بعضهم عاد إلى الإرهاب.. السعودية تستقبل 134 معتقلاً من "جوانتانامو"

السعودية

معتقلي جوانتانامو
معتقلي جوانتانامو


استقبلت السعودية خلال الأعوام الماضية حوالى 120 سجيناً سعودياً أفرج عنهم من معتقل "جوانتانامو"، فيما تبقى عدد قليل لا يزالون محتجزين في هذا السجن. واستقبلت أيضاً 13 يمنياً،، لا تساعد ظروف بلدهم على عودتهم إليه، إضافة إلى بريطاني مولود في السعودية.

وتمكن غالبية المفرج عنهم من السعوديين من الاندماج في المجتمع وعيش حياة طبيعية، فيما عاد بعضهم إلى دروب الإرهاب. وكان مصيرهم القتل أو إعادة الاعتقال، أو الهرب إلى الخارج.

عانى أكثر من 800 سجين، بينهم حوالى 130 سعودياً من التعذيب لسنوات طويلة في "جوانتانامو"، بعد اعتقالهم على خلفية اعتداءات 11 سبتمبر، بعضهم لم تتم محاكمته أو معرفة أسباب سجنه، والبعض الآخر انتحر.

وأطلقت الإدارة الأميركية سراح غالبية السجناء خلال فترة حكم الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما، خصوصاً بعد تعهد الأخير بإغلاق المعتقل "سيء الصيت"، نتيجة ممارسات التعذيب التي قام بها المحققون تجاه المعتقلين، ونشرت صورها، فيما توفي تسعة معتقلين، بينهم سعوديون، إدّعت السلطات إقدامهم على الانتحار.

وشكّل السجناء من الجنسيات الأفغانية، واليمنية، والسعودية، حوالى 60 في المئة من نزلاء المعتقل، على رغم تعدد جنسيات المعتقلين الأخرى والتي تصل إلى 50 جنسية.

وتُخضع السعودية العائدين إلى برنامج إعادة تأهيل، يتضمن مراجعات دينية، وتقدم لهم مساعدات مالية تعينهم على بدء حياة جديدة. وينظم مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة منذ العام 2004، هذه البرامج التي تهدف إلى معالجة الأفكار المتطرفة والانحرافات الفكرية، وبناء مفاهيم شرعية، إضافة إلى تأهيل المفرج عنهم تدريجياً للإندماج في المجتمع وتحقيق التوازن الفكري والنفسي والاجتماعي وتوفير سبل الرعاية اللازمة لهم ولأسرهم.

وعلى رغم جهود "مركز المناصحة"، إلا أن تلك البرامج لم تفلح في إقناع بعضهم بالعدول عن التطرف، ليعودوا إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية. وكشف مصدر أمني سعودي في العام 2010 أن "20 في المئة من السعوديين العائدين من غوانتانامو عادوا إلى التطرف، بينهم 11 تسللوا إلى اليمن، فيما قتل آخرون في مواجهات مع أجهزة الأمن أو أعيد اعتقالهم".

من بينهم القيادي في تنظيم "القاعدة" تركي عسيري، الذي اعتقل في أفغانستان العام 2001، ليودع في "جوانتانامو"، ثم سلّم العام 2006 إلى المملكة ليهرب منها إلى اليمن، وينظم إلى "القاعدة"، ثم أعلن ولاءه بعدها لتنظيم "داعش"، إلى أن لقى مصرعه في محافظة لحج اليمنية العام 2014.

ولم تفلح محاولات والدة القيادي في "القاعدة" إبراهيم الربيش الذي تسلمته المملكة العام 2007، في تغيير حياته بتزويجه، إذ هرب بعد عامين من التحاقه في برنامج المناصحة إلى اليمن، ليلقى مصرعه في ابريل 2015.

وقد تظل تجربة جوانتانامو "ذكرى أليمة وعصية على النسيان" لكثير من المفرج عنهم، تترك تداعياتها النفسية والجسدية لسنوات طويلة، بينهم البريطاني الجنسية شاكر عامر، الذي ولد وعاش في السعودية طفولته، قبل تطرفه والتحاقه في "القاعدة"، وأطلق سراحه العام 2015، ولا يزال مصاباً باضطرابات ما بعد الصدمة، نتيجة الفترة الطويلة التي أمضاها في المعتقل من دون تهمة.

وترفض أميركا الإفراج عن عدد من السعوديين، بينهم عبد الرحيم الناشري وزين العابدين حسين الشهير بـ"أبو زبيدة"، المعتقلان منذ العام 2002 على خلفية اتهامات بتدبير تفجير انتحاري استهدف المدمرة الأميركية "كول" في عدن العام 2000.

وخلال السنوات الماضية، نظمت هيئة الهلال الأحمر السعودي برنامج الاتصالات المرئية والهاتفية بين المعتقلين وأسرهم في عدد من المدن السعودية، ويتاح للسجين محادثة ذويه لفترة تصل إلى ساعتين، واستفادت من البرنامج عائلات كثيرة.

واستقبلت المملكة في ابريل الماضي تسعة يمنيين بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور، باستضافة المواطنين اليمنيين بعدما قدم ذووهم المقيمين في المملكة التماساً باستضافتهم في ظل الأوضاع المتدهورة في بلادهم.

ويشكل غالبية المسجونين في "جوانتانامو" من الجنسية اليمينة، ويصعب إرجاعهم إلى بلادهم في ظل الأوضاع المتدهورة هناك، ما يؤخر تنفيذ الإدارة الأميركية وعودها المتكررة بإغلاق المعتقل.

إضافة إلى ذلك، استقبلت المملكة الخميس الماضي أربعة موقوفين يمنيين آخرين يقيم ذووهم في المملكة، وسيتم إخضاعهم إلى برامج "مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية".

من جانبه، أكد ممثل المعتقلين اليمنيين في غوانتانامو بندر القطاع أن "لسعودية هي الدولة الوحيدة التي نجحت في تهيئة العائدين من معتقل غوانتانامو نحو حياة جديدة ودمجهم في المجتمع وذويهم"

ويجد العائدون صعوبة في التغذية خلال الأشهر الثلاثة الأولى لهم بحسب القطاع، لأنه كان يقدم لهم "أكل غير مطبوخ جيداً، وهنا تغيرت نوعية المأكل والمشرب كثيراً، وتصرف لهم ملابس عند وصولهم، ومبلغ 900 ريال لكل موقوف لشراء حاجاته".