«شالله يا سيد يابدوي».. رحلة إلى مولد الباحثين عن كرامات الإمام الملثم (صور)

صور

بوابة الفجر


رفع يديه وراح يلقي بهما يمينًا ويسارًا، يطوح رأسه مغلقا عينيه، وفي نفسه يردد «الله.. الله.. الله»، يردد الكلمات الثلاث مرارًا وتكرارًا ضمن مجموعة من أقرانه كحلقة متماسكة، لا يسبق لسان أحدهم الآخر، وبينما يفتح بعضهم عينيه يغلقها آخرون، يظلون هكذا إلى أن يعانقون الأرض من شدة «دروشتهم».


وقبل أن يلتصق جسدك بالأرض وتدخل في غيبوبة تامة، يلاحقك أحدهم ممسكا في يديه زجاجة «مياه» يملئ «فيه» ثم يلقي في وجهك إلى أن تشعر أن شلالا طمسك، لتجد أن عقلك قد ذهب بضعة لحظات، إلا أن لسانك مازال يردد «الله.. الله.. الله».


مشهد لا يتوقف منذ أن تطأ قدماك أرض مسجد الأحمدي حيث ضريح السيد أحمد البدوي، أحد أقطاب الولاية الأربعة لدى الصوفية، والذي يقام به مولد «السيد البدوي»، كل ما عليك فعله أن تترك عينيك تجوب يمينا ويسارًا، فهناك جالسون على الأرض يرددون أذكارًا وتلاوات وآخرون يسألون الله من فضله. 


«مولد السيد البدوي».. آتاه الباحثون عن كرامات من ذهبوا وتركوا خلفهم قصص وحكايات تروى، أحدهم يضع رأسه على الضريح وهو يبكي بحرارة، ويدعو الله أن يحقق أمنيته ويرزقه من حيث لا يحتسب، بينما تقف أخرى وتدعو الله أن يزوج ابنتها وهي تتمسح بحديده، فيما يحاول ثالث الوصول لعله يطال بيديه جزء من الضريح أو تقع على قطعة قماش فتحل البركة ويقبل الله دعاءه.


يظل الوضع هكذا، ويتوافد الباحثون عن كرامات، أحدهم يعطي بلا تردد «هذا من فضل ربي»، يلتف حوله العشرات إلى أن تفرغ نقوده، فيدخل مسرعًا إلى الضريح وإذا به تقع عينيه على صندوق النذور وما إن طالت يداه الصندوق حتى يتحسس مكان وضع الأموال، وهدفه الأسمى الضريح.


يصل إلى الضريح وقد أنهكه التعب، وبُح صوته، وراح يردد «شالله يا سيد يا بدوي»، وما إن يمسك بحديده حتى يتذكر من أوصاه بدعاء، ومن طلب إلقاء ورقة وعليها أمنيته إلى داخل الضريح، ويظل هكذا إلى أن يسمع صوتًا من الخلف «كفاية كده يا حج ارجع خلينا ناخد البركة»، وقبل أن يستجيب يتذكر أن له حاجة فيبدأ بالدعاء وعينيه تملأها الدموع.


السيد البدوي يحتفل به الآلاف من أبناء الطرق الصوفية، والذين يعودون بنسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيعتقدون أنه "أحمد البدوي بن علي المكي بن إبراهيم بن علي بن أبو بكر بن إسماعيل بن عمر بن علي بن عثمان بن الحسين بن محمد بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن علي تقي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الإمام علي الهادي"، وقد عرف بالبدوي والملثم لملازمته اللثام .

 


والبدوي ولد عام  596هـ في زقاق الحجر بمدينة فاس المغربية في عهد الخليفة الموحدي الناصر محمد (610هـ) .ونشأ في بيئة علمية ثم هاجر مع أبيه إلى مكة سنة 603هـ وهو ابن 7 سنوات واستغرقت الرحلة إلى مكة 4 سنوات واستقر فيها من 607هـ وحتى وفاة والده سنة 627هـ .

 


ونزل البدوي بمصر سنة 637هـ وقيل 635هـ بعد رحلة إلى العراق قابل فيها عبد القادر الجيلاني وأحمد الرفاعي 'شيخ الطريقة الرفاعية ' ونزل البدوي ببلدة ' طنتدا' التي تعرف الآن بمدينة طنطا – عاصمة محافظة الغربية - ضيفاً على أحد تجارها وهو ركن الدين تاجر الزيت والعسل والعلف وذلك في 14 ربيع الأول 637هـ في عهد السلطان العادل الأيوبي بن الكامل محمد.

 


ويقال أن البدوي آثر الإقامة على سطح منزل ركن الدين ما يقرب من 12 سنة لم يفارقه لذاك عرف بـ 'السطوحي'  ثم لما مات ركن الدين انتقل البدوي إلى دار ابن شحيط شيخ البلدة وقضى فيها بقية عمره وهي 26 سنة حيث توفي في 12 ربيع الأول 675هـ.