كان نوعه، وإيقاف الفتنة وعدم السماح بالمطالبة بحق قديم سواءً كان ثأراً أو دية جرح أو حقّاً عقاريا أو خلافه ما لم تستقر الدولة.



*كيف تقيمون دور دول الجوار في التعاطي مع الأزمة الليبية سيما المبادرات التي قدمت ؟


- دور دول الجوار كان متفاوتًا حسب مصادر معلوماتها، وفي غالبها لم تكن واضحة وعملية، عدا المبادرة المصرية الأخيرة الداعمة لجهود توحيد المؤسسة العسكرية، أما باقي الدول فلم تقدم شيئا يذكر فهي مجرد محاولات بسيطة لم تتعمق في البحث عن حل واقعي كما أنها لم تتعامل مع صناع القرار الحقيقيين ولم تشرك كل الاطراف وهذا غالبا ما عرقل كل المبادرات، لأن التعامل مع أحزاب وشخصيات سياسية لا تملك سوى قنوات فضائية أو برزت في ظروف معينة.



*هل يمكن أن يتحول مجلس الأعيان في ليبيا من مكون اجتماعي إلى لاعب سياسي ويمنح له مستقبلا ؟


- عندما غابت مؤسسات الدولة لم يكن بالساحة سوى المكونات الاجتماعية، التي عملت على إرساء الأمن وتسيير الخدمات والسعي لحل المشكلات اليومية للمواطن، وقد اجتهدت ونجحت في تفعيل الكثير من المؤسسات الخدمية وإرجاع الثقه للأجهزة الأمنية، رغم تعقد المشهد، 
ويكمن سر نجاح مجلس أعيان ليبيا في أنه ينظر للوطن بنظرة شاملة، ويرى أن أبناءه متساوون في الحقوق والواجبات بخلاف السياسيين.


والمجلس عمل طوال السنوات الماضية في صمت، وبعيدًا عن المزايدات السياسية على تحقيق أفضل مكسب وهو الاستقرار والسلام، كما يجب التأكيد أن مجلس الأعيان يعمل على سياسة احتواء الجميع تحت مظلة المصالحة والسلام ولا يوجد لديه خصم سياسي أو إجتماعي واختياره كجسم اجتماعي، حيث أنه مقبول من طرف الجميع ويجد طريقه لحل النزاعات ومبادر بـأفكار لبناء مؤسسات الدولة ودافع للتنمية المكانية لحل مشكلة الاسترزاق بالبندقية.


أما الدور سيوكل له مستقبلا أظن أن الحديث فيه مبكّر جداً، لأننا كـ"ليبيين"، لم نصل بعد للاتفاق على شكل نظام الحكم وآلية تسيير البلاد حتى نتكلم عن الدور، الذي سيلعبه مجلس الأعيان، ولكن إن كان ولابد فسيكون للمجلس دور استشاري بعد استقرار البلاد، وتحت مسمى مجلس الشيوخ والأعيان بعد الاتفاق على الدستور قريبًا.