أهالي "أرض البحر" يغرقون في مياه الصرف.. وينتظرون "الموت صعقا"

تقارير وحوارات

أهالي أرض البحر يغرقون
أهالي "أرض البحر" يغرقون في مياه الصرف

ما بين المياه الغير صالحة للشرب، والشوارع الغير مهيئة للحياة الآدمية، إلى الأسلاك الكهربائية وأبراج الضغط العالي المعلقة أعلى المنازل، والتي تسببت في إنهاء حياة الأبرياء من الأطفال والكبار الذين ليس لهم أي ذنب سوى السكن في منطقة "أرض البحر" بمحافظة الجيزة. 

ورصدت "الفجر" في جولة لها بالمنطقة معاناة الأهالي ومشكلاتهم التي يواجهونها خلال حياتهم اليومية في المنطقة، والتي بسببها تعرض بعضهم إلى الموت. 

أبراج الضغط العالي أعلى المنازل

وأشار عبد الوهاب محمود، أحد السكان بالمنطقة، إلى أن منزله تحت أبراج الضغط العالي للكهرباء، موضحاً أن تلك الأبراج تسببت له هو وزوجته في الإصابة بمرض الصرع، قائلاً: «الضغط العالي تسبب لي أنا وزوجتي في صرع وتشنجات»، مطالباً الدولة بأن تهتم بمنطقة أرض البحر وأن يرحموا سكانها من أخطار أبراج الضغط العالي التي تسببت في موت الكثيرين من سكان المنطقة وأكثرهم من الأطفال الأبرياء.

حالات وفاة بسبب الضغط العالي

وروى أحد سكان المنطقة عدد من روايات لبعض السكان الذين توفوا بسبب أبراج الضغط العالي فوق المنازل، فقال: «كان يوجد أحد العمال الذين كانوا يبنون سقف أحد البيوت ولمس أسلاك أحد أبراج الضغط العالي التي تسببت في كهربته ووفاته في الحال، كما أن أحد الأطفال كان يلعب فوق سطح منزله وعند لمسه لتلك الأسلاك توفي أيضا»، مشيراً إلى أن هناك الكثير والكثير من الحالات التي تسبب الضغط العالي في وفاتهم.

 

-مياه شرب مخلطة بـ"الصرف الصحي"

في البداية عرض فتحي كامل علي، أحد سكان منطقة أرض البحر، مشكلة المنطقة الأولى وهي مشكلة المياه التي أشار إلى أنها تكون مخلوطة بمياه المجاري، مؤكداً أن تلك المياه تسببت في فقدانه أحلى كلياته وتلف في الأخرى، قائلاً: «إحنا بنشرب مياه مجاري واشتكينا كتير وتعبنا وفيه ناس ماتت بسبب المياه ومحدش سامع عننا حاجة، المنطقة كلها لو ماتت محدش هيتحرك لأننا رخاص».

  

مأوى البلطجية

 

وأضافت دنيا عثمان، أحد سكان المنطقة، أن مشاكل منطقة أرض البحر لم تكمن في أبراج الضغط العالي للكهرباء الكارثية ولا مياه المجاري الغير صالحة للشرب، إنما تكمن في البلطجية الموجودين داخل المنطقة، مشيرة إلى أنها أصبحت مأوى للبلطجية الذين يقومون بالسرقة وخصوصاً سرقة التكاتك، قائلة: «الحرامية عملوا من منطقة أرض البحر مأوى ليهم فيسرقوا ويرجعوا يستخبوا فيها، وكمان فيه هناك كتير تكاتك مسروقة بيتم سرقتها ويفككوها ويبيعوها، وكمان أوقات البلطجة بتوصل للقتل وده كله في غياب من المسئولين والشرطة، إحنا بنبلغ وبنقدم شكاوي ومحدش بينزل يشوف الوضع اللي إحنا فيه».

 

وأضاف محمد إبراهيم، إلى عدم وجود نقطة للشرطة هناك مما يسهل للبلطجية ممارسة بلطجتهم بسهولة في وضح النهار قائلاً: «المنطقة مفيهاش غير كمين على الدائري غير دائم ولا يوجد نقطة شرطة تحمينا فنحن لا نتحرك بحريتنا لغياب الأمان بالمنطقة».

 

مقالب قمامة

 

فيما أشار سعيد محمد، أحد سكان المنطقة إلى القمامة المنتشرة هناك، والتي تسبب لهم العديد من الأمراض، واصفاً الشوارع بمقالب القمامة ذات الرائحة النفّاذة الكريهة والتي تسبب للأهالي مشاكل صحية لا حصر لها، موضحاً أن عمال النظافة لم يأتوا للمنطقة، بل تظل القمامة عالقة بالشوارع إلى أن يتطوع أحد السكان بإزالتها ونقلها لأحد الشوارع الرئيسية خارج المنطقة كلها، لتكن بمتناول عمال النظافة.

 

- مشاكل أطفال «أرض البحر»

 

فيما اشتكى عدد من الأطفال من طعم المياه التي وصفوها بأنها مخلوطة بمواد غير صالحة للشرب، كما عبروا عن استيائهم من وجود أسلاك كهرباء في الأرض وأعلى أسطح المنازل، قائلين: «إحنا مبنعرفش نلعب من الكهرباء في الشارع ولا على أسطح بيوتنا بسبب أسلاك الكهرباء دي موتت ناس كتير وكمان حيوانات وإحنا بنخاف منها».

 

- عواقب بناء أبراج الضغط العالي في مناطق سكنية

 

وبالنسبة لخطر أبراج الضغط العالي، فقد وضعت وزارة الكهرباء جدولاً محدداً للمسافات بين أبراج الضغط العالي وبين المواطنين القاطنين بالقرب منها، مشددة على ضرورة الالتزام بهذه المسافات لضمان سلامتهم وحمايتهم، وذلك في إطار القانون رقم 63 لسنة 1974 وتعديلاته، والذي ينص على أن يحظر على صاحب العقار الذي تمر فوقه أو بالقرب منه أسلاك الخطوط الكهربائية ذات الجهود الفائقة أو العالية أو المتوسطة أن يقيم مبان على الجانبين، إذا كان العقار أرضًا فضاء، أو أن يرتفع بالمباني إذا كان العقار مبنيًا أو أن يزرع أشجارًا خشبية إذا كان أرضًا زراعية، وذلك دون مراعاة المسافات المنصوص عليها في المادة رقم "6"من القانون وحالة مخالفة هذا الحظر يتعين الحكم على وجه الاستعجال بهدم المباني المخالفة وإزالتها أو قطع الأشجار على نفقة المخالف.

 

ويشمل الجدول الذي وضعته الوزارة مجموعة من المسافات منها 25 مترًا للخطوط الهوائية للجهود الفائقة، و13 مترًا للخطوط الهوائية للجهود العالية، و5 أمتار للخطوط الهوائية للجهود المتوسطة و5 أمتار لكابلات للجهود الفائقة والعالية، ومترين لكابلات الجهود المتوسطة والمنخفضة.

 

مخاطر أبراج الضغط العالي على المواطنين

 

 وعن المخاطر التي تصيب المواطنين يقول دكتور محمد عبد الرؤوف، أخصائي المخ والأعصاب، إن خطوط الضغط العالي تتسبب في خروج أشعة كهرومغناطيسية وأن تلك الأشعة تؤثر على الإنسان جسديا وعقليا ونفسيا، وهذا التأثير يزداد في حالة زيادة الذبذبات الخاصة بالإشعاع، وزيادة فترة التعرض له، كما يتفاوت التأثير وفقًا لنوع الملابس التي يرتديها الشخص، حيث تعمل بعض الملابس كعاكس للموجات.

 

وأكد عبد الرؤوف في تصريحه لـ«الفجر» أنه كلما قل عمر الشخص، زاد امتصاص جسمه للإشعاع من خطوط الضغط العالي، فالكمية التي يمتصها الطفل أكبر من التي يمتصها البالغ بمعدلات كبيرة.

 

وأشار إلى أن التعرض للتيار الكهرومغناطيسي العالي يضاعف من إمكانية حدوث سرطان الدم، كما أنه يؤثر على المواد البروتينية الموجودة في عدسة العين فتسبب لها التهابات مزمنة، كما أن تلك الموجات تزيد من احتمال اصابة الأطفال بسرطان الدم.

 

مخاطر المياه الملوثة

 

أما عن مخاطر المياه الملوثة يقول دكتور زكريا عوارة، استشاري أمراض باطنة، أن الأمراض التي تنتقل عن طريق تلوث المياه هي كل الأمراض المعدية كـ«الديزونتاريا، والطفيليات، والتايفويد، والڤيروسات الكبدية، والنزلات المعوية»، مؤكدا لـ«الفجر» أن الأطفال أكثر عرضة للمرض من الكبار حيث أن مناعتهم تكون ضعيفة فتتقبل المرض بسهولة.


محافظ الجيزة يرد على الأهالي بـ"سنبدأ الحل"

 

ومن جانبه أكد اللواء كمال الدالي، محافظ الجيزة، أن منطقة أرض البحر من ضمن خطة تنمية المحافظة الجاري البدء فيها في نهاية الشهر الجاري قائلاً: «مشاكل المياه وأبراج الضغط العالي للكهرباء والقمامة الموجودين بمنطقة أرض البحر سنبدأ في حلها نهاية شهر أغسطس وستحل أزمات المنطقة في أقرب وقت».

 

وعن غياب الشرطة من المنطقة يقول الدالي، في تصريحه لـ«الفجر» إن غياب الشرطة وانتشار البلطجة في المنطقة ليس من اختصاصات المحافظة، فالحل بيد وزارة الداخلية وليس المحافظة، فهي مسئولة فقط عن تنمية المنطقة من العشوائية الموجودة فيها وليس اخلائها من المجرمين، مطالباً بعدم خلط الاختصاصات.


لمشاهدة الفيديو اضغط هنا