فاروق يحتفل بعيد ميلاده بمكافحة "الحفاة"

منوعات

بوابة الفجر


قد ينظر البعض الى الملك فاروق على أنه شخص كان يعيش في عالم عاجي ، أو أنه ذلك الملك الذي يحيا بين الملزات و النزوات ،غير مدركاً لمشاكل شعبه ، ولكن الحقيقة الموثقة تؤكد عكس هذا الكلام ، ففي عام 1941 و أثناء زيارة فاروق الى بعض قرى الصعيد لاحظ ان غالبية الأهالي لا يرتدون أحذية ، فقرر التصدي لمشكلة الحفاء التي يعاني منها كثير من أبناء الشعب المصري، سواء كانوا من أهل القرى والأرياف أو المدن فطلب من  ناظر الخاصة الملكية إرسال خطاب لمجلس الوزراء جاء فيه :

لما كان كثير من أهل القرى والمدن يمشون لرقة حالهم حفاة الأقدام، و ذلك فيه مضار صحية وأدبية رأي مولاي أعزه الله وأعز به البلاد أن يكون عيد ميلاده السعيد هذا العام ذا أثر كبير في القضاء على هذه الحال بالتيسير على أمثال هؤلاء .

وقد تفضل جلالته فأمرني أن أبعث إلي دولتكم بمبلغ 2000 جنيه لهذا الغرض رجاء اتخاذ ما ترون من تدابير لتحقيق هذه الرغبة السامية وتنفيذها بأسرع ما يستطاع ولا ريب أن تسابق الموسرين من المصريين وغيرهم من مختلفي الهيئات في البذل لتعضيد هذا المشروع كفيل بدوام تمتع هؤلاء بذاك المظهر الحسن والعديد من المزايا المحمودة الأثر في الحياة المصرية صحيا وأدبيا وإني إذ أتشرف بإرسال أذن صرف رقم 905597 بالمنحة المتقدم ذكرها .. أرجو يا صاحب الدولة التفضل بقبول فائق احترامي
تحريرا في 6 فبراير سنة 1941
ناظر خاصة جلالة الملك".
و بالفعل استجابت وزارة حسين سري باشا لتوجيهات الملك، وأعتمد رئيس الوزراء قرار يقضي بشراء 60 ألف حذاء للمصريين الحفاة، وتشكلت لجنة مركزية حكومية من كبار رجال الدولة لتدشين مشروع مكافحة الحفاء الذي كان منتشرا بين أبناء الطبقات الفقيرة 
و بحسب ما وثقته مجلة المصورفي شهر إبريل 1941، فقد تطورت الفكرة بعدما اقترح وزير الشئون الاجتماعية عبد الجليل باشا أبو سمرة أن لا يقتصر مشروع مكافحة الحفاء على اختيار نموذج للحذاء رخيص الثمن للعمال والصناع ، بل يجب أن يتناول زى شعبي كامل يشمل الملبس وغطاء للرأس يقي الرأس والرقبة من أشعة الشمس وعُرف غطاء الرأس و الرقبة بأسم "الفاروقية" و ذلك بحسب ما ذكره الأستاذ دانيال البرزي .
واشترط الوزير أن يكون سعر الزى في متناول كل فقير ، لهذا اتفق مع شركة "مصر للنسيج" على تصنيع وحياكة الزى المكون من الفاروقية وجاكت طويل وبنطلون من التيل الأبيض ويستبدل البنطلون الطويل بآخر قصير للفلاحين و تم تسعيرالطقم بالكامل 20 قرشا تدفع لجنة مكافحة الحفاء 5 قروش ويدفع الفقير الباقي

 على أن يكون ارتداء هذا الزى إجباري بين العمال والصناع والفلاحين حتى يمكن الوصول إلى الزى الموحد ومساهمة منها في هذا المشروع الاجتماعي قررت إدارة مجلة المصور إصدار عدداً خاص بهذا المشروع على أن تتبرع بإيراد العدد كاملا لصندوق المشروع، داعية قرائها إلى التبرع  والاشتراك في هذا العمل النبيل بالإقبال على شراء العدد أو الإعلان فيه، باعتبار أن كل قرش يدفعه القارئ أو المعلن في هذا السبيل يذهب للمشروع.
الطريف أن بعض الفلاحين والحفاة كانوا يرفضون ارتداء الحذاء، ويفضلون السير عراة الأقدام، باعتبار أن الطين قد كوًن طبقة سميكة على الجلد، هي عندهم أفضل من الحذاء. أما من وافق منهم على ارتداء الحذاء، فقد كان يضعه تحت أبطه في القرية خوفا عليه من التراب والاتساخ، ولا يضعه في قدمه إلا حينما يضع أقدامه في شوارع القاهرة.