"رحلة عذاب فوق شفاه تبتسم".. قصة رمضان "المعاق" التي أبكت السكندريين في عيد الأم (فيديو وصور)

محافظات

الشاب السكندري رمضان
الشاب السكندري رمضان


"عيناي لم تر أبي، وفقدت أمي فى عمر 3 سنوات".. هكذا عبر رمضان محمد محمود عن حاله، أثناء جلوسه على أرصفة منطقة الإبراهيمية بكورنيش البحر، وبين يديه لافتة دون عليها بخط يديه، "وحشتيني يا أمي، موتي عشان أعيش، بعدك يا أمي أم مالقيش".
نظرة البراءة والحسرة على فقدان والديه والتي ملأت وجه الشاب السكندري "ذوي الإعاقة الذهنية"، جعلت عشرات المواطنين السكندريين يتوقفون أمامه في نظرة استعطاف منهم لحاله الذي وصل إلى حد البكاء، بالتزامن مع ذكرى عيد الأم، شاكيًا لوالديه ما وصل إليه في مشوار طويل من المعاناة والألم والاستغلال من البعض.

يحكي "رمضان" قصته لـ"الفجر" قائلًا: "لم أر السعادة منذ أن فقدت أبي وأمي، وقيام عمي بوضعي في الملجأ للتخلص مني وأخذ نصيبي من الميراث، لأرى أسوأ معاملة داخل الملجأ واستغلالهم لي كوني معاق ذهنيًا، ليبدأوا في استغلال موهبة التأليف والشعر لدي للحصول على مبالغ من ورايا، وعندما اعترضت على ذلك كان مصيري الضرب وتحويلي إلى الأحداث، ليشاء ربي أن يجعلني سبب في إصلاح الأطفال هناك بعدما أقنعتهم بالصلاة، إلا أن هذا الوضع لم يعجب مشرفي الأحداث حيث كانوا ينتفعون من بيع السجاير للأطفال، وقاموا بالاعتداء عليا أكثر من مرة حتى خروجي".

الشاب العشريني أضاف: "بعد خروجي من الأحداث لم أجد مكان أسكن فيه، وقمت بتحويل مكان في إحدى محطات القطارات إلى مسكن صغير، وبعد أن مليت من الجلوس في الشارع عدة اشهر ذهبت مجددًا إلى الملجأ، ولكنهم رفضوا وجودي حتى تبناني شخص سعودي، وأعطاني شقة للجلوس فيها بمنطقة الفلكي، إلا أنه توفى بعد فترة".


استمرت معاناة "رمضان"، وفقا لقوله، "أثناء ثورة 25 يناير تعدى عليا بعض البلطجية طالبين مني دفع إتاوة مقابل جلوسي في الشقة، إلى أن استغثت بأحد المهندسين الذي كان يملك محل أجهزة كمبيوتر أسفل شقتي، ولكنه استغلنى هو الآخر بعد فترة وأخذ مني الشقة وأعطاني بدلها حجرة تحت السلم"، مضيفًا: "لما كنت أقابل المهندس كنت أشكيله وضعي وأطالبه بعودتي إلى الشقة مرة أخرى ولكنه كان يرفض، وفي إحدى المرات لمح لي بنيته ببيع أعضاء جسدي عندما قال لي (إنت بتشتكي من الفقر وجسمك مليان ملايين)".


بابتسامة لا إرادية، يروي ابن عروس البحر المتوسط: "حتى هذا اللحظة، لم أكن أعلم بنيته حتى أكد لي أنه يريد مني بيع كليتي مقابل مبلغ مالي، وبعد أن صرخت في وجهه واستغثت بالمواطنين، أصر أمامهم إنني مجنون، اضطررت لبيع المناديل على طريق الكورنيش، واستغليت دورة محو الأمية التى حصلت عليها في كتابة أفكاري وأشعاري، والتي ظهرت عندما قررت أن أضعها في كتاب باسم (رمضان صانع البهجة)".

رغم القهر الذي واجهه، إلا أنه واجه خيرًا بعد قرار كتابه، بقوله: "بعض الأشخاص ساعدوني في طباعة كتابي بسعر 10 جنيهات لأعرضه بعدها بسعر 15 جنيهًا، وبعت أكثر من 10 آلاف نسخة حتى هذا اللحظة"، لا يريد "صانع البهجة"، أن يتوقف طموحه عند هذه المرحلة، يوجه رسالته إلى منظمة اليونسكو، مطالبًا إياها بالاهتمام بموهبته دون النظر إلى إعاقته، قائلًا: "إنتم بتقولوا إنكم راعي الثقافة فينكم مني، أنا جاليس الشارع وأملك مواهب محتاج دعمكم، لمواصلة طريقي وأعمال الأدبية، أنا لا أريد منكم إلا يد العون وإنقاذي من الاستغلاليين".