تحويل قطارات الخردة بـ"محطة مصر" إلى بيوت دعارة لأطفال الشوارع

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


عصابات من البلطجية تجند فتيات من 12 سنة.. والساعة بـ50 جنيهًا.. وطفلة تفقد عذريتها مقابل "ساندويتش"


تبدأ مأساة أى طفل اضطر إلى اللجوء إلى عالم الشوارع القاسى، بمأساة، وتنتهى رحلته بكارثة تستمر بين الليل والنهار، أقسى ما فيها ليس الجوع والبرد، والإحساس بالفراغ والغربة، وتوحش العالم، ولكن التعرض ليس للاعتداء البدنى للحصول على الحق فى الحياة ولكن لاعتداء جنسى يحوله لعضو فى عالم الليل المدفوع الثمن، أو بتعبير صريح يكون ضحية لتجارة الدعارة التى تتخذ من القطارات الخردة فى محطة مصر مقراً لها.

تقدر أعداد أطفال الشوارع بمئات الآلاف، ينتشرون على الأرصفة ويفترشون الشوارع الضيقة ومداخل العمارات المظلمة ليلاً، يكونون مجتمعاً سرياً يحكمه قانون خاص، التسول هو مهنة الأغلبية العظمى منهم وبسبب طبيعة حياتهم ينتشر بينهم إدمان المخدرات وممارسة السرقة والدعارة.

فى محافظة القليوبية اكتشفت الشرطة بالمصادفة واقعة جديدة من نوعها، بعد القبض على متسول وزوجته شكلا شبكة دعارة من أطفال الشوارع بمنطقة المرج، حيث بدأت رحلة المتهمين لتكوين شبكتهما بطفلة لم تتجاوز 12 عاماً، كان أحد جيرانهم طلب منهما رعايتها، حيث أجبراها على التسول بعدها استغلا أصدقاء الطفلة من المتسولات اللاتى لا تزيد أعمارهن عن 14 عاماً لتكوين شبكة دعارة من الطفلات.

حسب اعترافات «هناء» الطفلة المجنى عليها و12 أخريات فى شبكة المرج تتم لقاءات الجنس الحرام بين زميلاتها والزبائن تحت الكبارى وفى المنازل المهجورة بمنطقة المرج، تحت إشراف المتهمين رباب وطه مديرى الشبكة ومن لاترضى منهن الذهاب كانت تتعرض للضرب والكى، أما سبب فقدان العذرية فوصل فى بعض حالات الفتيات لوجبة طعام، أو بضعة جنيهات، وبعدها اعتادت البنات ممارسة الحرام مقابل المال لصالح رباب التى نقلت بعض اللقاءات إلى إحدى الشقق.

هناء قالت إنه بعد استدراجها زميلاتها من بنات الشوارع المتسولات بمنطقة المرج، استقبلتهن رباب وقدمت لهن طعاماً وشراباً وملابس، فضلاً عن «قمصان نوم» مثيرة، بعدها أخبرتهن أن هناك رجالاً سيأتون للاختيار من بينهن مقابل هدايا ومبلغ مالى «محترم»، وكانت مهمة الزوج طه استدراج راغبى المتعة إلى غرفة الفتيات ليختاروا الضحية وتترك بقية الفتيات المكان للزبون ليتمتع بهدوء.

تم الايقاع بالشبكة بعد بلاغ من زميل لطه ورباب عايشهما عندما كانت حالتهما المادية صعبة، وسرعان ما لاحظ علامات النعمة بادية عليهما، فأبلغ الشرطة، وأقرت رباب فى التحقيقات بالتهم المنسوبة إليها بتكوين شبكة دعارة تضم فتيات قاصرات، دفعت فى الواحدة من 600 إلى ألف جنيه عمولة، حيث قررت النيابة حجز البنات وإيداعهن فى إحدى دور الرعاية.

جنس أطفال الشوارع يتم فى أى مكان وبشكل برىء لا تكشفه سوى مشاجرة أو عين فاحصة سواء لأحد المارة أو لشرطى يعتبر المجتمع كتاباً مفتوحاً من كثرة ما شاهده.

فى القاهرة وقبل أن تنضح أنوثة بنات الشوارع، وقبل حلول عامهن الـ16 يدخلن عالم الجنس، وفى وضح النهار خصوصاً فى الأعياد. أمام كوبرى قصر النيل، حيث سعى 3 صبيان تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً، وراء فتاتين تبيعان الورد، واتفقا معهما على ممارسة الجنس فى صفقة من بند واحد الساعة بـ20 جنيهاً. وقرب مسرح البالون، كانت الملامح والملابس والماكياج الرخيص، تدل على أنهما من ضحايا الليل وشوارع المدينة، لكن كلامهما كان دليلاً على أنهما حديثتا العهد بالدعارة، حيث استوقفت إحداهما محرر الفجر بقولها بـ«معاك ولاعة يا كابتن»، وعندما رد: «لأ» قالت ضاحكة: «طب تاخد أنت ولاعة»، ثم قالت: «لو معاك خمسين جنيه هدلعك.. بس المكان عليك»، فتركها معطياً لها بعض النصائح الأخلاقية، فردت بعنف: «أنت هتعمل شيخ، انتو ماشوفتوش اللى إحنا شوفناه».

ومن العجوزة إلى العتبة قال أحد أصحاب المحال بالمنطقة، إن متسولة فى العتبة عرفت طريق فتيات الليل: «مرة واحدة شوفناها حاطة ماكياج ولابسة عباية ضيقة وماشية ناحية الموقف، وظلت على هذا الوضع شهوراً تستدرج سائقى الميكروباصات ليلاً إلى أن اختفت من المنطقة بعد أن ضربها أحد أصحاب المحال لتتوقف عن الدعارة».

إكرام خليل، ناشطة فى مجال حماية الأطفال من العنف الجنسى، قالت لـ«الفجر»، إن قضية الإيذاء الجنسى أصبحت تشبه ورماً سرطانياً ينتشر فى المجتمع المصرى بجميع فئاته وأطيافه ولا يقتصر على أطفال الشوارع فقط، مشيرة إلى أن الاعتداءات الجنسية لا تقتصر على الإناث لكنها تمتد للذكور أيضاً أما أطفال الشوارع فجميعهم تعرضوا لاغتصاب ليستطيعوا الحياة فى الشوارع، بجانب الحصول على «علامة الجودة» من كبير المنطقة وهى عبارة عن جرح فى منطقة حساسة، خصوصاً أن 85% من هؤلاء الأطفال هربوا من منازل أسرهم بعد تعرضهم لإيذاءات جنسية، مطالبة الدولة بشن حملات توعية للأطفال فى المدارس، وإصدار قانون يردع المغتصبين ويحمى الأطفال بشكل حقيقى.

تتكون جريمة الدعارة من 3 أركان فبجانب البنت والزبون يعتبر المكان أمراً لازماً لإتمام الصفقة، حيث تعتبر القطارات القديمة التى تم تكهينها بمحطة مصر مقراً دائماً للدعارة، بالإضافة إلى منطقة كوبرى الليمون التى تمتلئ بحالات ممارسة الجنس المدفوع الثمن فى وقت متأخر من الليل، حيث قال «أحمد.ع»، إنه يسمع أصوات اللذة عند مروره فى أوقات متأخرة بالمنطقة.

وفى العباسية يقول أحد سكانها ويدعى، عباس، إن دعارة أطفال الشوارع تتركز ليلاً بحدائق الميدان: «بشوفهم بيشموا كولا ومتجمعين جنب بعضهم بعدها بيبدأوا يمارسوا الجنس وبنعرف ده لما نشوف البطانية بتتحرك، وغلبنا معاهم من زمان وكنا بننزل نحدف عليهم مية ونطردهم»، وفى حلوان يتجمع أطفال المتعة تحت كبارى منطقة المعصرة.

وفى الإسكندرية تعتبر حديقة سعد زغلول بمحطة الرمل، أهم بؤر الدعارة الرخيصة، بجانب محطة القطارات وتحت الكبارى، وهو ما يتكرر فى معظم المحافظات تقريباً.

فى تقرير لمنظمة اليونيسيف تم تصنيف أطفال الشوارع فى مصر، إلى 3 فئات هى «قاطنو الشوارع» و»العاملون فى الشوارع» مثل المتسولين، والأسر التى تعيش فى الشارع مع ذويهم، مقدراً أعداد هؤلاء بـ2 مليون طفل.