إيمان كمال تكتب: صوما مقبولا ودراما «محتشمة»

مقالات الرأي



استفتاء قام به أحد المشايخ بين الجمهور العادى فى الشارع ليعرف إن كان يشاهد الأعمال الدرامية فى شهر رمضان الكريم أم لا استمعت إليه بالصدفة عبر أثير المحطات الإذاعية، جاءت أغلب الردود بالتأكيد على المشاهد بين نصائح الشيخ بألا يضيعوا ثواب الشهر فى الفرجة على أعمال يتفنن صناعها فى عرضها خصيصا فى شهر العبادة ليلهوا الناس وبين النصح أيضا إما بمقاطعة المشاهدة أو التقليل بقدر الإمكان كى لا تزيد الذنوب! باعتبار أن مشاهدة المسلسلات والبرامج حرام فى رمضان..

ردود أفعال على السوشيال ميديا مرة على ملابس غادة عبدالرازق وغادة عادل ومرات على رقص هيفاء وملابسها فى مسلسل «الحرباية» وطالت الانتقادات أيضا الخمور والعلاقات الموجودة بين أبطال مسلسل «لا تطفئ الشمس» وجاءت أغلب الأسئلة من نوعية كيف يمكن أن نعرض كل هذا الكم من الخمور فى عمل معروض فى شهر رمضان؟. وصل الأمر إلى المطالبة لصناع أعمال رمضان باحترام الشهر الكريم وارتداء ما يليق به وعدم تقديم مشاهد تفسد الصيام؟.

وعبر السوشيال ميديا كتبت المطربة «فيروز كراوية» تدوينة تحكى عن جدتها التى كانت تعشق أفلام فريد الأطرش حيث كان يغنى وسط الراقصات وهن يرتدين بدل الرقص بينما يظهر فى أفلامه وهو يشرب الخمور فى حين تعيش جدتها حياة مختلفة تماما لكنها لم تكن تحكم عليه أخلاقيا حتى وإن كان هناك تشابه بين الشخصية التى يقدمها على الشاشة أو فى حياته.

عفريتة إسماعيل ياسين «كيتى» كانت ترتدى بدلة رقص ،عفريتة هانم «سامية جمال» كانت ترتدى بدلة رقص لكن أ غادة عادل حينما ارتدت ملابس قصيرة وهى تقدم شخصية العفريتة فى «عفاريت عدلى علام» كان لابد وأن - ترتدى - تحافظ على الزى الشرعى الذى تحدده محكمة المشاهدين.

من يقرأ عالم إحسان عبدالقدوس سيدرك بأن الخمور والعلاقات كانت أمورا بديهية فى شخوصه فلم تكن مقحمة على الحياة فهى جزء أصيل من المجتمع المصرى فى الفترة الزمنية التى عاشها ،وحتى الآن فلا تزال الخمور والعلاقات لكن طبعا «فى السر» فمادام أصبحت سرا لماذا نجهر بها على الشاشة فى رمضان؟ وهو ما انتقده البعض فى (لا تطفئ الشمس)!

لنعقد اتفاقا صعبا للغاية من شخص مل المقارنة بين مصر قبل ثلاثين عاما أو أكثر ومصر فى ثوبها الجديد بالقيم المزدوجة التى «نجا من سلم منها».. اتفاق يصعب على أمثالى تقبله فى ظل الغربة التى يعيشها فى مجتمع مغاير تماما عما عاشه فى طفولته.. إلا أن المقارنة مرهقة للغاية لذلك لا داعى لأن نقارن ..

لا داعى لأن نقارن بين مجتمع كان يتقبل الاختلاف ويحترم الحرية الشخصية.. يحترم حرية اللبس وثقافته وطريقة التفكير وإدارة الحياة والعلاقات.. كان يحترم الفن ويعتبر ما يقدم له على الشاشة حالة فنية إما تعجبه ويتقبلها ويستمتع بها أو العكس لا يشعر بألفة بينه وبينها «ويادار ما دخلك شر».

إذا كانت الشاشة تحمل ما يفسد الصيام.. وإذا كان فستان غادة أو هيفاء أو غيرهما يؤثر سلبيا على الصائمين فببساطة هناك «ريموت كنترول» يمكنه تغيير الشاشة على عشرات بل مئات المحطات؟ لكن قبل أن تغير الشاشة سؤال بسيط كيف ستشاهد هذه المشاهد بعد رمضان؟.

فى محكمة المتفرجين جرت العادة انتقاد العمل الفنى وليس انتقاد لحال مجتمع غرق فى ازدواجيته ..جرت العادة المطالبة بتقديم أفلام أفضل فنيا.. كتابة.. تمثيلا.. إلخ وليس تقديم أعمال تقاس بالمازوة بالحياة الخاصة للمشاهد.