رجال ونساء على "فراش الخيانة".. قصص واقعية واعترافات تكشف عن نوع آخر من الإدمان

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


عليك أن تمر بجوار محكمة الأسرة فقط لتصدم من روايات النساء عن الخيانة الزوجية والرجال عن خيانة زوجاتهم ٬ فقد ازدادت نسب الخيانة الزوجية في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ٬ ولكن لم تكن الخيانة فقط للأزواج٬ بل تمثلت أيضا في العلاقات ما قبل الزواج سواء في مرحلة الخطوبة أو حتى في مرحلة الارتباط وهو ما يعرف بتعدد العلاقات .
 
وهو ما أوضحه الدكتور إيهاب الخراط، أستاذ الطب النفسي، الذي علق على بعض الحالات التي روت تجربتها المأساوية مع الخيانة لـ"الفجر"، بأنه مرض يشبه أحيانا حالة الإدمان ويتشابه توصيفه مع توصيف مدمني المخدرات  فهناك من يدمن العلاقات لإحساسه بالأمان أو ادمانه للجنس نفسه وهو ما يعرف بـ"الإدمان السلوكي" .
 
بالإضافة لعدة عوامل من ضمنها سماح المجتمع نفسه في حالة الذكور بتعدد العلاقات وتعدد الزوجات  فهناك مجتمعات لا تجد اشكالية في تعدد العلاقات لدى الرجل ولكنها تحرمه على المرأة مما يجعل الشاب معتاد على جمع أكثر من علاقة في آن واحد .
 
الذكور أكثر نسبة عن الإناث في تعدد العلاقات
وتفيد الدراسات أن الذكور هم أكثر نسبة في الإناث في تعدد العلاقات، ولكن تجتاز الإناث نسبة عدد العلاقات في حالة اصابتها بالمرض٬ أي أنه في حالة تعدد العلاقات لدى الشاب من الممكن أن يجمع علاقتين في آن واحد ويكتفي بذلك، أما الفتاة في هذه الحالة يمكنها جمع أكثر من ثلاث علاقات في آن واحد .
 
علاقة من أجل "الجنس والمال"
ولم تقتصر أسباب الخيانة الزوجية أو تعدد العلاقات فقط على المجتمع أو النشأة، بل ترجع أيضا لعدة أسباب منها الشخصية الاعتمادية٬ وهي أن يحتاج الشخص طوال الوقت للاعتماد على شخص داخل علاقة سواء جنسيا أو ماديا أو لأي سبب اعتمادي آخر .
 
وهذا متمثل في حالة "م.أ"،  التي تروي لـ"الفجر" باكية وتقول: "ليس بيدي حيلة فيقول عني من يراني أن اسمي على مسمى، تزوجت وأنا ابنة الـ١٧ عام وأنجبت ٦ أطفال وزوجي عمره ٦٠ عام ٬ كهل ولكنه يحاول أن يعمل كل ما بوسعه حتي يمنحنا الحياة ورغيف العيش ٬ تعرفت على رجل ميسور الحال كان يغدقني بالأموال في بادئ الأمر  فظننته أنه تأثر بحالنا ويحاول مساعدتي  ولكنه طلب مني بعد ذلك علاقة آثمة حتى يستمر في مساعدتي  فوافقت واعتمدت عليه في تربية أولادي وتلبية مطالبهم".
 
ويفسر "  الخراط " ما روته (م.أ) بأنها شخصية اعتمادية أرادت شخص ما في علاقة للاعتماد عليه ماديا ومعنويا أيضا، مشيرًا إلى أنه يمنحها المال والجنس الذي لا يقوي زوجها عليه الآن .
 
يخون من أجل "المزاج"
وأضاف" الخراط " أنه لذلك يوجد ما يعرف بالشخصية البينية التي تمتاز بكثرة تقلب المزاج مما يجعلها تمل من العلاقات بسهولة وتبحث عن علاقة أخرى من أجل تلطيف أجواء المزاج .
 
ونرى ذلك متمثلا في "ه . ا "  التي روت قصتها لنا وهي باكية لما حدث لها، فتقول إنها تعرفت على زوجها السابق في عملها في شركة للأدوية وكان طبيب مثله٬ متابعة: "تزوجنا ووقفنا بجانب بعضنا البعض حتى مرت ٧ سنوات على الزواج أثمرت طفلا كان أهم ما نملك٬ وكانت حياتنا مستقرة حتي أرسلني زوجي يوما لزيارة والدتي التي تسكن بمفردها والتي يعلم بأنني سأمكث لديها مدة الثلاث ايام ٬ ثم فوجئت بأحد جيراني يتصل بي ليبلغني بأن عفشي أمام شقتي  هرولت مسرعة إلى منزلي لاكتشف الفاجعة وهي أن زوجي سرق مصوغاتي الذهبية وقام ببيع الشقة وبعض محتوياتها الثمينة، وعندما اتصلت عليه لم يجب على هاتفه، وبعد يومين من البحث عنه في حالة ذهول اكتشفت أنه طلقني غيابيًا٬ ثم تزوج بزميلة لنا في نفس المكتب الذي نجلس به في الشركة .
 
ويعلق " الخراط " على حالة "ه.ا " بأن زوجها من الممكن أن نصفه بالشخصية البينية متقلبة المزاج٬ والذي اتضحت في انصرافه عن زوجته دون أسباب واندفاعه نحو أول شيء طرأ على ذهنه دون حسبان نتيجته ودون الشعور بالمسئولية نحو زوجته وطفله .
 
إدمان الجنس وإيذاء الآخرين
ويكمل " الخراط " أن هناك أيضا شخصية مضطربة كارهة للمجتمع بسبب إساءات تم التعرض لها منذ الصغر، فتلجأ للانتقام من الجنس الآخر في معرفة أكثر من شخص لمجرد اشباع رغبة والتلذذ من خداعهم .

وقالت ( ق.ع) لـ"الفجر" إنها تعرضت للخيانة الزوجية من زوجها بعد زواج دام أكثر من ١٥ عام ولكنها لم تنعم بزواجها لفترة طويلة بل أنه ظهر على حقيقته على حد قولها بعد ٣ سنوات من زواجها وبعد سفرهم واستقرارهم في ألمانيا٬ فكان زوجها يعمل بودي جارد لأحد الملاهي الليلة ويعتاد ممارسة الجنس مع السيدات اللاتي يعملن معه  ثم تطور الأمر بأنه أخذ منزله مكان لخيانته أمام زوجته ويطالبها بتصويره أثناء فعلته٬ وعندما كانت ترفض كان يعتدي عليها بالضرب ويهددها بالقتل أو ترحيلها إلى مصر تاركه لأطفالها٬ ولم تسطيع أن تنقذ نفسها إلا بعد ١٥ عام٬ هربت واتت إلى مصر تاركة أبنائها بعد ان اطمأنت من أن السلطة يمكنها الحفاظ عليهم لتمتعهم بالجنسية الألمانية .
 
وعلق الدكتور إيهاب الخراط علي رواية "ق.ع" بأن زوجها شخصية مضطربة معادي للمجتمع ووصل لأبعد درجة في العدوانية وإيذاء من حوله٬ ومن الممكن عودة أسباب أفعاله هذه وتعدد علاقته بسبب تكوين شخصيته القوية التي اختارها لنفسه لحماية الآخرين وفرض السيطرة عليهم  ومن الممكن أن يكون مدمن للجنس مما اضطره لتعدد العلاقات .
 
خيانة بسبب الإساءة والبحث عن الحنان
وأوضح الخراط أن هناك شخصية أخرى تعرف بخزان الحنان وهذه الحالة يصفها أطباء النفس بأنها ترجع لخلل في خزان الحنان لدى الطفل أثناء طفولته، ويرجع سببها لفقدان عزيز أو عدم الاهتمام أو نقص في مخزون الحنان لديه، مما يجعله في الكبر باحثا لتعويض هذا الخلل فيبحث على أكثر من علاقة تغمره في الحنان .
 
وروت (س.ع) قصتها مع زوجها قائلة : "كان يحبني جدا ويحسدني من حولي على هذا الحب ولم يكن احد يتخيل ان علاقتنا تنتهي هكذا ٬ اكتشفت خيانته بالصدفة عندما اطلعت على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به لأرى مالم أكن أتوقعه يغازل فتاة غيري بنفس الكلمات التي يغازلني بها ويتفقان على الخلاص مني بطردي من منزلي والاعتداء علي بالضرب وغيرها من الخطط الشيطانية التي كانت تدفعه نحوها٬ لكي تفوز به"، ثم صمتت لدقائق واستطردت قائلة إنها لم تكن تعرف بعلاقات زوجها المتعددة إلا بعد الطلاق، بعد أن بدأت تحكي لمن حولها من أصدقائه والدائرة المحيطة ليفاجئوها بأن هذه السيدة لم تكن الأولى في حياته قبل أو بعد الزواج، وأنه متعدد العلاقات، وتروي أيضا أنه كان مازوخيا يعشق الإهانة والضرب قبل إقامة أي علاقة جنسيه بينهما.
 
فقال "الخراط" تعليقا علي سبق أن المازوخية ليست سببا كافيا لخيانة الزوج في هذه الحالة٬ فهناك حالات مازوخية كثيرة لديها وفاء للعلاقة ولكنها تجد ما تريده داخل علاقتهم  ولكن من الممكن أن تكون الزوجة فشلت في أن تمنحه ما يريد في العلاقة الجنسية فذهب باحثا عن علاقة يجد فيها ما يريد  ولكن في جميع الأحوال هذه الحالة من المتوقع أن تكون تعرضت للإساءة في الصغر وهو ما أثر عليه وجعله يستمتع بالإساءات وهو ما أضطره لتعدد العلاقات .
 
زوجة تخون زوجها في أول يوم زواج
و على غير العادة في صمت الرجال عندما يتعرضوا للخيانة تحدث لـ"الفجر"،  (ر.ر) ابن الثلاثين عاما الذي قرر أن يتزوج من فتاة صغيرة لتعينه على متاعب الحياة خاصة وأنه غير ميسور الحال،  فرشحت والدته له إحدى الفتيات التي تصغره بـ ٨ سنوات، وبالفعل تزوجها وأتى لها بسكن بجوار والدتها٬ وبعد عام من الزواج رزق بطفلة منها  ولم يمر كثيرًا على وقت فرحه بمولودته حتى ظهر الاضطراب على زوجته وعلى والدتها مما جعله يراقبهما حتى يعلم بما يخفون عنه إلى أن جاءته الطامة الكبرى التي تمثلت في رؤية حماته تتوسل لشاب جارهم حتي لا يفضح ابنتها، ليكتشف أن زوجته كانت تحب هذا الشاب قبل الزواج واستمرت علاقتهما سويا، وعند مواجهة الشاب اعترف له أن زوجته تخونه من أول يوم زواج وكانت تنتظر ذهابه للعمل حتى يتقابلا في منزله وعلى فراشه٬ كاد أن يقتل الشاب حينها ولكنه تماسك من أجل اكتشاف باقي الحقائق، فكان يريد معرفة إذا كانت الطفلة ابنته أم ابنة الشاب الآخر، ولكن أثبتت التحاليل والمحكمة بأن الطفلة ابنته ليحمل على عاتقه تربيتها بعيدة عن أمها بعد ما حدث منها واكتفى بتطليقها وحرمانها من ابنتها .
 
التعافي من مرض الخيانة
أما عن طرق التعافي فذكرها لنا " الخراط " قائلا، إنها تأتي عن طريق برنامج الـ٩ خطوات الذي يتشابه مع برنامج الإدمان وذلك عند اعتبار أن مريض تعدد العلاقات لديه إدمان سلوكي فلابد وأن يتبع معه خطوات التخلص من إدمانه على عدة خطوات، ومنها أيضا العلاج الجمعي والذي يجمعه الطبيب النفسي مع زملائه لانتقال الخبرات ومحاولة مقاومة سلوكه .

وأضاف أنه يمكن العلاج أيضًا عن طريق العلاج المعرفي السلوكي الذي يبحث في أعماق الشخص والتوصل لمعرفة السبب الحقيقي وراء هذا المرض ومقاومته، أو العلاج المعرفي الجدلي الذي يتماثل في مجادلة السلوك ومحاولة تقويمه ومحاولة تعليمه استبدال هذه العادة بعادة ايجابية مفيدة، وفي أغلب الأحيان يلجأ المريض للعلاج بعد اصابته بالإكتئاب المزمن أو زيادة العدوانية لديه ضد المجتمع أو من حوله .