مكاتب متخصصة فى "الزواج الإسلامى" يديرها سلفيون

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


ملتحون ومنتقبات يستقبلون الزبائن.. والاستمارة بـ1200 جنيه للقاء العريس

■ طيار متقاعد يؤسس شركة دون تصريح أو سجل تجارى.. وإحدى العاملات: نرفض العرفى والمتعة


«الوعد السامى للزواج الإسلامى» هكذا كان إعلان أحد المكاتب المتخصصة فى تزويج الشباب والشابات، بجريدة الوسيط، ما لفت انتباهى هو وجود كلمة «الإسلامى»التى توحى بوجود شىء غريب، ما دعانى للاتصال بالمكتب لمعرفة التفاصيل.

ردت على اتصال «الفجر» فتاة قالت إن اسمها عزة، وطلبت بياناتى كشرط لإخبارى بالعنوان، مثل الاسم والمؤهل والسن والحالة الاجتماعية، فذكرت المحررة أننى آنسة، 31 عاماً، حاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة، فسألت الفتاة عن مواصفات «العريس»، فأخبرتها أن كل ما يهمنى أن يكون متديناً، وملتحياً، وسألت عن معنى كلمة «الزواج الإسلامى» فى إعلان المكتب، فقالت الفتاة إن يعنى أنه زواج لدى المأذون وليس من خلال عقد عرفى، كما يطلب البعض، وذلك ليكون للمكتب مصداقية.

الفتاة عزة، قالت أيضاً إنها ستعرض البيانات على بعض عملاء المكتب الراغبين فى شريكة حياة لهم، موضحةً أن معظمهم يعمل فى مهن جيدة وميسورو الحال، وفى محاولة لإقناعى بمصداقية المكتب، أشارت عزة إلى وجود 6 فروع له تابعة لشركة تسمى «الماسة»، وأن لكل فرع اسماً مختلفاً منها «شريك أحلامى للزواج الإسلامى» و«الوعد السامى للزواج الإسلامى»، و«الوعد الفريد» و«جوهرة التاج»، وأن هذا التصرف هدفه توسيع قاعدة البيانات وأن يكون هناك عدد أكبر من العملاء.

ويتطلب عمل المكتب، أن تقوم راغبة الزواج فى زيارة المكان بنفسها حتى تراها الفتاة المسئولة، كما عليها إحضار صورة بطاقتها وصورتها الشخصية، مع سداد رسوم الاشتراك البالغة 1200 جنيه.

وفى نفس اليوم ذهبت إلى العنوان الذى أعطته لى عزة، وهو 96 شارع الشيخ غراب، بمنطقة حدائق القبة بالطابق الأرضى للمبنى، وهناك اكتشفت ان المنطقة متوسطة ليست شعبية أو راقية، وأنه لا توجد لافتة للمكتب أو الشركة على واجهة المبنى، كما أن المقر ليس فخماً ولكنه نظيف ويضم مكاناً لاستقبال العملاء، ولافتة كبيرة تحمل اسم الشركة وعلى يسار باب الشقة، توجد طرقة تطل عليها 3 غرف.

استقبلتنى عزة بابتسامة عريضة، وجدتها فتاة يتراوح عمرها بين 24 و27 عاماً، ترتدى بنطلون جينز، صافحتنى وطلبت منى انتظارها حتى تنتهى من العميل الموجود معها، كان يبدو فى الـ40 عاماً، وغير ميسور الحال.

وجلست على أحد الكرسيين الموجودين فى الطرقة، وأمامى باب مغلق، وسرعان ما جاءت سيدة منتقبة، تدعى داليا، وهى مديرة المكتب، وسألتنى عن بياناتى وأثناء جلوسى معها، وجدت رجلاً ملتحياً يرتدى جلباباً لونه «بيج فاتح» يخرج من الباب المغلق ويبدو أنه كان يتوضأ وفى هذه اللحظة انتهت عزة من العميل وجلست معى، وتركتنى داليا.

أخبرتنى عزة أن هناك عريساً ملتحياً كما أريد، ويرغب فى زوجة ثانية، فسألتها هل هو الرجل الملتحى الذى رأيته، فردت بالإيجاب، وقالت إنهم يجرون معه مقابلة حالياً لمعرفة مواصفات العروسة التى يرغب بها، فأكدت لها أننى أريد زوجاً يجعلنى ألتزم دينياً وأن أغير من طريقة «لبسى» ويساعدنى على ارتداء النقاب، وأريده زوجاً يساعدنى على طاعة الله، وأن أكثر ما لفت نظرى بالإعلان أنه زواج إسلامى، فأخبرتنى أنهم لا يقبلون أى عميل، وأنهم يضعون مواصفات معينة لاختيار عملائهم، منها أنهم يشغلون وظائف مرموقة، وملتزمون دينياً يواظبون على أداء الصلاة فى أوقاتها.

كررت قولى إننى أريد رجلاً يساعدنى على طاعة الله وأوضحت لها أننى شعرت بالسعادة عندما وجدت مديرة المكتب منتقبة، فأخبرتنى أن جميع الفتيات العاملات بالمكتب منتقبات أو يرتدين «عباءات وطرحة كبيرة» ولهم «يونيفورم معين» «عباية وطرحة نبيتى»، لكنها لم ترتد مثلهن لأنها تعمل فى الشركة منذ وقت قريب، وأنهن كن يرتدين مثلها ولكنهن التزمن وأصبحن يرتدين عباءات أو نقاباً.

خلال الحديث شاهدت رجلاً ملتحياً آخر، يرتدى جلباباً وقبعة بيضاء، فسألتها: هل هذا أيضاً عريس فأخبرتنى أنه مالك الشركة. أخبرتنى عزة أن الشركة لها مصداقيتها وأن رغبتى فى الزواج من شخص ملتزم دينياً وملتحٍ لا يجب التمسك بها فقط، لأن هناك غير ملتحين ملتزمون أيضاً، كما أنهم فى المكتب لا يقبلون أى عميل، فهناك من يتصل يطلب زواج مسيار أو متعة أو عرفى، ومنهم منتمون لبعض دول الخليج، ولكن إدارة الشركة ترفض التعامل معهم وأنها فى المدة القصيرة التى عملت بها فى الشركة أيقنت مصداقيتها.

قلت لها إننى أشعر بمصداقية الشركة لأن صاحبها ملتحِ وتعمل بها منتقبات وفتيات ملتزمات ويبدو أنهم أشخاص قريبون من الله وملتزمون دينياً، كما أننى أحب السلفيين جداً وأشعر أن كل همهم فى الحياة هو إرضاء الله فقط، فأخبرتنى أن «صاحب الشركة» أجرى معها مقابلة لمدة 4 ساعات قبل قبولها فى الوظيفة، وقالت إنه كان يعمل بالأساس ضابط طيار، لكنه قام بتسوية معاشه مبكراً، لأنه أراد التفرغ لأبنائه بدلاً من السفر والغياب عنهم فترات طويلة، وأسس الشركة ليستقر ويكون له دخله الخاص، وأنه يمتاز بعقلية جيدة والبنات فى الشركة يستشرنه فى أمورهن الشخصية والمشكلات التى يعانين منها، حيث يقترح عليهن الحلول بما يرضى الله، وسألتها عن عدد زوجاته فأخبرتنى أنه متزوج من اثنتين.

عدنا للحديث عن العريس الملتحى الذى رأيته فى الشركة وأخبرتها أننى أقبل أن أكون زوجة ثانية فطلبت منى أن اعتبرها مثل أختها، وأفتح قلبى لها، وقالت إنه إذا قبلت فكرة زوجة ثانية، فستعرض عليه الأمر وستحدد موعداً لنا لنتحدث معاً، فسألتها هل يمكن إجراء اللقاء حالياً، فسألتنى هل أريد ملء استمارة أم لا، فأخبرتها بعدم توافر المبلغ حالياً، فطلبت أن أدفع جزءاً منه فقلت لها إن لدى 600 جنيه ولكن فى المنزل ويمكن تدبير بقية المبلغ، وكررت طلبى بالجلوس مع العريس المحتمل، فردت: «مينفعش علشان إنت مش مشتركة هو بس مشترك».

أخبرتنى عزة، أنها لم تكن تتوقع زيارة العريس المحتمل لمقر الشركة، حيث جاء عن طريق داليا مديرة المكتب، وعندما رأته تذكرتنى لأننى طلبت منها «عريساً ملتحياً»، كررت طلبى برغبتى فى الجلوس معه لنتحدث معاً على الأقل، حتى أكون استفدت اليوم بأى شىء، ولأخبر والدتى حتى تعطينى باقى مبلغ الاشتراك، لأننى لم أقل لوالدتى أننى سأزور مكتب زواج، فأخبرتنى أنه من الصعب إجراء اللقاء اليوم لأن الشركة تعمل وفق قواعد ولا يصح جلوس عميلين معاً، إلا إذا كانا مسددين للاشتراك أو على الأقل جزءاً منه، وان الأمر لا يتعلق بالمال، ولكنه دليل جدية الطرفين معاً أو أحدهما، فعاودت الإلحاح فدخلت عزة إلى مديرة المكتب لتتحدث معها عن طلبى، ثم وجدت صاحب الشركة يقف مع رجل أمام باب الشقة حيث أعطاه الأول إيصالاً وجلس على الكرسى الذى كانت عزة تجلس عليه ووضع الإيصال بأجندة وقال لى مبتسماً: «منورة ياعروسة ربنا يرزقك باللى تتمنيه»، فقلت له شكراً وسألته هل الشركة زوجت أحدًا من قبل.. فرد بأنها الأقدم بالمجال وتعمل منذ عام 2004.

جاءت داليا المنتقبة، بنفسها وقالت لى إن العميل اختار «عروسة» وهو يجرى مقابلة معها، ولايجوز أن ألتقيه إلا إذا دفعت قيمة الاشتراك أو جزءاً منه، وكنت متأكدة أن العريس المنتظر لم يجر أى لقاءات مع أى فتاة، وإلا لأخبرتنى عزة بالأمر منذ البداية، ومن الواضح أن داليا تحاول التخلص منى لأننى لم أدفع الاشتراك أو جزءاً منه، ولكن داليا أخبرتنى أن هناك ملتحين آخرين مشتركين وستعرض علىّ صورهم، وأن هذا الأمر لا يتم إلا بعد سداد المبلغ أيضاً، وأن تساهلها معى سابقة أولى من نوعها.

وبالفعل ذهبت داليا وعادت ومعها ملف يضم استمارات كثيرة، إحداها تحمل صورة رجل ملتح، مكتوب فيها أنه يملك شركة استيراد وتصدير، ولكن الاستمارة لم تكن تحمل اسم الشركة، أو رقماً لسجلها التجارى، أو رقم جمعية، وقالت داليا: «أنا لقيتك مهتمة علشان كده وريتك صورته»، وسألتنى: «ما ينفعش تجيبى فلوس وتملى الاستمارة دلوقتى»، فرددت بالنفى، وبعدها سألت عزة عن بقية الفروع الـ6 للشركة، فقالت إن الـ6 مكاتب فى نفس المقر ولا يوجد فرع فى مكان آخر.

طلبت من عزة، كارتاً للشركة فأعطتنى كارتاً به «شركة الماسة للتسويق العقارى والتوافق الاجتماعى»، لفت انتباهى جملة «للتسويق العقارى» فسألتها هل توفرون شققاً فنظرت بدهشة إلى الكارت وقالت يبدو أنه لا يخص شركتنا وسألت داليا فقالت لها إن صاحب الشركة يعمل فى هذا مجال العقارات وأعطتنى عزة كارتاً آخر خاصاً «بالزواج فقط»، فسألتها عن التصاريح الخاصة بالشركة فأخبرتنى إنها تعمل بتصريح من وزارة الشئون الاجتماعية فسألتها هل هى جمعية فردت بالنفى.