أسرار إلغاء "قمة صلح" السيسي والملك سلمان في الإمارات.. وقصة طلب السعودية الذي رفضته مصر

تقارير وحوارات

السيسي والملك سلمان
السيسي والملك سلمان

غادر الرئيس عبدالفتاح السيسي العاصمة الإماراتية أبوظبي، قبيل وصول الملك السعودي، بما يكشف عمق الخلاف بين البلدين، وكانت كل الاستعدادات جارية، وتسير على قدم وساق، بل وألمحت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى احتمال عقد القمة أمس، حين أشارت في تقرير نشرته إلى وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الإمارات السبت في زيارة قالت إنها تتزامن مع زيارة السيسي للإمارات، والتي كانت المشاركة والتهنئة بالعيد الوطني الخامس والأربعين لدولة الإمارات أحد جوانبها.
 
مما عزز من تزايد احتمالات عقد القمة المصرية - السعودية، وبمشاركة من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي هو أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قرر مد زيارته ليوم ثالث، حيث كان قد أعلن أن الزيارة ستستمر لمدة يومين فقط، بل وذهبت التحليلات لأكثر من ذلك، حين تطابقت مصادر عربية مع ما ذهبت إليه صحيفة عكاظ السعودية، بالإشارة إلى أن زيارة الملك سلمان لن تقتصر على الإمارات فقط، بل ستمتد من بعدها إلى قطر والبحرين، لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي، يعقبها بزيارة رسمية إلى الكويت تستمر ثلاثة أيام.
 
كانت كافة الترجيحات، بحسب "روسيا اليوم"، تذهب إلى أن الأمر لن يقتصر فقط على تصفية الخلافات المصرية - السعودية، بل قد يشمل تصفية أوسع للخلافات العربية، والتي تشكل قطر أحد أضلاعها الرئيسية. لكن جملة التطورات التي شهدتها أبوظبي، غيرت دفة الترتيبات التي كانت جارية منذ بضعة أسابيع للتقريب بين مصر والسعودية، ودفعت بالأمور إلى منحى آخر، يناقض ما تم الاتفاق عليه مؤخرا.

وساطات التقريب في وجهات النظر

بحسب أوساط مقربة من دائرة جهود تنقية الخلافات بين البلدين، شهدت العاصمة الإماراتية مساء الجمعة لقاءً غير معلن حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي والأمير خالد الفيصل مستشار الملك السعودي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحث هذا اللقاء سبل تقريب وجهات النظر بين البلدين، بهدف الوصول إلى مرتكزات يجري الاتفاق عليها بين مصر والسعودية، وذلك بديلًا عن القمة الثلاثية، التي كان من المقرر أن تشهدها أبوظبي.
 
وكذلك، جرى التشاور بشأن عقد لقاء بين وزير خارجية مصر سامح شكري ووزير خارجية السعودية عادل الجبير في غضون عشرة أيام، على أن يقوم السيسي بزيارة قريبة إلى السعودية، يلتقي خلالها بالعاهل السعودي، وربما يشمل اللقاء قادة آخرين.
 
وكانت مجهودات مكثفة عقدت سعيا وراء الخروج من الأزمة في علاقات البلدين، حيث بذل أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية جهودا تلامست مع مجهودات كويتية وإماراتية راحت تدفع بشدة نحو السعي لاحتواء الأزمة بين القاهرة والرياض.

غير أن الدور الأبرز في مجهودات الوساطة تمثل فيما قام به الشيخ محمد بن زايد، والذي قام بزيارة إلى القاهرة في العاشر من نوفمبر المنصرم التقي خلالها بالرئيس السيسي، وأكد خلالها أهمية مواصلة العمل على توحيد الصف العربي وتضامنه، والتيقظ من محاولات شق الصف بين الدول العربية.
 
وإثر قبول السيسي دعوة المشاركة في العيد الوطني الاماراتي، توجه الشيخ محمد بن زايد إلى العاصمة السعودية الرياض، لمقابلة المسؤولين السعوديين، حيث أوضحت مصادر واسعة الاطلاع آنذاك أن الإمارات ساهمت في تقريب وجهات النظر المصرية - السعودية.
 
الرئاسة ترد على عدم لقاء السيسي للملك سلمان في الإمارات

السفير علاء يوسف المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، كشف تفاصيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات العربية المتحدة، مؤكدًا أنها تمت وفقًا للمواعيد المحددة لها سلفاً، دون حدوث أي تعديل، سواء في مدة الزيارة (من 1 إلى 3 ديسمبر) أو برنامج الرئيس. 

وقال المتحدث باسم الرئاسة في تصريحات صحفية، إن الزيارة كانت تهدف إلى إجراء مباحثات ثنائية مع قادة دولة الإمارات وحضور فعاليات العيد الوطني.

أسباب وراء عدم عقد اللقاء

التوتر في العلاقات بين البلدين بات ملموسًا مع استمرار رفض الجانبين المصري والسعودي تقديم أي تنازلات في خطوات المصالحة التي تسعى الإمارات والكويت لإتمامها، بوساطات لم تعد خافية على أحد، وباعتراف من مسؤولين في القاهرة والرياض.

وجهة نظر الرياض التي يتبناها سلمان وولي ولي العهد محمد بن سلمان، بحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، هو أنهم تعرضوا لـ"خديعة كبرى" من القاهرة، فبعدما قدموا مساعدات عدة لم يحصلوا على ما توقعوه من نظام السيسي سواء سياسيًا في تأييد التحركات السعودية عربيًا أو بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، بالرغم من توقيع الاتفاقية بين رئيس الحكومة المصرية وولي ولي العهد محمد بن سلمان.

وبحسب مصادر مطلعة على الملف، فإن الرئاسة المصرية ملتزمة موقفها غير القابل للنقاش في بقاء ملف الجزيرتين بانتظار كلمة الفصل القضائية، في المقابل، طالبت وزارة الخارجية السعودية مرات عدة بشكل رسمي خلال الأسابيع الماضية بسرعة تصديق البرلمان على الاتفاقية، مثلما فعل مجلس الشوري السعودي لنقل السيادة عليهما إلى قوات حرس الحدود السعودية، وهي الطلبات التي تجاهلتها وزارة الخارجية المصرية حين ردّت أخيرًا بالتأكيد على انتظار الفصل قضائيًا بشأن الاتفاقية نظرًا لاحترام الحكومة القضاء.

ونقلت الصحيفة اللبنانية قولها عن مصادر مصرية إنها توقعت أن تقوم الرياض بطلب الودائع التي ضمتها للاحتياطي النقدي خلال السنوات الماضية مع انتهاء أجلها وعدم تمديدها كما كان متوقعًا من قبل، إلا أن الحكومة تعول على مصادر أخرى لتعويض الخطوة السعودية المتوقعة بسبب الخلاف السياسي بين البلدين.