ماذا قدمت الحكومات حتى لا تغرق مصر في شبر ماية وتتكرر كارثة سيول التسعينيات في 2016؟

تقارير وحوارات

أزمة السيول - أرشيفية
أزمة السيول - أرشيفية



تعرضت معظم المحافظات المصرية لسيول جارفة على مدار اليومين الماضيين، تكبدت خلالها خسائر بشرية ومادية كبيرة لم تحدث لها منذ سيول عام 1994، وهو ما طرح تساؤلات مُلحة حول أسباب، اجتياح السيول للبلاد بمعدلات كبيرة، والإجراءات الاحترازية التي كانت موجودة طوال السنوات الماضية لمنع أضرارها. 

سيول 94 تجتاح مصر
وكانت تعرضت مصر فى سنة 1994 لكارثة سيول كبرى حيث ضربت أغلب مدن ومحافظات مصر موجة مفاجئة من الأمطار شديدة الغزارة، بدأت هذه الموجة فى الساعة الثالثة تقريبًا من فجر يوم 2 نوفمبر على جنوب مصر، حيث تعرضت محافظة أسيوط لأمطار طوفانية استمرت حوالي 3 ساعات دون توقف.

الحالة انتقلت لتشمل أغلب محافظات مصر لاحقا، حيث تعرضت محافظات أسوان والفيوم والسويس والغربية وجنوب سيناء وكفر الشيخ والمنوفية لأمطار شديدة أيضا، تسببت فى ارتفاع منسوب المياه في الشوارع بصورة لم تشهدها مصر منذ أكثر من 60 سنة.

وأغرقت الأمطار إلى القاهرة، حيث تعرضت كل مناطق القاهرة لأمطار رعدية شديدة الغزارة استمرت حوالى ساعتين تسببت في ارتفاع المياه فى الشوارع بصورة غير مسبوقة أيضا، حطمت الرقم القياسى السابق المسجل باسم عاصفة 29 نوفمبر 1957 التاريخية.

تسببت تلك الموجة الممطرة فى خسائر مادية وبشرية كبيرة للغاية، حيث لقى أكثر من 600 مواطن في أسيوط مصرعهم أغلبهم من قرية درنكة التي اختفت من الوجود وقتها، كما تسببت في انهيار آلاف المنازل في أسيوط وغرق أكثر من 70 نجعا فى سوهاج.

مخالفات اعترضت مخرات السيول
قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، إن مصر تعرضت لسيول كبرى منذ عام 1994 حتى الآن، ولكن خسائرها لم تكن ظاهرة وكارثية كما يبدو الآن، لوجود تقاليد وقائية متبعة طوال هذه السنوات، وعلى رأسها عمل صيانة دورية لمخرات السيول، وعدم السماح بالبناء أو الزراعة فيها، وإزالة المخلفات، مما يتسبب في منع أي إصابات.

وأشار علام في تصريح لـ"الفجر"، إلى أن الخمس سنوات الماضية التي تلت ثورة يناير حدث فيها مخالفات عديدة، أسفرت عن بناء فنادق ومدارس ومدن جديدة تعترض مخرات السيول، وهو ما أدى إلى حدوث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

ولفت علام، إلى ضرورة تطهير المصارف والترع وعدم الإستهانة بها، لأن سوء أحوالها كان سببًا رئيسيًا في كارثة الإسكندرية والبحيرة، مؤكدًا أن شبكة الري والصرف وضعت في اعتبارها استيعاب هذه السيول، ولكن سوء الصيانة والتطهير في الفترة الأخيرة حال دون ذلك.

وأكد وزير الري الأسبق، أن المسؤولية والتقصير يقعان على عاتق المحليات في المقام الأول لأنها المسؤولة، ثم الوزارات المعنية مثل وزارة الإسكان إذا كانت سمحت بالبناء في مخرات السيول، وزارتي الري والزراعة لتقصيرهم في إزالة المخلفات، والدفاع المدني الذي تخاذل في شفط المياه وإنقاذ الناس.

إعداد مسبق لا يتناسب مع حجم السيل
فيما اختلف معه الدكتور نور أحمد عبدالمنعم خبير المياه، الذي أكد أن الأزمة ترجع لزيادة حجم الأمطار المتساقطة، والتي قدرت بنحو 180 مليون متر مكعب في ليلة واحدة، لافتًا إلى أن السيول تتدرج في تقديرها إلى ضعيف، ومتوسط، وخطير يصل إلى حد الطوفان، ولا يمكن التنبؤ بحجم هذا السيل، ولكن يُمكن التنبؤ بحجم التساقط المطري.

ولفت إلى أنه لا يوجد تقصير من الوزارات المعنية، ولكن الإعداد المسبق لا يتناسب مع حجم السيل القادم، وبالتالي فأنه  لايُمكن تفادي خسائره، فالإسكندرية انحصر المطر بها في العام الماضي بكميات كبيرة قدرت بنحو20 مليون متر مكعب في مدينة واحدة لا تستوعبها البنية التحتية الموجودة بها. 

وأشار خبير المياه إلى أنه لا يُمكن تفادي مخاطر وأضرار السيول العنيفة لصعوبة التنبؤ المسبق بحجمها وكمياتها.

عدم إهتمام بـ"المخرات"
من جهته قال الدكتور نادر نور الدين، خبير الري والموارد المائية، أن قلة مخرات للسيول في المناطق التي سقطت بها الأمطار، وعدم الإهتمام بها يعتبر سببًا رئيسيًا لزيادة المخاطر التي نتجت عن السيول الأخيرة التي اجتاحت البلاد.

وأكد نور الدين في تصريحات لـ"الفجر"، أنه لايوجد مخاطر من  العكارة التي لحقت بمياه نهر النيل جراء السيول،لأن محطات تنقية مياه الشرب تقوم بترسيبها وتنقيتها.

وأشار خبير الري والموارد المائية إلى أن عكارة المياه بعد ترسيبها تكون طميًا مفيدًا للأراضي الزراعية.