قتل المصريين مع سبق الإصرار.. أزمة 7 أشهر في الدواء.. وخبراء يكشفون عن الجاني (تقرير)

تقارير وحوارات

الدواء والدولار
الدواء والدولار



ضربت مصر على مدار الشهور الأخيرة، أزمة حادة تتعلق بنقص معظم الأدوية الحيوية، خاصة التي تعالج مرضى الأمراض المزمنة، والضغط والسكر والأورام بمختلف أنواعها، تسببت تلك الأزمة في ذعر لدى المصريين الذي احتاروا في إيجاد متسببًا حقيقيًا لها.


"الفجر" قامت بتتبع الأزمة من بدايتها لمحاولة كشف المتهم الرئيسي لتفاقم أزمة نواقص الأدوية.


- تحريك أسعار الأدوية

بدأت الأزمة في مايو الماضي عندما قام مجلس الوزراء بتحريك أسعار الدواء التي يقل سعرها عن 30 جنيهاً بنسبة 20%، لإيجاد حل للعجز المالي للشركات المنتجة للأدوية التي تعاني من عجز بسبب ارتفاع سعر الدولار.


- إنقسام شركات الأدوية.. ورد قوي من الحكومة 

تسبب قرار تحريك الأسعار في ارتباك شديد في سوق الدواء المصري، فتدخلت السوق السوداء في الأزمة، كما انقسمت شركات الأدوية بين مُطبق لقرار الحكومة وبين متعنّت للتطبيق، فامتنع المتعنتين عن إنتاج الأدوية ضغطاً على الحكومة لرفع الأسعار، بسبب ارتفاع سعر الدولار الذي وصل حينها لـ18 جنيه، ولكن الحكومة امتنعت عن رفع الأسعار إلا بعد تثبيت سعر الدولار.

- تعويم الجنيه وتفاقم الأزمة

وبعد ارتفاع سعر الدولار قام البنك المركزي في أوائل شهر نوفمبر بتعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، مما تسبب في تفاقم أزمة الدواء التي جعلت شركات الأدوية تضطر لوقف إنتاجها من الأدوية.


- وقف إنتاج الأدوية

ونظراً للخسائر التي تكبدتها بعض شركات الأدوية، والنقص الشديد في الإمكانيات التي تعاني منه الشركات الأخرى، إمتنعت بعض شركات الأدوية من استيراد المستحضرات الطبية من الخارج، وقاموا بوقف إنتاج الدواء بشركاتهم.


- ثورة على "مواقع التواصل"

وبسبب النقص الشديد في سوق الأدوية، قام رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"،  بتدشين هاشتاج بعنوان "أوقفوا_حظر_استيراد_الأدوية"، فساهمت وسائل الإعلام كافة في تناول المشكلة ومحاولة تسليط الضوء عليها بشتى الطرق.


- نفي وزارة الصحة حظر الشركات

فيما نفت وزارة الصحة والسكان، إصدار أي قرار بشأن حظر استيراد الأدوية، وعقد الوزير أحمد عماد الدين راضي، اجتماعًا مع غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات برئاسة الدكتور أحمد العزبي، وحضور ممثلي عدد من الشركات، استمر لأكثر من 8 ساعات، لكنهم فشلوا في التوصل لحل.


الصيادلة: شركات الأدوية المتهم الرئيسي 

ومن جانبه قال محمد العبد، رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، إن المتهم الرئيسي في أزمة نقص الأدوية هو "شركات الأدوية"، موضحاً أن الشركات تتعنت في تصنيع الأدوية بحجة ارتفاع أسعار الدولار، مؤكداً أن تلك الحجة قضت عليها الحكومة على حد كلامه.

وأوضح العبد في تصريحه لـ"الفجر"، أن بعد تضرر شركات الأدوية من إرتفاع سعر الدولار، قامت الحكومة بإصدار قرار التسعير الصادر في 16 مايو الماضي والذي نص على تحريك الأسعار 20% لبعض الأدوية تحت الـ30 جنيه، مقابل توفير الشركات الأصناف التي تعاني من نقص لتغطية خسائرهم بسبب أزمة الدولار.

وتابع: "استجابت بعض الشركات لذلك القرار وإمتنع البعض، فأعطى مجلس الوزارء الشركات المتعنّتة فرصة شهرين لتطبيقه لكنهم إمتنعوا مما تسبب في الأزمة الآن، وامتنعت تلك الشركات كنوع من أنواع الضغط على الحكومة لرفع أسعار الأدوية، وهو ما رفضته الأخيرة وهو ما أدى لتفاقم الأزمة".

معاقبة الشركات الممتنعة عن الإنتاج

ونوّه رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، إلى أن الحل الوحيد لتدارك أزمة نقص الأدوية هو أن تضبط وزارة الصحة نواقص الأدوية، وأن تعاقب شركات الأدوية الممتنعة عن الإنتاج بعقابين الأول، إمتناع الإدارة المركزية من تسجيل أدوية جديدة لتلك الشركات أو إعطائهم موافقات جديدة لإستيراد مواد خام لهم، والثاني، سحب المنتجات التي تنتجها تلك الشركات وإعطائها لشركات أدوية حكومية.


الحق في الدواء: فشل وزارة الصحة السبب الرئيسي في أزمة الأدوية

فيما اتهم محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، الحكومة متمثلة في وزارة الصحة بالتسبب في أزمة نقص الأدوية، قائلاً: "وزارة الصحة سبب أزمة نقص الأدوية لأنها فشلت في التنبؤ بالأزمة وبالتالي فشلت في تداركها وحلّها، ففشل سياسات وإدارة وزارة الصحة تسبب في تهديد حياة المصريين جميعهم".

واستكمل قائلاً في تصريحه لـ"الفحر": "وزارة الصحة برئاسة أحمد عماد أثبتت فشلها الذريع، فهي وزارة مُصدرة للأزمات، أحرجت نظام الرئيس السيسي أكثر من مرة"، مشيرًا إلى أن شركات الأدوية إمتنعت عن الاستيراد كنوع من أنواع الضغط على الحكومة لحل أزمة الدولار أو رفع سعر الأدوية لتدارك أزمتهم المالية، ولنقص الإمكانيات في تلك الشركات".


غرفة صناعة الدواء: قرار تعويم الجنيه وراء أزمة نقص الدواء 

وفي سياق متصل قال أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن الدولار هو المتهم الرئيسي في أزمة نواقص الأدوية، حيث أن الشركات المنتجة تعاني بسبب الدولار من صعوبة إستيراد المواد الخام المستخدمة في صناعة الأدوية لذلك فإن تلك الصعوبات تسببت في نقص الأدوية.


وأشار العزبي، في تصريحه لـ"الفجر" أن الأزمة كانت قبل قرار التعويم ولكن شُكلت لجنة قبل القرار بشهر لإيجاد حل لتوفير إحتياجات قطاع الدواء في مصر، ولتغطية الفرق بين أسعار الدواء وأسعار تكلفته ولكن تلك اللجنة التي كانت مكونة من وكيل البنك المركزي ووزير الصحة وممثل رئيس الوزراء لم تستطع إيجاد الحل بسبب قرار التعويم الذي أوقف أعمال اللجنة بعد الأزمة التي حلّت بالجنيه المصري، مؤكداً أن الحل يكون في حل أزمة الدولار.


واستكمل: "إذا تداركت الحكومة أزمة الدولار وحلّتها ستحل أزمة نواقص الأدوية وستعاود الشركات لإنتاج تلك النواقص"، موضحاً أن شركات الأدوية بريئة من تهمة إفتعال أزمة نقص الأدوية لإنهم يعانون من توفيؤ إمكانيات تتيح لهم فرصة إنتاج تلك النواقص.