6 رجال في حياة المتمردة "درية شفيق".. أبرزهم الدكتاتور "جمال عبدالناصر"

تقارير وحوارات

درية شفيق
درية شفيق




احتفل محرك البحث العالمي جوجل اليوم بالذكرى الـ108 لميلاد الدكتورة "درية شفيق" إحدى رواد حركة تحرير المرأة فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين، والتي قامت بالعديد من التضحيات وناضلت من أجل حصول المرأة على حريتها حتى دفعت حياتها ثمناً لذلك النضال.


لقبت بـ"الزعيمة المعطرة"، "وزعيمة المارون جلاسيه"، وذلك بسبب جمالها الفائق، فلم ترحمها الانتقادات ولكنها لم تتأثر بهم واستكملت مسيرتها النضالية للمساواة بين الرجل والمرأة ودفعت حياتها ثمناً لذلك.

فقامت بإنشاء أول مجلة نسائية ناطقة بالعربية، وأدخلت المرأة البرلمان، وتسببت في إعطائها حق الترشح للانتخابات العامة، كما أنشأت أول حزب نسائي في مصر.

وكرّست حياتها للإهتمام بالمرأة، ولكن دخل حياتها عدة رجال أثروا في حياتها تارة بالسلب، وأخرى بالإيجاب، وإحتفاءً بذكرى ميلادها، تستعرض "الفجر" دور الرجال في حياة رائدة تحرير المرأة "درية شفيق".

ولدت درية في مدينة طنطا عام 1908، ودرست في مدرسة البعثة الفرنسية بها، وكان جدها من أعيان طنطا، ووالدها مهندساً بالسكة الحديد.


عميد كلية حقوق 

من بين الرجال الذين أثروا في حياة "درية" هو عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة، ذلك الرجل الذي رفض تعيينها كونها "امرأة"، وذهبت "درية" إلى وزير التعليم الذي بادرها قائلا "إن عميد الكلية اتصل به وأعلن متوعدا قائلا يوم تحظو درية شفيق بقدمها في الجامعة هو يوم أغادرها أنا".

ولقد اضطرها تعنّت عميد الكلية معها لقبول وظيفة روتينية كمفتشة للغة الفرنسية بالمدارس الثانوية، ولكنه تسبب في إصرارها على النضال لحصول المرأة على حقوقها، فبعد فترة وجيزة أصدرت مجلة "بنت النيل" أول مجلة نسائية ناطقة بالعربية لتعليم و تثقيف المرأة المصرية.


الزوج المخادع 

تعرفت درية على أحمد الصاوي محمد الصحفي بالأهرام، وتم عقد قرانهما إلا أن الزواج لم يكتمل وعن تلك الحادثة يقول مصطفي أمين كما ورد في كتاب "امرأة مختلفة" لسينشيانلسون:
"ولكن الزواج الذي أثار كل تلك الضجة لم يدم طويلا، والواقع أن الطلاق تم قبل أن تزف العروس، فأحمد الصاوي كان صعيديا في غلاف أوروبي، ولد في أسوان وتعلم في باريس، كان متحررا فيما يكتب، متزمتا في بيته، أما درية شفيق، فقد تأثرت بدراستها في السربون، وطالبت للمرأة المصرية بكل ما للمرأة الفرنسية من حقوق، أرادت لها أن تدلي بصوتها في الانتخابات وأن تقدر علي تمثيل بلادها وتولي الوزارة ولم يكن الصاوي يعترض أن تتولى الوزارة أو السفارة أي امرأة مصرية.. ماعدا زوجته، فمكانها البيت".

وتابع: "فأصبح الطلاق أمراً لابد منه وتحملت درية صدمة الطلاق بشجاعة تدعو الي الاعجاب وقالت لي آنذاك "هذه أقل تضحية أقدمها حفاظا علي مبادئي".

الزوج الثاني

وبعد  تجربة الزواج الفاشلة عادت درية إلى باريس مرة أخرى، وأثناء ذلك تقابلت درية هناك مع ابن خالتها "نور الدين رجائي" الذي كان يدرس في جامعة باريس بعد أن أرسلته جامعة القاهرة في بعثة دراسية للحصول علي الدكتوراة في "القانون التجاري" وهناك تم زواجهما رغم أن درية تكبره في السن بسبع سنوات كانت وقت الزواج عمرها 29 عاما.

وكان زوجها معروفا بتعاطفه مع الوفد ، وفي فبراير عام 1967م داهمت الشرطة منزل "درية شفيق" للقبض على زوجها، بتهمة اشتراكه في مؤامرة ضد "عبد الناصر" ولم تعرف الأسرة مصيره لمدة 4 شهور، وفي مايو عرفوا أنه نزيل ليمان طرة.. وتصدعت العلاقة الزوجية بين الدكتورة درية والدكتور نور الدين. وفي 21 أكتوبر عام 1968 دخلا محكمة عابدين للأحوال الشحصية، وتم الطلاق لينتهى الزواج. 


الرئيس المتعاطف

ومن بين الرجال الذي أثروا بشكل كبير في مسيرة نضال "درية شفيق" كان الرئيس الراحل "محمد نجيب" الذي كان بطل  أشهر المعارك التي خاضتها، والتي كانت مع الحكومة المصرية حين تم تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة دستور 1954، حيث لم تكن المرأة ممثلة فيه، فقررت "درية شفيق" الاعتصام في نقابة الصحفيين وأضربت عن الطعام وقالت وقتها عبارتها الشهيرة: "أنا أرفض الخضوع لدستور لم أشترك في صياغته، وإني أقوم بهذا الإضراب في نقابة الصحفيين لأن الصحافة بطبيعتها ترتبط ارتباطا وثيقا بكل حركات التحرير".

وتفاعل المجتمع المدني العالمي معها، وظلت معتصمة لعدة أيام حتي جاءها محافظ القاهرة برسالة من الرئيس محمد نجيب أكد فيها أن حقوق المرأة ستكون مضمونة في الدستور الجديد، ولم تغادر "درية" مكان الاعتصام حتي وقع لها المحافظ إقراراً كتابيا بأنه مندوب من رئاسة الجمهورية، وتم وقتها منح المرأة المصرية حق التصويت والترشح في الانتخابات العامة لأول مرة في تاريخ مصر الحديث.


الرئيس الحازم 

وبخلاف موقف الرئيس محمد نجيب معها، دخل الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" ونظامه في مواجهة مع "درية شفيق" وذلك  بعد محاولات درية تحويل جمعية "بنت النيل" إلي حزب سياسي ينادي بحرية المرأة.

وأدى هذا الصدام إلى أن إعلان الحكومة منع عضوات "بنت النيل" من الترشح للبرلمان، إلا أن "درية" قامت بوصف حكم عبد الناصر بالديكتاتور، مما أدى إلى عزلها سياسيا عن المجتمع بعد أن اصدر جمال عبدالناصر قرارا بتحديد اقامتها في بيتها، وظلت في وحدتها هذه حتي وفاتها عام 1975. 

وبدأت صرعاتها الحقيقية مع عبد الناصر، عصر يوم الأربعاء 6 فبراير عام 1957، فدخلت "درية شفيق" السفارة الهندية على بعد خطوات من مسكنها بالزمالك .. وأرسلت بيانا لـ"جمال عبد الناصر" جاء فيه: "نظرا للظروف العصيبة التي تمر بها مصر قررت بحزم أن أضرب عن الطعام حتى الموت .. وأنا كمصرية وكعربية أطالب السلطات الدولية بإجبار القوات الإسرائيلية على الإنسحاب فورا من الأراضي المصرية .. وأطالب السطات المصرية بإعادة الحرية الكاملة لمصريين رجالا ونساءا وبوضع حد للحكم الديكتاتوري الذي يدفع بلادنا إلى الإفلاس والفوضى ، وإخترت السفارة الهندية لأن الهند بلد محايد ولن أتهم بأنني فضلت معسكرا ما".

وإستشاط "جمال عبد الناصر" غضبا لأن الشرطة المصرية لا تستطيع أن تدخل السفارة الهندية للقبض على "درية"، وقد أفردت الصحافة الأجنبية مساحات واسعة عن إضراب "درية" ومطالبتها بإنهاء الدكتاتورية في مصر وخرجت "لندن تايمز" بعنوان "المدافعة المصرية عن حقوق المرأة تضرب عن الطعام في السفارة الهندية"،أما الصحيفة الألمانية (دي فيلت) خرجت بعنوان "إمرأة من وادي النيل ترفع راية المقاومة ضد عبد الناصر".

الرئيس الهندي 

وكان من بين الرجال المتعاطفين مع "درية" وقت صراعها مع الرئيس الراحل "عبد الناصر" الرئيس الهندي "جواهر لال نهرو، الذي أجرى اتصالا بجمال عبد الناصر في 6 فبراير 1957 يطلب عدم السماح بالتعرض  للدكتورة درية شفيق إذا ما رغبت في الخروج من السفارة الهندية بالقاهرة.

وأبلغ "نهرو" سفيره في القاهرة أنه يعتبر الدكتورة "درية شفيق" ضيفة على السفارة وإذا ما رغبت في الانتقال إلى المستشفى أو إلى أي مكان آخر في سيارة تابعة لسفارة الهند وفي رعاية السفير.


- وفاتها

توفيت درية شفيق في 20 سبتمبر عام 1975 على أثر سقوطها من شرفة منزلها في حي الزمالك بمدينة القاهرة، وقيل إنها انتحرت بعد عزلة عاشتها لمدة 18 عاما.