حقيقة إندلاع ثورة في الجزائر.. خبراء يكشفون عن الأسباب الحقيقية

عربي ودولي

ثورة الجزائر - ارشيفية
ثورة الجزائر - ارشيفية


تزامنا مع العام الجديد، تتصدر دولة الجزائر الواجهة، حيث تشهد اضرابات واحتجاجات، في عدد من مناطقها، بعد اندلاعها أولا في ولاية بجاية، والتي امتدد بعد ذلك لتشمل ولايات أخرى أشهرها، البويرة وبومرداس، وهو الأمر الذي صاحبه موجات عنيفة وخطيرة، من المواجهات بين المتظاهرين، وقوات الأمن، لاسيما مع تصاعد وتيرة الأحداث التي شملت عمليات تخريب ونهب أملاك عامة وخاصة.




أصل الاحتجاجات
لم تكن الإضرابات والاحتجاجات شاملة للكثير من الولايات الجزائرية، كما الحاصل الآن،  ولكن كانت في بعض الولايات الجزائرية، حيث بدأت بإضراب للتجار الجزائريين، وبالفعل امتد الإضراب إلى أيام حيث التزم أكثرية التجار به، و كانت الأغلبية الساحقة للمتاجر ببلديات الولاية البالغة عددها 52، كانت مغلقة، فيما قامت ولاية البويرة بإغلاق المحال التجارية بوسط المدينة وبعدة بلديات مثل مشد الله وحيزر والقادرية، وكذلك شهدت ولاية بومرداس توقفا للنشاط التجاري بعد استجابة التجار لدعوات الإضراب.




لماذا الاحتجاجات؟
هذا وأكدت الأنباء، إن الاحتجاجات الجزائرية وإضراب التجار، وغلق المتاجر، يأتي على إثر إقرار قانون المالية 2017 الذي يهدد بتأزيم القدرة الشرائية للمستهلك الجزائري، حيث يثير قانون المالية الجديد، الكثير من الجدل، حيث يتضمن زيادات ضريبية فرضتها الحكومة من أجل سداد العجز الناجم عن انخفاض أسعار النفط، ويتضمن القانون زيادة الضريبة على القيمة المضافة وعلى المواد الإلكترونية والسجائر ومشتقات الوقود.




انخفاض أسعار النفط
وكان رئيس الحكومة الجزائرية "عبد المالك سلال" أعلن قبل ذلك عن زيادات في الأسعار شملت أسعار بعض المواد الاستهلاكية، لافتا إلى أن هذه الزيادات جاءت بسبب تهاوي أسعار النفط، فيما تأتي بعض الإحصائيات تشير إلى أن خلال السنوات العشر الماضية، حصدت الحكومة الجزائرية نحو 800 مليار دولار من عائدات النفط، وبرغم ذلك لم  تنعكس على الواقع المعيشي في البلاد.





القفز على الإضراب السلمي
وبرغم سلمية الإضراب الذي نفذه التجار، إلا أنه وكالعادة اشتغلت الكثير من المجموعات تلك الإضرابات، وقامت بأعمال شغب امتدت للكثير من الولايات،منها مدينة البويرة شرق البلاد، وكذلك مدينة تيزي وزو، وهي المنطقة المعروفة بحساسيتها نظرا للطوائف المتواجدة، وغيرها من الولايات الأخرى، وهو ما أدى إلى موجات من العنف والاشتباكات، لا سيما من قبل الشباب الغاضب، الذي أضرم النيران في عدد من المحلات التجارية، رافعين شعارات منددة بالغلاء وزيادة الضرائب وانتشار الفساد، وهو الأمر الذي جعل الشرطة تستخدم  القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين، مما أدى على سقوط عدد من الجرحى بين رجال الأمن والمتظاهرين.




وزير الداخلية يتوعد
هذا وأكد وزير الداخلية نور الدين بدوي،  أن الحكومة خصصت أكثر من 10 مليارات دولار في ميزانية 2017 لتثبيت الدعم المالي الموجه للمواطن، فيما توعد بملاحقة كل من يحاول المساس بالأملاك العامة أو الخاصة؛ مؤكدا أن "الدولة الجزائرية بمؤسساتها وقوانينها وعدالتها ستقف بالمرصاد لهؤلاء".




أحزاب تبارك الاحتجاجات دون عنف
وبرغم أعمال الشغب والعنف، إلا أن هناك العديد من الأحزاب السياسية، قد باركت هذه الإضرابات، بل وتدعو إلى التواصل والاستمرار فيها، دون اللجوء إلى العنف، حيث أشادت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بالإضراب، الذي نظمه تجار منطقة القبائل، ووصفته بالناجح، إلا أنها تدعو لعدم الانجرار للعنف، فيما دعا حزب "حركة مجتمع السلم" "حمس" المعارض، إلى الابتعاد عن التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة، حتى لا تفقد مطالبهم مشروعيتها، وطالب الحزب الإسلامي الحكومة بفتح حوار مجتمعي،  لموجهة الأزمة الاقتصادية، التي تعيشها الجزائر، لامتصاص الغضب.




دول تعبث بأمن الجزائر
كان هذا ما أكد عليه أيضا وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائري نور الدين بدوي، من أن جهات خارجية تريد النيل من استقرار الجزائر، مشيرا إلى أن الأمن والاستقرار هو حجر الزاوية وصمام الأمان لتحقيق كل البرامج التنموية الموّجهة لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين الجزائريين.

وحذر بدوي، من وجود أطراف كثيرة داخل وخارج الجزائر تريد ضرب استقرار البلاد وتعمل على تأجيج النعرات سعيا منها لزرع التشكيك في نفوس الجزائريين واختبار مدى تمسكّهم بوطنهم، مؤكدا أن هذه الأطراف واهمة حسب تعبيره.




الجزائر عاشت الثورة قبل ذلك
هذا وأكد "محمد حامد" الباحث في شئون العلاقات الدولية والشأن السياسي، أن الأمور بعيدة عن اندلاع ثورة على غرار ثورات الربيع العربي، مذكرا أن الشعب الجزائري ذاق الربيع العربي في التسعينيات، وهو ما جعله يتخوف كثيرا من فكرة الركون مرة أخرى لجماعات الإسلام السياسي

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الجزائر وقت اندلاع ثورات الربيع العربي، استطاعت أن تمتص الغضب القائم، بزيادة الرواتب وإجراء بعض التعديلات التي هدأت من الأمور كثيرا، بجانب الإصلاحات السياسية التي أفشلت أي تحرك.

وشدد الباحث في شئون العلاقات الدولية والشأن السياسي، أن النظام الجزائري مستقر إلى حد كبير، وهو ما يؤكد عدم حدوث أية ثورات في الجزائر، وأن الحكومة ستنجح في امتصاص غضب الناس والمواطنين.
بعيدة عن اندلاع ثورة .

كما أكد الدكتور "مختار غباشي" نائب رئيس المركز العربي للدراسات الإستراتيجية، أن الاحتجاجات والإضرابات التي تتواجد في الجزائر لن ترقى لإحداث أية ثورات مرة أخرى.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه لابد من وضع الاحتجاجات أيضا موضع الاعتبار، مشيرا إلى أن هناك وضعا سياسيا معقدا إلى حد كبير في الجزائر، حيث يتواجد إشكاليات خاصة بالوضع الاقتصادي.

وعن التحجج بإن هناك جماعات إرهابية تريد من تلك التظاهرات تخريب الجزائر، كما يردد المسئولين، أوضح غباشي، أن هذه حجج واهية، وأن الكثير من حكومات الوطن العربي، أصبحت تتخذ حجة الإرهاب، وفي ذات الوقت تترك حل مشكلاتها، وهو ما يفاقم الأوضاع إلى الأسوأ.



سيسعون لاحتواء الأزمة
وافقهم أيضا الدكتور "سعيد اللاوندي" الذي أكد أن الأمور أيضا لن تتصاعد لتشمل ثورة كبيرة في الجزائر على غرار ما حدث في دول ثورات الربيع العربي.

وأضاف في تصريحات خاصة، لـ"الفجر"، أن الحكومة الجزائرية تعلم بالتأكيد، مدى خطورة الأوضاع في المنطقة، وبالتالي ستسعى إلى احتواء الأزمة وعدم امتدادها إلى الأسوأ.