دراسة .. تقبيل الأطفال من الفم ينقل لهم الأمراض

الفجر الطبي

تقبيل الأطفال من
تقبيل الأطفال من الفم - أرشيفية


كثير من الدراسات الحديثة كشفت أن تقبيل الأطفال الرضع من الفم سلوك على درجة عالية من الخطورة، وأن القبلة التي يعطيها الأب والأم والأهل والجيران للطفل في فمه خلال مراحل عمره الأولى، يمكن أن تنقل إليه الكثير من الأمراض التي يعاني منها هؤلاء، ولكن المفاجأة أن هناك بعض الدراسات التي حذرت من قبلة الرضيع من فمه واستثنت الأم فقط، وأكدت هذه الدراسات أن قبلة الأم الوحيدة هي التي يمكن أن تكون مفيدة للطفل، وأن هذه القبلة على درجة من الأهمية في تقوية الجانب العاطفي بين الطفل والأم، وضرورية في الشهور الأولى من عمره، والسبب أن الطفل يكون في حاجة ماسة إلى هذه العاطفة، وهذا السلوك يعتبر طريقة ملموسة لتوصيل المشاعر بين الأم وطفلها.

أما عن الجانب العلمي للفائدة الجسدية للطفل من قبلة الأم، فأكدت الدراسة أن قبلة الأم من فم الرضيع تحتوي على جانب مهم من البكتيريا، والتي بدورها تساعد وتساهم في تقوية جهاز المناعة لدى الصغير، وتعمل على تفعيله بشكل كبير، لمقاومة الأمراض التي تصيب الطفل مثل الزكام والتهابات الأذن، وهذه الدراسة أجريت على عدد معقول من الأطفال الرضع، وخضعوا لعدة أساليب طبية لقياس تأثير قبلة الأم، حيث تم قياس حجم الأكسجين في الدم، وقياس معدل نبضات القلب، وأثبتت النتائج أن الأطفال الذين نهلوا من حنان الأم بالأحضان والقبلات قد ظهرت نتائج جيدة لهم، كما أثبتوا أن عناق الأم للطفل المريض يساعد بصورة كبيرة في سرعة التعافي والشفاء.

ونعود لأضرار القبلة بصفة عامة باستثناء قبلة الأم، فغالباً ما يكون لدى الشخص البالغ بعض الميكروبات المتواجدة في فمه بشكل طبيعي، وعندما يقبل الطفل الرضيع يصيبه بالتهابات فطرية باللسان وسرعان ما ينتشر في اللثة والفم، ويبدأ الطفل في مرحلة نزول الريالة والتي تستمر لفترات طويلة، وتكون سبباً في إعاقة عملية الأكل بصورة كافية، كما يمكن بسهولة أن تنتقل الكثير من الميكروبات العنقودية الموجودة في فم الشخص السليم وبصورة عادية وطبيعية، وهذه الميكروبات من السهل جداً انتقالها إلى المولود من خلال القبلة، وتسبب له الإصابة ببعض الأمراض مثل التهابات الفم واللثة، وأيضاً يمكن أن تؤدي إلى التهاب حلق الرضيع واللوزتين، والخطورة أن هذه القبلة للأطفال الرضع والتي يظن الكثير أنها بسيطة وسهلة يمكن أن تصيب الطفل بأخطر أنواع الأمراض، مثل التهابات الكبد الفيروسية، وأنواع الإنفلونزا الشديدة، وأيضاً التهابات الغدد النكافية، والإصابة بخطر الحمى الشوكية، عن طريق ميكروب أيضاً متواجد بصفة دائمة وطبيعية داخل فم الإنسان، وعند وصول الطفل إلى مرحلة عمرية أكبر مثل العام والنصف، تكون القبلة لها أضرار ومضاعفات أكبر، مثل الإصابة بالالتهابات في الكلية بصفة مستمرة، وتأثيرات سلبية في صحة القلب.

كما بينت بعض الدراسات أن فيروسات الحصبة الألمانية والرمادية وفيروس الغدة النكافية ينتقلون من خلال القبلة، وأيضاً تنتقل بعض الميكروبات والفيروسات من الأشخاص العاديين إلى أن تصل إلى غدد الطفل اللعابية، فتؤدي إلى حدوث التهاب في الغدد اللعابية والإصابة بحالة من نزول اللعاب المستمر «الريالة»، أما إذا كانت قبلة بعض الأشخاص تحتوي مواد صديدية ملوثة تنتقل من فم الإنسان البالغ إلى الطفل، هذه المادة الصديدية تسبب إصابة الطفل بنزلة معوية شديدة، وتضيف الدراسات أن كثيراً من الأمراض الأخرى يمكن أن تنتقل إلى الطفل الرضيع بسبب القبلة، فعلى سبيل المثال يمكن أن ينتقل الفيروس المسبب للرشح والزكام ويتطور إلى أن يصيب بعض الخلايا المبطنة للمخ، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الجسم بمستوى عال، وتحدث أضرار كبيرة لأنها تستمر ولا يمكن السيطرة عليها بشكل قاطع، مما يسبب حدوث التشنجات في جسم الطفل، وقد تقود الطفل في النهاية إلى الوفاة، فهذه الحالة تشبه إلى حد كبير أعراض مرض التهاب الحمى الشوكية.

وكشفت الدراسات أن تقبيل الأطفال الرضع له تأثير سلبي قوي على الجهاز الهضمي للرضيع، لأن الكثير من الأمراض تنتقل عن طريق القبلات، ومنها من يصيب الجهاز الهضمي للطفل الرضيع، لأن الجهاز الهضمي للرضيع يتسم بالكثير من النقص في بعض الأنزيمات والعصارات الهضمية، وأيضاً يكون الغشاء المعوي المبطن للأمعاء يوجد به الكثير من الثغرات والفتحات، وهذه الثغرات نقطة ضعف تسمح للميكروبات والبكتيريا والفيروسات بالدخول من تجويفات الأمعاء إلى الدم، ويؤدي إلى الإصابة بالالتهابات المعوية الحادة، وأيضاً تسهل هذه الفتحات دخول الكثير من البروتينات الضارة، والتي تصيب وتهيج الجهاز المناعي وتسبب الإصابة بالالتهابات والحساسية الشديدة، وأوضحت الدراسات أن تمام اكتمال هذه الثغرات والفتحات يتم في أواخر العام الثاني من عمر الأطفال، وأيضاً الميكروب السبحي الذي ينتشر من خلال الرذاذ، وذلك أثناء تقبيل الطفل فيصيب اللوزتين والحلق وتزيد مضاعفاته إلى أن تصل إلى التأثير في صمامات القلب والمفاصل، ويؤدي إلى الإصابة بالحمى الروماتيزمية.

وأثبتت الدراسات أن فيروس A يمكن أن ينتقل من الشخص البالغ المصاب به إلى الطفل عن طريق قبلة الفم، بالإضافة إلى إمكانية واحتمالات انتقال الفيروسات الكبدية الأخرى، وبعض الأطفال أصيبوا بفيروس «الهربس» بسبب قبلة، وهذا المرض من أعراضه إصابة الشفتين بالتهابات، ويلزم الطفل ويظل معه طوال مدة الرضاعة ويستمر في مرحلة الطفولة وأيضاً يلازمه في مرحلة الشباب والرجولة، وتظهر أعراضه عند ارتفاع درجات الحرارة، وكل يوم تكشف الدراسات الجديد عن أضرار القبلة للرضيع، وبناء على ذلك فإن الكثير من الدراسات والأبحاث والمتخصصين ينصحون بتغيير هذه العادة، والابتعاد عن قبلة الرضيع لضمان حياة صحية جيدة له، لأن أي ضرر في هذه المرحلة سيكون له مضاعفات خطرة على المدى البعيد، وقد يتأثر في مستقبله بصورة كبيرة، ويمكن التعبير عن مشاعر الحنان والعطف والحب، بطرق أخرى كثيرة، منها لمس خد الطفل أو تقبيل جبهته ويده، واحتضانه بدلاً من تقبيله من فمه، لأن الفيروس لا يستمر ولا يعيش على الجبهة أو اليد وسرعان ما يموت، وتنتهي خطورته على الطفل، وعلى الأم أن تطالب أفراد العائلة والأقارب بعدم تقبيل طفلها من الفم أمام الجيران والأصدقاء، حتى تصل إليهم التنبيهات، مع عرض وشرح الأضرار التي تسببها القبلة للطفل، للمساعدة على تغيير هذه العادة السيئة، ولا مجال للخجل أمام صحة الطفل الرضيع، للحفاظ على مستقبله، ومنعاً لانتقال الكثير من الأمراض إلى بدنه الصغير ومناعته الضعيفة.

وقد ذكرت إحدى الدراسات أن الأب قبل ابنه الرضيع البالغ من العمر ثلاثة أشهر من فمه، ما أدى إلى تدهور حالة الطفل وساءت بوتيرة سريعة، إلى أن وصل إلى حالة الوفاة، وكانت صدمة الأب كبيرة، ولم يتخيل أبداً أن هذه القبلة التي طبعها على فم ابنه الرضيع ستقوده إلى حتفه وموته، لأن الأب كان مصاباً بنوع من فيروسات البرد، ونقلها إلى الطفل، الذي انتقل على إثرها إلى غرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات إلى أن فارق الحياة، كما أن تقبيل خد الطفل أيضاً يمكن أن يمثل خطورة، لأن القبلة يمكن أن تقترب من فم الطفل، أو يمكن أن تكون على جانبي الفم نفسه، وبذلك تدخل الميكروبات والفيروسات أيضاً، وزيادة في الحرص يمكن أن تستبدل قبلة الخد بقبلة اليد أو الجبهة، والنية الحسنة عند تقبيل الأطفال لا تقيه من الإصابة بالأمراض، والتعبير عن الحب والحنان بالقبلة، يؤدي بأطفالنا إلى الإصابة بأضرار جسيمة، ومنها الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، بداية من الحنجرة والشعب الهوائية، وقد يتطور الأمر إلى إصابة الطفل بالتهاب رئوي حاد، وتزيد القبلة من ارتفاع الأزمات للأطفال المصابين بحساسية الشعب الهوائية والربو، فالمداعبة والإشارة إلى الطفل تكفي للتعبير عن الحنان والمحبة، وأيضاً اللمس فالطفل يتواصل مع الآخرين بصورة ما ويشعر ويتبادل الأحاسيس.

وعلى أقل تقدير يمكن أن تكون القبلة سبب في تكوين ونمو فطريات على لسان الطفل وداخل فمه، وكثير ما نلاحظ ذلك على أطفال كثيرين، وذلك يكون بسبب قبلة من فمه، ويمكن أن تظل مضاعفات القبلة كامنة وتبدأ في الظهور بعد إكمال الطفل لعامه الثاني، وتظهر عليه علامات التعب وأعراض الأمراض السالفة الذكر، ولابد من تغيير ثقافة الكبار في هذا الموضوع وزيادة الوعي بأن الفم تستوطن داخله أنواع كثيرة من الميكروبات والفيروسات، وتسكن هذه الميكروبات في اللثة وخلف تجويفات الأنف وبين فوارغ الأسنان، وهذه الميكروبات لا تضر البالغين بسبب المناعة الجيدة، لكنها تصبح في غاية الخطورة على صحة الأطفال الرضع، لأن المناعة غير قادرة على المواجهة، وإذا أضقنا أن صاحب القبلة من المدخنين فإن الكارثة أكبر، لأن فم المدخن مخزن لمخلفات التبغ، وعند القبلة يكون الطفل أكثر عرضة لملوثات وأضرار التدخين.

وقدمت العديد من الدراسات بعض النصائح للأم في موضوع تقبيل الرضيع، ومن هذه النصائح أن على الأم ألا تقبل طفلها الرضيع إذا أحست أنها مصابة بأمراض البرد، أو بفيروس «القوباء»، كما أنه في الطبيعي لا يسمح بتقبيل الأطفال الرضع قبل مرور ثمانية أسابيع على الأقل بعد الولادة، ولابد أن تعرف الأم الحالة الصحية لمن يقتربون من الرضيع من الأقارب والأصدقاء والأهل، حتى لا تنتقل إلى الصغير العدوى، ولا تتركهم يقبلونه، وتحدثهم عن أضرار القبلة كما ذكر لها الطبيب المعالج، ويمكن لهم أن يداعبوا الطفل بالأحضان والكلمات، وأيضاً تمنع الأم الأطفال الصغار من تقبيل الرضيع، لأنهم ليس لهم دراية ولا وعي، ودائماً ما يقتربون من الطفل ويحاولون تقبيله من فمه، ولا مانع من مداعبته ومسك يديه من قبل الأطفال، على أن يكونوا في حالة صحية جيدة وغير مصابين بمرض البرد أو الحساسية، وتشدد الدراسات على جانب منع تقبيل الطفل من فمه تماماً إلا الأم بعد التأكد أنها سليمة، وما زالت الأبحاث جارية حول قبلة الأم وأهميتها.

فور وصول الطفل إلى محطة الحياة، وفور خروجه من بطن أمه، وبعد إتمام عملية الولادة بسلام، تنهال عليه القبلات من كل حدب وصوب، فرحة بقدومه إلى الدنيا، فكثير من الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء يفعلون ذلك حباً في الهدية الربانية، ويعتبر تقبيل الأطفال نوعاً من العادات الشائعة والمستقرة في بلادنا العربية بهدف إظهار نوع من الحب والعطف، وهي من الطرق المنتشرة في المجتمعات العربية للتعبير عن الحنان، ويمكن أن تزيد وتظهر هذه العادة فى حفلة العقيقة أو حفلة يوم «السبوع» للطفل، كنوع من المجاملة المتبادلة بين الأهل والأحباب، لكن هذه القبلة البسيطة يمكن أن تكون وسيلة ناجعة لنقل بعض الأمراض عن طريق وصول البكتيريا والفيروسات إلى فم الصغير، خاصة في مرحلة الثلاثة أشهر الأولى، والتي يكون فيها جهاز المناعة ينمو، ولم يكتمل بعد وفي حالة ضعف، ولا يستطيع أن يقاوم هذه الفيروسات والميكروبات.