عبد الحفيظ سعد يكتب: هل يصفى الإخوان أحمد المغير بعد فضيحة سلاح رابعة؟

مقالات الرأي



فتى الشاطر كشف حقيقة التسليح وأماكنه فى الاعتصام بإشراف قيادات التنظيم

■ الإخوان اتهموا «المغير» بالعمالة للأمن والشذوذ الجنسى عقب حديثه عن المستور

■ اعتراف الشاب الإخوانى يبدد خطط التنظيم لغسيل السمعة وخطاب «المظلومية» والترويج للمصالحة


خلت الذكرى الثالثة لأحداث فض اعتصام رابعة فى 14 أغسطس 2013، من تفجيرات وأحداث عنف، كما اعتاد الإخوان على مدار العامين الماضيين، باستقبال الحدث بمحاولة إحداث عنف، سواء بشكل مباشر أو معلن أو عن طريق التنظيمات المرتبطة بالجماعة.

تغيير الإخوان فى تكتيكهم هذا العام فى الاحتفال بذكرى رابعة، جاء بناء على خطة جديدة بدأ الإخوان يتبعونها، لا تقوم على استعمال العنف أو التهديد به، كما كان يحدث فى العامين الماضيين، بل سعى الإخوان لاتباع تكتيك يعيد فكرة «المظلومية»، وهو الأسلوب الذى تلجأ إليه الجماعة عندما تشعر بالضعف أو وجود انفضاض من حولها.

لذلك وجدنا الإخوان اتخذوا أسلوبا مختلفا فى الاحتفال بذكرى فض الاعتصام، قامت هذه المرة على أسلوب يسعى لمحاولة غسل سمعة التنظيم من العنف والإيحاء أن الاعتصامين اللذين فضا فى رابعة والنهضة لم يكونا اعتصامين مسلحين، فنجد أن الإخوان اتبعوا أسلوبا جديدا، يقوم على محاولة تصدير صورة مختلفة عن الحالة الدموية وخطاب العنف والوعيد والانتقام الذى كان يروجه التنظيم فى السابق.

واستبدل الإخوان صورة العنف، إلى تصدير صورة جديدة، وذلك بناء على نصيحة مكتب استشارات إعلامية بريطانية، استعان به الإخوان للعمل على غسل الصورة السابقة للتنظيم، ومن هنا أخذ الاستعداد لذكرى رابعة شكلا مختلفا، غاب عنه خطاب العنف والتحريض هذه المرة، ليأخذ شكل احتفالات بمعسكرات استند تنظيمها إلى الممثل المعتزل وعضو التنظيم وجدى العربى الذى أوكل إليه العمل على إقامة مخيمات رابعة فى عدة عواصم، كان أبرزها معسكر شاطئ فى مدينة «بولو» التركية، ومخيم آخر فى ماليزيا، وتقوم فكرة المعسكرات، على وجود عدد من الشباب والفتيات يعزفون على آلات موسيقية بالقرب من أحد الأنهار وسط مناظر طبيعية خلابة، فيما تتم استضافة عدد من المواطنين وأعضاء التنظيم الذين شاركوا فى اعتصامى رابعة والنهضة والمقيمين حاليًا فى الخارج.

ورغم أن هذه المعسكرات كانت محل استهجان من عناصر التنظيم المتزمتة، وتعرضت لانتقاد منهم، باعتبار ما شاع فيها أنه «الفجور بالغناء والموسيقى واختلاط الجنسين معنا»، إلا أنها كانت فرصة لترويج سلمية الإخوان، خاصة أنه تزامن مع ذلك الفيلم الوثائقى التمثيلى الذى أعدته قناة «الجزيرة» والذى حاول الزعم بأن اعتصام رابعة كان سلمياً.

لكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن الإخوانية، ليخرج الاعتراف الذى جاء على لسان الشاب الإخوانى أحمد المغير والملقب بـ«فتى خيرت الشاطر» ويفجر فيه مفاجأة أربكت خطط الإخوان وتكتيكهم الجديد، بمحاولة تصوير اعتصام رابعة أنه اعتصام سلمى، ومحاولة استغلاله وترويجه عالمياً، وتحويله لمظلومية للتنظيم على غرار ما قاموا به فى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين فى التهويل فيما عانوه من تعذيب فى السجون فى عهد جمال عبدالناصر.

وجاءت اعترافات «المغير» الذى يكشف عن جزء من المستخبى أو ما سعى الإخوان لإخفائه عن السلاح الذى كان بحوزة عناصر الإخوان والمعتصمين، وجاء اعتراف المغير على حسابه، أكد فيه أن اعتصام رابعة العدوية كان «مسلحا» بالأسلحة النارية (كلاشنكوف وطبنجات وخرطوش وقنابل يدوية ومولوتوف، وغيرها) وأن «السلاح كان كافيا أن يصد الداخلية والجيش ويمنعهم من فض الاعتصام».

ويكشف «المغير» فى اعترافه، أن الاستعدادات كانت من الإخوان، وتسليح للاعتصام، لمواجهة قوات الشرطة والجيش إذًا حاولت فضه، ولكن قبل الفض تم سحب 90% من السلاح الذى كان بحوزة عناصر التنظيم، ولم يتبق منه سوى 105 قطع، كانت بحوزة ما أطلق عليه «سرية طيبة مول»، قائلا: «المكان ده كان عارفينه أهل رابعة على أنه المكان اللى وراء طيبة مول المطل على شارع أنور المفتى، المكان ده كان مميزا جدا وكان مشهورا على أنه مكان إقامة الجهاديين، سرية طيبة مول ليهم حكايتهم الخاصة، وغالبا هيفضلوا مجهولين للأبد».

ووقع اعتراف «فتى الشاطر»، كالصاعقة على قيادات الإخوان وعناصر التنظيم، خاصة أنه يربك حسابات التنظيم الذى كان يعد العدة لتحويل فض رابعة إلى مظلومية ومحاولة تدويل القضية فى المحافل الدولية، والذى وصل لحد أن وكالة أبناء «الأناضول» الرسمية التركية لفقت تصريحا على لسان نائب المتحدث الرسمى للأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، نسبت له كذباً، أنه طالب بإجراء تحقيق شامل بشأن فض اعتصام جماعة الإخوان فى ميدان رابعة العدوية، قبل ثلاثة أعوام، وهو ما نفاه جملة وتفصيلا المتحدث باسم الأمم المتحدة، واعتبره حديثا مختلقا، لأن الأمم المتحدة لم تتطرق لهذا الموضوع «نهائياً».

ولكن يدل التصريح الملفق على لسان الأمين العام للأمم المتحدة فى وكالة الأنباء التركية الرسمية، أن هناك خططا للإخوان بمحاولة تحويل قضية رابعة لملف دولى، من خلال الادعاء بأن الاعتصام كان سلمياً، وهو سبب عدم محاولة الإخوان تفجير أحداث عنف فى الذكرى كما يحدث العامين الماضيين، بل عمد التنظيم لأن يتحول الاحتفال بالذكرى باستخدام الأدوات الناعمة عبر المعسكرات.

ومن هنا جاء الرد الإخوانى العنيف على أحمد المغير رغم إجباره على حذف المنشور الذى جاء فيه الاعتراف من حسابه على فيسبوك، ومحاولة أن يغير كلامه.

ولم يكتف الإخوان بذلك، بل  سجلت المواقع الإلكترونية التابعة لتنظيم الإخوان وحسابات أعضاء من التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعى، هجوما على المغير، باعتبار أن اعترافه يمثل فضيحة سياسية لتنظيم الإخوان ويحمل قياداته المسئولية عن  الضحايا الذين وقعوا أثناء فض الاعتصام.

لدرجة أن شن موقع «رصد» الإخوانى الذى يدار من تركيا، هجوما لاذعا على المغير، وصل لحد اتهامه بالعمالة للأمن، ونفى الموقع انتماء المغير من الأساس للإخوان، وأنه كان مجرد «أحد المحبين والمؤيدين» للتنظيم.

الاتهامات بالعمالة للمغير لم تتوقف، بل إن حسابات الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعى اتهمت المغير بأنه «مريض نفسى وشاذ جنسياً»، كما جاء على تعليقات الإخوان على منتدياتهم وعلى منشور كتبه أحد أعضاء الإخوان «عمار مطاوع» فى حسابه على فيس بوك.

الهجوم على المغير من قبل الإخوان جاء من خطورة اعترافه بوجود سلاح بمعرفة وترتيب من قيادات الإخوان فى اعتصام رابعة، خاصة أن «طيبة مول» المكان الذى ذكره المغير فى منشوره، كان يديره عدد من قيادات الإخوان هو وفيللا قريبة منه، ذكر وقتها أنها كانت مخزنا للسلاح أثناء الاعتصام، ويعنى هذا أن المغير ورط عناصر التنظيم باعترافه الخطير.

لذلك لا يعد الهجوم المضاد من عناصر الإخوان ضده، هو النهاية فى التعامل معه، خاصة بعد رفضه التنازل عنه، بعد استضافته فى أحد برامج قناة «الشرق» التى تروج للإخوان ويشرف عليها أيمن نور والتى سعت أن تثنى المغير عن اعترافه الذى يحمل إدانة كاملة لقيادات الإخوان التى شاركت ونظمت الاعتصام.

وربما يكون الاعتراف والذى جاء من أحد العناصر الفاعلة فى الإخوان والمعروف قربه من القيادات، خاصة خيرت الشاطر دليل إدانة ضدهم، بالإضافة أنه ينسف محاولات الإخوان لتحويل اعتصام رابعة لـ«مظلومية»، ومحاولة استخدامه كورقة ضغط على مصر فى حال إجراء أية مصالحة مقبلة مع الإخوان فى الفترة المقبلة، كما أن الاعتراف يبدد محاولة الإخوان فى تحسين صورتهم سواء فى الداخل أو الخارج.

ومن هنا وجدنا رد الفعل العنيف من قبل الإخوان على اعتراف المغير، والذى تجاوز مجرد اتهامه بالعمالة للأمن أو الخلل العقلى أو الجنسى، وربما يصل لمحاولة تصفيته جسدياً حتى تطمس معه حقيقة وجود تسليح للاعتصام فى رابعة، ويقطع الطريق أمام أى اعترافات من عناصر أخرى فى التنظيم، وساعتها ستتحول الإدانة للإخوان بتحميلهم المسئولية عن الدماء التى أريقت أثناء فض الاعتصام.

احتمال تصفية المغير من قبل الإخوان، ليست مستبعدة فى الإخوان تجاه عناصر منتمية لهم، وسبق أن قام الإخوان بتصفية سيد فايز عبد المطلب الذى دبر الإخوان تفجيرًا عندما خرج عن طوع النظام الخاص فى الخمسينيات، فهل ينتظر المغير نفس المصير؟ خاصة أنه هارب خارج مصر ولا يعرف مكان وجوده سواء فى تركيا أو قطر، مما يجعله صيدا سهلا، وبانتهائه تغيب معه الحقيقة.