طارق الشناوي يكتب: "الدنيا ريشة ف هوا"

الفجر الفني

بوابة الفجر


أمس مرت الذكرى الثالثة والعشرون لرحيل عمى الشاعر والصحفى الكبير مأمون الشناوى، أتيح لى أن أقترب منه كثيرا فى سنواته الأخيرة، حيث كانت تفصلنى عنه نحو 10 دقائق سيرا على الأقدام من مقر عملى بمجلة روزاليوسف، مأمون الشناوى هو معلمى الأول فى الصحافة، التى درستها أكاديميا فى كلية الإعلام وعرفت العديد من كبار الصحفيين، إلا أن الأستاذ والمُعلم هو مأمون الشناوى صاحب العبارة اللاذعة المتوهجة التى تصيب الهدف بكلمات قليلة تنفذ للعقل والمشاعر.. نعم، الناس تعرف وجها واحدا هو الشاعر الغنائى، وهو ما يشعرنى فعلا بالتقصير لأنى حتى الآن وبسبب سرعة إيقاع الحياة الثقافية والفنية، لم أنجز المشروع الذى يراودنى منذ سنوات بتجميع وتحليل كتاباته الصحفية والشعرية، ولهذا سأترك له مساحتى لنستعيد معا بعضا من أشعاره، ونبدأ بومضتين لم تُغنّيا، ولكن رددهما المصريون فى الأربعينيات.


نشيد الشعب

ياتمركسونا.. ياترسملونا/ ياتبلشفونا.. ياتموتونا!!/ إن كلنا طقة.. / تكون بدُقة.. ونص شقة / وإن قلنا لأه.. / بتحبسونا!/ إحنا اللى نشقى / ونبص نلقى.. خراب وسرقة / من عند برقة.. لحد سينا!!/ ينعل أبوكم.. على أبونا.. / ع اللى جابوكم.. / ع اللى جابونا!!

■ ■ ■

الحارس

صرخ الحارس «قف من أنت؟» فى صوت يدوى

والسلاح الفاسد المنهوك قد صُوِّب نحوى

وانتصاف الليل تنعاه النواقيس فتعوى

وأنا فى قبضة الظلماء قد قيدت خطوى

قلت للحارس: قل من أنت يا أحمق قل لى

أنت يا مسكين مغلوب على أمرك مثلى

جن قوادى وحكامى وأعدائى بقتلى

وغداً ينفجر المرجل فالمرجل يغلى

أنت يا حارس إن تخذله كنت المنتصر

للذى تحرسه الراحة والحلم العطر

ولك الفاقة والإملاق والعيش القذر

لحساب الظلم والإذلال من غير مقابل..

أنت مجلود وجلاد ومقتول.. وقاتل.

■ ■ ■

لمأمون الشناوى ومضات خاصة فى التعبير، أتذكر مثلا رائعة سعد عبدالوهاب التى لحنها محمد عبدالوهاب (الدنيا ريشة ف هوا/ طايرة بغير جناحين/ إحنا النهارده سوى/ وبكرة ح نكون فين).

عندما شاهدت فيلم (فورست جامب) بطولة توم هانكس والحاصل على الأوسكار، تذكرت تلك الكلمات حيث بدأ الفيلم بريشة فى الهواء تحوم حول البطل وانتهى أيضا بريشة تؤكد عبثية الحياة.

أما فى «انسى الدنيا» وبصوت عبدالوهاب «ياللى دموعك لحبايبك/ قولى ابتسامتك تبقى لمين/ يا عاشق الليل لسواده/ فايت لمين عشق نجومه»، ومع أم كلثوم فى «كل ليلة وكل يوم» بتلحين بليغ حمدى «كل نار تصبح رماد/ إلا نار الشوق/ فى يوم عن يوم تزيد» أما فى «أنساك» فأستعيد هذه «سنين ومرت/ زى الثوانى/ فى حبك أنت/ وإن كنت أقدر/ أحب تاني/ أحبك إنت). وفى «بعيد عنك» تلحين بليغ حمدى «خد من عمرى /عمرى كله/ إلا ثوانى أشوفك فيها»، ومع نجاة فى «ليه خلتنى أحبك»، وبموسيقى كمال الطويل «بكيتنى فى ليلة عيدى/ يا خسارة بكايا فيك/ وطفيت شمعتى بتنهيدى/ ودعيت ربنا يهديك»، أو «فى يوم من الأيام» بصوت عبد الحليم «وحياة حبك يا ناسيني/ يا ريت يا حبيبى أنساك/ أنا كل طريق لعيونى/ علمته بذكرى معاك».

«ياللى بتسأل عن الحياة/خدها كده زى ما هى/ فيها ابتسامة وفيها آه/ فيها آسية وحنية».. وعشنا طوال السنوات الأخيرة الكثير من الأسية وننتظر شيئاً من الحنية!!.